داوود الصايغ لـ “لبنان الكبير”: رفيق الحريري رجل الانجاز الوحيد

تالا الحريري

إذا عدنا بالتاريخ الى ١٤ شباط ٢٠٠٥، نرى أنّنا منذ ذلك اليوم ونحن نعيش وسط مستنقع مظلم، ليس بسبب اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري فحسب، بل بسبب غياب شخصية وطنية كهذه ضحّت وقدّمت الكثير من أجل الوطن. حين استشهد الرئيس الحريري أخذ معه لبنان، ليبقى اللبنانيون تحت رحمة وجشع حكام الكرسي الذين لم يفارقوها منذ ٣٠ عاماً، وقد أغرقوا لبنان ومواطنيه في هاوية لا خروج منها.

١٧ عاماً على استشهاد من حمل هم الوطن على كتفيه. ١٧ عاماً على استشهاد رفيق اللبنانيين. وفي هذه الذكرى نستذكر بعضاً من محطاته في حديث لمستشار الرئيس سعد الحريري، داوود الصايغ، الذي قال لـ “لبنان الكبير”: “أنا لا أرى هذا اليوم موعداً للتذكر فحسب، بل هو موعد للشوق والتحسّر على زمن الكبار. رفيق الحريري ليس في ضميري أنا فحسب، بل أيضاً في ضمير معظم اللبنانيين الذين مع تراكم الأزمات يقولون أين أنت يا رفيق الحريري؟. هل كان سيبقيهم في العتمة؟ هل كان سيبقي لبنان في هذا الجو من انعدام الثقة العربية والدولية؟”.

وأشار الى أن “رفيق الحريري بدأ نشاطه العام الاجتماعي على صعيد المجتمع اللبناني بتوزيع المساعدات قبل اتفاق الطائف حتى، من خلال إنشاء مؤسسة الحريري التي علّمت أكثر من ٣٢ ألف طالب وطالبة”.

أضاف: “من خبرتي ومرافقتي له، ليس هناك مسؤول منذ أيام الاستقلال وحتى الآن تحدّث عن العيش المشترك كما تحدّث رفيق الحريري. ورأينا مقدار تمسكه بهذه الثوابت لأنه تربى في هذه الأجواء في بيئته العائلية والصيداوية”.

وأكد أن “رفيق الحريري لم يُعد الاعمار فحسب، بل انتشل اللبنانيين من الركام المادي والنفسي. كانت لديه رؤية ومشروع، أعاد الثقة الخارجية الى لبنان والى اللبنانيين في ما بينهم، وكان شعاره لبنان أولاً. فلا أحد أخذ لبنان الى هذا المدى العربي والدولي كما أخذه رفيق الحريري. فليخبرنا هؤلاء الذين يتقاتلون على الكرسي ماذا أنجزوا أمام رجل الانجاز الوحيد؟”.

ولفت الى “الحدث الذي شهدناه يوم زيارة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني للبنان أثناء حكم الرئيس الحريري، وهذا انجاز كان يفتخر به، اضافة الى لقائه البابا مرّات عدة. وكان لهذا الحدث تأثير خصوصاً أن البابا قال سابقاً انّ لبنان ليس بلداً عادياً، هو رسالة تعدد وحرية للشرق قبل الغرب”.

أضاف: “قال البابا لرفيق الحريري في لقائهما الأول أنت المسؤول. تولّدت بينه وبين البابا كيمياء، اذ رأى فيه هذا الشاب الذي يحمل الهم، وبذلك أصبح الرئيس الحريري محاور الفاتيكان اللبناني والعربي والاسلامي، فكان يقول ما حدا أكبر من بلده. كان قائداً وطنياً، وحين استشهد عبّر البابا عن أسفه الكبير لهذه الخسارة”.

ولفت الى أن “الرئيس الحريري كان حريصاً جداً وأنا شاهد على لقاءاته مع البطاركة والرحبانيات ومع الفاتيكان. كان شخصية استثنائية أينما يذهب يحرّك الرياح معه. كان صديق المقررين من فلاديمير بوتين وغيره. وفي ذهن الرأي العام العربي والدولي كان لبنان هو رفيق الحريري”.

وختم قائلاً: “لا يمر كل يوم في التاريخ شخص من هذا النوع، وطبعاً حمل الشعلة من بعده نجله الرئيس سعد الحريري وكان في الاتجاه نفسه. نحن لا نريد أن نعيش على موعد التذكر حسب، بل نريد أن نعيش على الارث الذي تركه. فرفيق الحريري عانى كثيراً مع رؤساء الجمهورية والسوريين وسلطة الوصاية وعمل في أصعب الظروف. تعذّب كثيراً ومع ذلك كان لديه هدف يسعى اليه لكنه قُصف في عز العطاء. أمّا الاوطان فلا تغيب، الأوطان استمرار، ولكن قيمة المؤسسات من قيمة المؤتمنين عليها”.

شارك المقال