لا يمكن أن تمر أي حفلة يحييها قيصر الغناء كاظم الساهر مرور الكرام على الرغم من كثرة حفلاته على مر السنين، فحضور حفلته ليس حدثاً عادياً، انها لحظات الانفصال عن ضجيج العالم وسواده ليدخل الجمهور في لحظات من التجلي مع فنان يمكن القول انه آخر عمالقة العصر واَخر “الفنانين المحترمين”.
ولا يمكن لأي حفل له سوى أن يكون مهرجاناً من الحب والعشق والهيام والبهجة والشعور بالامتلاء العاطفي، حتى وان كنت مثل أغنيته “عاشق وانا ما لي حبيب”، فكيف اذا اجتمع صوت الساهر بليل بيروت المدينة التي ألهمت الشعراء والكتاب، وولدت من سحرها قصائد الحب والغزل التي كتبها الشاعر الكبير نزار قباني وغنى الكثير منها الساهر؟
كاظم في حفلته في واجهة بيروت البحرية مساء الجمعة بدا بكامل جاهزيته كما اعتاده جمهوره الذي وصل عدده الى أكثر من ستة آلاف متفرج حضروا من مناطق لبنان ومن العراق ودول الاغتراب ليطل الساهر بسحره وألقه وفي موعده، في التاسعة، ويفتتح الحفل كعادته بأغنية “عيد العشاق”، ويعلن بعدها أنه سيغني قديمه وجديده. وقدم أغنيتين من ألبومه الجديد “رقصة العمر” و”لا تسألي” التي قدمها لأول مرة ورافقه ميشال فاضل بالعزف على البيانو. ربما كلمات القصيدتين ليست بالجديدة ولا تختلف عما درج عليه كاظم في اختياراته، لكن ما يستحق التوقف والاشادة الألحان والتوزيع وأداء الساهر الذي أظهر قوة صوته وثباته وتجدده، ما يؤكد أنه فنان صاحب مشروع موسيقي وهب حياته لفنه ليظل عند حسن ظن جمهوره به، وليصل بنا الحال الى القول: “عندما يغني كاظم الساهر تكف الأرض عن الدوران”.
كاظم قدم خلال الحفل أغنيات البدايات العراقية التي لا تنسى وأبرزها “عبرت الشط” “عذبني زماني” و”اتدلل علي” و”لقعدلك ع الدرب قعود”، أما معشوقة الجماهير “أنا وليلى” فكانت “سيدة الحفل” حيث أداها الساهر بأداء أقل ما يمكن وصفه فيه بأنه “عظمة على عظمة”، اضافة الى رائعة الشاعر الراحل كريم العراقي “كثر الحديث” والتي قطع غناءه ليوصل رسالة تأخرت أكثر من عشرين عاماً عن كلمة “تحضري” في القصيدة، فقال ان كريم العراقي كان متخوفاً من هذه الكلمة وأن تفهم أنها من الحضارة في حين تعني في العراق أن تتجهز المرأة.
“زيديني عشقاً” و”حافية القدمين” أغنيتان لا تغيبان عن حفلات كاظم الساهر الذي يزيده العمر وقاراً وبريقاً ونجوماً تتساقط مع اَهاته وهتافات الحضور.
وكما اعتاد اختتم حفله بأغنية “قولي أحبك” ليخرج الحضور وهو في لهفة لموعد جديد مع الساهر الذي يجعلنا نزهد بغيره من المغنين.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.