“النار بالنار”… صورة مشوشة

تالا الحريري

تجسيد قضية اللاجئين السوريين في الأفلام والمسلسلات ليس جديداً، فالسوريون لم يجدوا متنفساً سوى بالتوجه إلى الدراما لوصف الحالة التي يعيشونها سواء في بلادهم من قصف ودمار وتعذيب وترهيب ومعاناتهم أثناء السفر غير الشرعي أو الاضطهاد الذي يتعرضون له، وصولاً إلى حياتهم كلاجئين سواء في لبنان أو بلدان أخرى.

في الفترة الأخيرة ازدادت مشاهد رفض أطراف معينة وجود السوريين على أراضيها في تركيا ولبنان مطالبة بترحيلهم بإعتبار أنّ الحرب انتهت، ولما تسببوا به من مشكلات وأزمات اقتصادية. معظم المسلسلات السورية اليوم بات ينقل صورة السوري الموجوع الذي ليس بيده حيلة، فإمّا الهروب أو الموت، والعذاب واحد سواء في بلده أو في بلد الاغتراب.

من الأعمال التي اختارت نقل هذه الصورة من جديد في هذا الموسم الرمضاني، مسلسل “النار بالنار” الذي ضم نخبة من ممثلي الصف الأول مثل عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز وغيرهم من الممثلين المعروفين بأدائهم المتميز. ويروي المسلسل بصورة أساسية قصة تاجر عملة سورية يقيم في لبنان، ويضيء على ما يجمع بين السوريين واللبنانيين في زمن الحرب واللجوء إلى لبنان في أعقاب الثورة السورية التي بدأت في العام 2011، ويصوّر الأحداث التي عاشوها والعنصرية التي تعرضوا لها.

الناقد والاعلامي جهاد أيوب علّق على هذا العمل وأعمال الدراما عموماً في رمضان، وقال لـ”لبنان الكبير”: “لا خلاف على أنّ الدراما العربية أصبحت دراما إشكالية في حد ذاتها وهي لا تطرح الأمور الايجابية بقدر ما تضيء على الأمور السلبية من دون إيجابياتها. العمل الدرامي العربي عموماً أصبح مسيساً وصار انتاج الممكن من دون مسؤولية. العمل الممكن ينفذ بسرعة وببناء فكرة من دون وجود مسؤولية أخلاقية أو اجتماعية أو أسرية يعني يقام كعمل فني فقط”.

ووصف مسلسل “النار بالنار” بأنه “عمل مدروس فنياً، وإخراجياً قطع شوطاً جميلاً فلم نكن نشهد سابقاً مستوى فنياً كهذا على صعيد الدراما اللبنانية، لكن على صعيد الفكرة كان العمل في البداية مربكاً لأنّه كان يفرش القصة”، مشيراً الى أن “هناك جزءاً من الشعب اللبناني مارس العنصرية ضد السوريين، لأنّ جزءاً من السوريين الذين أتوا إلى لبنان اعتبروه بلدهم وهذا ولد استنفاراً من جزء كبير من اللبنانيين، ولا ننسى أنّ ما حدث في لبنان في فترة من الفترات كان بسبب داعش وأفراد سوريين، وهذا ما أدى الى رد سلبي من اللبنانيين. لكن طرح الفكرة في هذا المسلسل لم تكن مزعجة، يعني هناك لافتات رفضت وجود السوريين وهناك مجتمع معين طردهم، هذه القضية موجودة لكن طريقة تناولها في المسلسل لم تكن عنصرية وهذا لا يمنع في الدراما عرض هذه القضية طالما كانت هناك حلول، اذ كان هناك شخص لبناني عنصري لكن مجموعة لبنانية أخرى كانت غير عنصرية”.

ولفت أيوب إلى أنّ “الصورة الايجابية في المسلسل كانت أنّ اللبناني لا يزال يحاول اعطاء صورة جميلة عن الوطن وعن الانسان فيه على الرغم من كل شيء، وأعتقد أن الغاية من طرح هذا الموضوع أن نتناول هذه القضايا من خلال البيئة الواقعية. أنا لم أرَ في العمل شيئاً سيئاً لبنانياً بل رأيت اضاءة سليمة. يبدو العمل مدروساً دراسة جيدة ومنفّذاً بطريقة سليمة، مشكلة النص أنه كان يجب أن يكون أعمق، فهو ساذج في مكان ما، لكن الفكرة جميلة والنص لا يزال يعاني من خلل الماضي اللبناني وتزاوج الحاضر”.

وأكد أن “العمل عموماً أعجبني لأنه واقعي ومدروس وليس مطروحاً بصورة عفوية، يعني لا شيء في الدراما العربية أو ما يقدم في لبنان عفوي لكن إلى الآن الغاية السلبية من العمل ليست مطروحة لأن هناك جانباً سلبياً وايجابياً، أي العمل لم يتناول القضية العنصرية من إطار واحد بل تناولها عموماً واللبنانيون كانوا مدافعين ورفضوا العنصرية”.

شارك المقال