“الصندوق” يحذف توقعات لبنان 2021 – 2022 لـ”عدم اليقين”

المحرر الاقتصادي

تزامناً مع انعقاد اجتماعات الخريف السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في العاصمة الاميركية واشنطن، نشر صندوق النقد الدولي نسخة لتقريره حول آفاق الاقتصاد الاقليمي في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا بعد يومين على إصداره تقريره المعدل حول نظرته للاقتصاد العالمي.

وكان لافتاً أن التقرير وضع ملاحظة حول لبنان مفادها انه “تم حذف كل التوقعات لعام 2021 -2022 نظراً للارتفاع الاستثنائي في درجة عدم اليقين المحيط بأوضاعه”، وهي الملاحظة عينها التي وردت في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، لكن ليس لهذين العامين فقط انما وحتى العام 2026. ففي جدول تقدير المؤشرات المتعلقة بدول العالم للسنوات اللاحقة ما بين 2021 و2026 الوارد في تقرير الاقتصاد العالمي، وضع الصندوق نقاطاً (…) عند خانة لبنان، وعلّل عدم توافر أرقام نموّ عن الفترة تلك بالارتفاع الاستثنائي في درجة عدم اليقين المحيط بأوضاع البلاد. لكنه توقع أن يكون الاقتصاد اللبناني قد انكمش بنسبة 25 في المئة عام 2020، وقدّر العجز في الحساب الجاري بنسبة 17.8 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي العام الماضي.

ويقول التقرير الاقليمي: “إن لبنان يمر بأزمة اقتصادية حادة للغاية ازداد تفاقمها بفعل جائحة كورونا، ويحتاج بصورة عاجلة الى التعامل مع مجموعة واسعة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية المعقدة”.

ولمناسبة إطلاق التقرير الاقليمي، أعلن مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق جهاد أزعور أنه جرى التواصل مع حكومة الرئيس ميقاتي بعد تشكيلها وهو الذي كان أرسل طلباً الى الصندوق من أجل المباشرة بالمشاورات بين لبنان والصندوق لوضع اطار لدعم لبنان. ولفت الى ان فريقي عمل الصندوق ووزارة المال في لبنان بصدد مراجعة الارقام الواردة في خطة التعافي الاقتصادي السابقة، ويستمع فريق الصندوق الى الجانب اللبناني حول تفاصيل الخطة الاصلاحية التي تعمل الحكومة على أساسها. اضاف: “مما لا شك فيه أن لبنان بحاجة ماسة الى دعم دولي ومن المؤسسات الصديقة، وهو دعم يجب أن يواكب البرنامج الاصلاحي”.

وأوضح أزعور أن الصندوق ساهم من خلال وحدات السحب الخاصة بتأمين سيولة اضافية للبنان بنحو مليار و200 مليون دولار و”نأمل أن تستخدم هذه المبالغ من أجل معالجة تداعيات هذه الأزمة على الفئات الاكثر ضعفاً من خلال توسيع رقعة الحماية الاجتماعية وإعادة النظر بسياسة الدعم وتأمين المبالغ للقطاعات الأساسية كالقطاع الصحي والحماية الاجتماعية”.

التقرير تقاطع مع بدء المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي محمود محيي الدين، زيارته لبيروت ولقاءه المسؤولين لبحث خطة التعافي الاقتصادي والمالي التي تسعى حكومة ميقاتي الى إنجازها قبل نهاية الشهر الحالي على أمل أن تبدأ بعدها المفاوضات رسمياً مع الصندوق.

وتحدثت المعلومات عن لقاء مرتقب بين الرئيس ميقاتي ورئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا على هامش القمة التي سيشارك فيها ميقاتي في اسكتلندا حول تغيّر المناخ الشهر المقبل.

التقرير الإقليمي

في ملخص التقرير الإقليمي الذي أصدره الصندوق، فإن التعافي الهش لا يزال مستمراً في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. وعلى الرغم من أن المنطقة أحرزت تقدماً جيداً منذ بداية العام، فقد نشأت تحديات جديدة. ومن بين هذه التحديات ظهور موجة جديدة من الجائحة في البلدان التي تعاني من ضعف التقدم في عمليات التلقيح وتصاعد التضخم، الذي ساهم في تراجع الحيّز المتاح للتصرف من السياسة النقدية، مما زاد من الصعوبات التي يفرضها ضيق الحيز المتاح من سياسة المالية العامة.

وعلاوة على ذلك، لا يزال التباعد قائماً بين مسارات التعافي والقلق مستمرا إزاء الندوب الاقتصادية. وتتزايد كذلك أوجه عدم المساواة في الوقت الحالي، وسوف يتعين على بلدان المنطقة معالجة تأثير الجائحة في الدين، وأسواق العمل، وقطاع الشركات. وفي خضم هذه البيئة المليئة بالتحديات، ستواجه البلدان مفاضلات صعبة في ظل سعيها المستمر لمعالجة الأزمة الراهنة. ولا يزال تكثيف فرص الحصول على اللقاحات وتوزيعها هو الأولوية القصوى على المدى القصير. وينبغي توجيه أي دعم إضافي بدقة للمستحقين، وقد يتعين على المصارف المركزية رفع أسعار الفائدة إذا بدأت التوقعات التضخمية في الازدياد. وسيكون تحسين أطر السياسات ضرورياً للحد من المفاضلات بين السياسات. وسيكون الاستعداد لمرحلة جديدة بالاستثمار في التعافي التحويلي أمراً بالغ الأهمية لمستقبل المنطقة. ومن الأولويات المهمة في هذا الخصوص إعادة توجيه اهتمام الدولة نحو الصحة، والتعليم، وشبكات الأمان الاجتماعي؛ والاستفادة من الاتجاهات العامة العالمية مثل التحول الرقمي، والاستثمار في التكنولوجيا القادرة على تحمل تقلبات المناخ.

شارك المقال