هل توحيد أسعار الصرف قابل للتطبيق؟!

المحرر الاقتصادي

أربعة شروط حدّدها صندوق النقد الدولي من أجل استئناف مفاوضاته رسمياً مع لبنان، هذا اذا ما نجحت الاتصالات بإعادة تفعيل الحكومة كي تستكمل خطة التعافي المالي والاقتصادي التي أعلنت تعديلها.

هذه الشروط حملها المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي الدكتور محمود محيي الدين خلال لقاءاته المسؤولين هنا في زيارته التي اختتمت الخميس ووصف نتائجها بالإيجابية. وقد تعززت هذه الإيجابية بالإعلان عن اجتماع وصف بالايجابي في مكتب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ضم محيي الدين، والمستشارة مايا شويري، بحضور نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، ووزير المال يوسف الخليل، ووزير الاقتصاد أمين سلام، حيث “تم بحث أولويات الحكومة، لا سيما بالنسبة لمشروع اقتصادي شامل”. مما تقاطع مع إعلان بدء التحقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان والذي تقوم به شركة “الفاريز اند مارسال” بعد توقف نتيجة استهدافات سياسية، وهو أحد البنود الإصلاحيّة التي يشترطها المانحون الدوليون قبل الإفراج عن أي مساعدات إلى لبنان. ومن المفترض أن تقدّم “ألفاريز” تقريرها إلى الحكومة بعد 12 أسبوعاً من اليوم أي في كانون الثاني المقبل، علماً أن مجلس النواب كان أقر في كانون الاول 2020 قانون تعليق العمل بالسرية المصرفية لعام واحد.

وشروط الصندوق يمكن تلخيصها بالعناوين التالية:

1 – تحسين وضعية المالية العامة وإعادة هيكلة الدين العام وإعداد موازنة منضبطة.

2 – اصلاحات خاصة بالقطاع المالي وإعادة هيكلة القطاع المصرفي ومصرف لبنان من أجل تحديد الخسائر المتراكمة والعمل على توزيعها بشكل عادل.

3 – توحيد أسعار الصرف المتعددة وتصاحبه قيود رسمية موقتة (الكابيتال كونترول) على رأس المال.

4 – إصلاحات هيكلية قطاعية ولا سيما معالجة ملف الكهرباء.

وبالتالي، فإن الصندوق يترقب خطوات عملية وملموسة من الحكومة من أجل التوصل الى وضع إطار جيد للتفاوض يعرض على مجلس ادارة الصندوق ويحدد بموجبه إطار التمويل الذي يمكن للبنان الحصول عليه، والذي من شأنه أن يعيد بعضاً من الثقة بالاقتصاد.

وعلى أهمية هذه الشروط الاصلاحية، الا أن المواطن يولي الاهمية الكبرى لمسألة توحيد أسعار الصرف المتعددة التي يكتوي بها وسط انهيار حاد في قيمة العملة تخطى الـ90 في المئة مقابل الدولار. فهل مسألة توحيد أسعار الصرف قابلة للتطبيق؟

تقول مصادر مالية متابعة للملف إن توحيد سعر الصرف كخطوة أولى أمام تحريره سيتم بشكل تدريجي وعلى مدى سنوات وليس أشهراً كما يعتقد اللبنانيون. وتشرح أن توحيد سعر الصرف يستوجب أرضية متينة لتطبيقه من خلال التوصل الى إقرار خطة متكاملة للتعافي المالي والاقتصادي تتضمن آلية واضحة وشفافة لإعادة هيكلة الدين العام، في شقيه بالعملات الاجنبية أي سندات اليوروبوندز التي تبلغ 32 مليار دولار توقفت الدولة عن سدادها في آذار من العام الماضي، وسندات الخزينة اللبنانية التي تبلغ مقومة بالدولار وفق سعره الرسمي 58 ملياراً ولا تزال وزارة المال تدفع فوائدها. وهذا يعني تحديد الخسائر المتراكمة في النظام المالي وتوزيعها والعمل على معالجتها ولو بشكل متدرج.

وترى المصادر ان المصارف قد لا ترغب في توحيد أسعار الصرف لأنها ستكون مضطرة لأن تدفع الودائع بالسعر الموحّد مما يكبدها خسائر بالمليارات. كما أن الدولة لا تزال تدوّن عملياتها التي تتم مع مصرف لبنان على أساس سعر الصرف الرسمي أي 1515 ليرة أي أقل بكثير من قيمتها الحقيقية. وهو ما حصل مثلاً مع اقتراض الدولة من مصرف لبنان ما قيمته 200 مليون دولار لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان، وتسجيل هذه العملية على أساس سعر الصرف الرسمي أي 300 مليار ليرة بدلا من 3400 مليار ليرة بحسب سعر صرف منصة “صيرفة” الذي يبلغ اليوم 17 ألف ليرة.

وتشير المصادر الى أن موضوع رفع الدعم الذي يطالب به صندوق النقد بات واقعاً بعد رفع الدعم عن شراء المحروقات بشكل غير معلن. ومن شأن هذا أن يخفف الضغوط على ميزانية مصرف لبنان وعلى موجوداته بالعملات الاجنبية والتي بلغت 13.74 مليار دولار منتصف الشهر العاشر من العام الحالي بعد تنقيص محفظته من سندات اليوروبوندز والبالغة وفق أرقامه الرسمية 5.03 مليارات دولار. واللافت أن هذه الموجودات انخفضت بقيمة 20 مليون دولار خلال 15 يوماً خلافاً لما كان يحصل سابقاً حين كان الانخفاض يتخطى الـ200 مليون وذلك بسبب رفع الدعم وابقائه فقط على استيراد القمح وعدد من الأدوية المستورَدة.

شارك المقال