ما بين الدولار وسعر النفط… البنزين يلتهب!

هدى علاء الدين

كأنّ أزمة المحروقات في لبنان لا يكفيها ارتفاع الدولار مجدداً في السوق الموازية، فأتى ارتفاع سعر النفط عالمياً متجاوزاً الـ 81 دولاراً للبرميل الواحد، ليزيد من حدّتها ووقعها السيئ على اللبنانيين الذين اعتادوا سياسة رفع سعر البنزين بعد انقطاعه. فبين أسعار البنزين الحارقة وكلفة اشتراك المولدات الخاصة، يقف المواطن اللبناني عاجزاً وحائراً أمام انعدام مسؤولية وزارة الطاقة التي وقعت مجدداً في فخ ضعف إيجاد الحلول وعشوائية القرارات وعدم التنسيق، فتركت سوق المحروقات في مهبّ غياب الوزير وعدم إصدار جدول تركيب الأسعار وامتناع الشركات عن التسليم وإقفال المحطات لأبوابها.

عالمياً، ارتفعت أسعار النفط خلال تعاملات أمس الجمعة، في أعلى مستوى له منذ نحو ثلاث سنوات، مسجّلة بذلك مكاسب للأسبوع السابع على التوالي، بعدما نفت الحكومة الأميركية وجود أي نية للسحب من الاحتياطي الاستراتيجي العام، ليصل سعر العقود الآجلة لخام برنت إلى 82.97 دولاراً للبرميل، مع توقّعات بنوك استثمار عالمية باستمرار ارتفاع أسعار النفط في المرحلة المقبلة لتتجاوز الـ 100 دولار.

أما محلياً، فقد شهد سوق المحروقات ارتفاعاً جديداً، بعدما أصدرت وزارة الطاقة والمياه جدول تركيب الأسعار، تتناسب وارتفاع الدولار الذي يأخذ منحى تصاعدياً يبدو أنه سيكون بلا سقف في الأيام المقبلة، رفعت فيه سعر صفيحة البنزين عيار 95 أوكتان إلى 233 ألفاً و800 ليرة، وصفيحة البنزين 98 أوكتان إلى 241 ألفاً و400 ليرة، لترتفع بذلك أسعار البنزين بنحو 15 في المئة عن أسعار الأسبوع الفائت.

ووفق مصادر مطلعة لموقع “لبنان الكبير”، فإنّ استمرار هذه الارتفاعات الأسبوعية في سعر البنزين ستبقى رهينة ارتفاع الدولار الذي يتحكّم بشكل مباشر بثبات سعره أو تقلباته، مشيرةً إلى أنّ توقّف مصرف لبنان عن تأمين الدولار وفتح الاعتمادات للشركات المستوردة للنفط، ستكون له انعكاسات تصاعدية على الدولار، مما سيزيد من وتيرة الطلب عليه بسبب لجوء الشركات إلى السوق الموازية للحصول على العملة الخضراء لزوم الاستيراد، الأمر الذي سيؤدّي إلى ارتفاعه تماماً كما حصل لدى تحرير سعر المازوت وبيعه بالفريش دولار.

وعن الحلول التي يجب العمل بها للحد نهائياً من هذه الأزمة، تشير المصادر إلى ضرورة تحرير سعر البنزين بعيداً من وزارة الطاقة ومصرف لبنان، حينها تتخلّص الشركات من سعر الدولار الذي يحدّده المصرف المركزي والمعتمد اليوم على سعر صرف 14 ألف ليرة للدولار الواحد، في حين يبلغ في السوق السوداء 19 ألف ليرة. كذلك، يوقف مصرف لبنان استنزاف ما تبقى لديه من عملة أجنبية ويحافظ على قيمتها الفعلية ولا يُضطر إلى بيعها بأقل من سعرها المتداول في السوق الموازية.

وهنا تشير المصادر إلى ضرورة إقرار البدائل التي يجب أن تترافق مع عملية تحرير سعر البنزين، أبرزها البطاقة التمويلية وإنجاز خطة النقل العام وتقديم صفائح مدعومة لأصحاب سيارات الأجرة، لا سيما أنه كان يجب وضعها قيد التنفيذ وفي متناول اللبنانيين خلال مراحل تحرير أسعار المحروقات الأولى، خصوصاً أنّ أزمة المحروقات فاقمت من تداعيات كل الأزمات، ويصح القول أنها “أم الأزمات”، نظراً لانعكاساتها السلبية على الدورة الاقتصادية والمعيشية، معتبرة أنه إذا ما استمرّت هذه المستويات المرتفعة لأسعار النفط العالمية مقابل ارتفاع الدولار، فلن يكون هناك سقف لسعر صفيحة البنزين.

شارك المقال