محروقات أغلى… أزمة مستمرة

محمد شمس الدين

أزمة المحروقات التي استفحلت بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة في لبنان، دخلت اليوم فصلاً جديداً عبر رفع أسعارها إلى ما يقارب سعر دولار السوق السوداء، لكن فقدان المحروقات، وتحديداً البنزين، ما زال مستمراً، وما زالت السيارات مصطفة أمام المحطات بانتظار فتحها بعد أكثر من أسبوع على الإقفال، وذلك على الرغم من الحل السحري الذي أصرَّ عليه العهد القوي جداً، عبر فتح اعتمادات تقارب قيمتها 245 مليون دولار للمحروقات. فما سبب الأزمة اليوم؟

الكميات سبب الأزمة

أكدَّ الخبير المالي والاقتصادي الدكتور عماد عكوش في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن أسعار المحروقات كان لها دور بالأزمة في المرحلة السابقة، لكن اليوم المشكلة هي أن الكميات التي تُطرح بالسوق قليلة جداً، ومن الطبيعي عندما يكون معظم المحطات مقفلة أن تستمر الطوابير، حتى لو كانت المحطات المفتوحة تبيع المحروقات بأضعاف السعر الرسمي، هذه المادة حيوية واستهلاكها عال عند الشعب اللبناني، ولذلك قبل تأمين ما يكفي حاجة السوق ستستمر الطوابير، حتى لو أصبح سعر الصفيحة مليون ليرة.

من الكاذب؟

المصيبة أنه لا يمكن معرفة الكاذب، وفقاً لعكوش، إذ “يدّعي مصرف لبنان أنه يفتح الاعتمادات، وشركات الاستيراد تؤكد أنها توزع الكميات بين المحطات التي تقول إنه لا تصلها المحروقات، وهنا يُستغرب غياب الدولة، من الأجهزة الأمنية والرقابية التي يجب عليها الكشف على المحطات للتأكد من وصول المحروقات إليها وكمياتها، إلى وزارة الطاقة التي يجب أن تتابع مع الشركات للتأكد إن كانت توزع المحروقات بين المحطات، الكل يكذب ويرمي التهم لرفع المسؤولية عن نفسه، بينما المواطن يدفع الثمن الباهظ”.

الأرباح طائلة

الأرباح من قطاع المحروقات وتحديداً من خلال السوق السوداء طائلة جداً، يؤكد عكوش، “إن كان من المحطات التي يفتح معظمها ليلاً ويبيع في السوق السوداء، أو عبر الشركات التي تبيع لمحتكرين يخزنون ملايين الليترات، فمستحيل أن يحصل هؤلاء المحتكرون على هذه الكميات الضخمة عبر المحطات، من المؤكد أن الشركات هي من تزودهم بها. ويلفت عكوش إلى أن الأرباح التي يحققونها هي الضعف على الأقل، لكن من الأسعار المتداولة في السوق السوداء، يمكن احتسابها بضعفين وثلاثة وأكثر، وهنا يسأل عكوش: “لماذا يحصل كل هذا تحت عيون الدولة؟ هل من متواطئين سياسيين ونافذين مع التجار والمحتكرين؟”.

لا زحمة سير بعد اليوم

عن تأثير السعر الجديد في حياة المواطن، أكدت مصادر مطلعة أن الثمن باهظ جدا، ولا سيما أن رفع السعر عشوائي من دون خطط مدروسة، وقد يتسبب هذا الموضوع بانفجار اجتماعي، مشيرة إلى أن كل الحلول “السحرية” التي ابتدعها القابضون على البلد هدفت فقط لتعبئة جيوبهم، والشيء الوحيد “الإيجابي” أن اللبنانيين لن يعلقوا بزحمات السير، لأن أغلب السيارات ستكون مصفوفة إلى جانب الطرقات فارغة من البنزين.

أما لجهة النقل العام، فأشارت المصادر إلى أن “المزرعة مفتوحة اليوم، وكل سائق يسعّر على ذوقه، وذلك بسبب فشل الحكومة السابقة بتنفيذ الاتفاق على الخطة الشاملة التي تتضمن سعراً موحداً للسائقين العموميين”.

وفي هذا السياق، علم “لبنان الكبير” أن اجتماعاً حصل بين رئيس اتحادات النقل البري بسام طليس ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي وعد بتنفيذ الخطة.

وتهافت ممثلو النقابات المعنية بقطاع المحروقات على وسائل الإعلام، للتسويق لحملة رفع الدعم وحل الأزمة، وبالتالي تخليص الشعب اللبناني من طوابير الذل، لكن اليوم وعلى الرغم من السعر الجديد الذي هو بمثابة رفع الدعم، ما زال اللبنانيون محرومين من المحروقات، وما زالوا يصطفون قرب المحطات لساعات وأيام حتى للحصول على البنزين، ولا يبدو أن الأزمة ستنتهي قريباً في ظل وجود مافيا المحروقات، التي لا ترحم بشرا ولا حجرا.

شارك المقال