الدين العام… ربّ ضارة نافعة!

المحرر الاقتصادي

97.75 مليار دولار هو الحجم الذي بلغه الدين العام في لبنان حتى نهاية حزيران الحالي، وفق الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة المالية.

في الحقيقة، هذا الرقم عن الدين العام الذي يشمل دين الدولة الداخلي والخارجي، تم احتساب شقه الاجنبي على أساس سعر الصرف الرسمي للعملة المحلية أي على 1515 ليرة مقابل الدولار. الا أنه سوف يسجل 42.6 مليار دولار في حال احتساب شريحة الدين بالليرة على أساس سعر صرف السوق الموازية حين كانت تبلغ 17 ألفاً للدولار في ذاك الشهر. وبالعكس، سيكون الدين العام نحو 731 ألف مليار ليرة اذا تم تحويل الدين الأجنبي إلى الليرة على أساس سعر الصرف عينه في السوق الموازية.

بحسب الارقام الرسمية، فان الدين العام المحلي بلغ 91 ألفا و169 مليار ليرة أو ما يعادل 60.5 مليار دولار في نهاية حزيران 2021، وارتفع بواقع 1.6 في المئة في ستة أشهر و3.2 في المئة منذ حزيران 2020. أما الدين بالعملات الاجنبية، والذي يشمل الاستحقاقات والكوبونات غير المدفوعة منذ توقّف الدولة عن السداد في آذار 2020، فيبلغ 37.3 مليار دولار مرتفعاً بواقع 3.4 في المئة منذ نهاية العام 2020 و7 في المئة منذ حزيران 2020.

ووفق هذه الارقام، فإن نحو 8.1 مليارات دولار من رصيد الدين بالعملات الاجنبية كانت عبارة عن متأخرات حتى حزيران 2021.

ويشكل الدين المحلي ما نسبته 62 في المئة من الدين الاجمالي، فيما الدين الخارجي يمثل 38 في المئة مقابل 62.7 في المئة و37.3 في المئة على التوالي قبل عام. ويحمل مصرف لبنان ما نسبته 38 في المئة من الدين العام (61.6 في المئة دين محلي مقارنة بـ50.2 في المئة قبل عام)، ثم المصارف بنسبة 15.5 في المئة (25 في المئة دين محلي مقارنة بـ27.8 في المئة قبل عام) والمؤسسات المالية غير المصرفية 8.2 في المئة.

أما الدين العام الصافي، أي الذي يستثني ودائع القطاع العام لدى مصرف لبنان والمصارف، فبلع 86.4 مليار دولار في نهاية حزيران.

ما يحصل اليوم أن معظم الدين الذي يصار الى شطبه داخلي، بمعنى أن الخسائر تصفّى بين المصارف والمودعين، وبين المصارف ومصرف لبنان، وبين الأخير والدولة من دون خطة واضحة لإعادة هيكلة ديونها الاجمالية الخارجية والمحلية لتوزيع الخسائر بعدالة وشفافية بحيث لا يتحمّل المودع العبء الأكبر من هذه الخسائر كما هو حاصل اليوم من خلال ذوبان القيمة الحقيقية لوديعته الدولارية.

حين زار المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، محمود محيي الدين، لبنان الاسبوع الماضي، طرح مسألة إعادة هيكلة الدين العام أولوية من ضمن أولويات أخرى على الدولة اللبنانية أن تباشر بتنفيذها. علماً أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي كانت وعدت بالتفاوض مع الدائنين الأجانب لإعادة هيكلة الدين الخارجي المرتبط بسندات اليوروبوندز.

وتشمل إعادة هيكلة الديون السيادية عادةً خفض القيمة الاسمية للدين وتمديد آجال الاستحقاق، على أمل أن يتعافى الاقتصاد وأن تكون الحكومة قادرة على الدفع أو إعادة التمويل. وهذا الأمر مرتبط بوضع الحكومة خطة إصلاح تكسب صدقية المجتمع الدولي، وأن تحل الخلافات حول توزيع خسائر القطاع المالي وأن تتوصل إلى صفقة مع صندوق النقد الدولي التي يتوقع وزير الاقتصاد أن تبدأ في تشرين الثاني المقبل.

وكانت “غولدمان ساكس” توقعت في تقرير أن يفقد حاملو سندات اليوروبوندز 75 في المئة من قيمة مستحقاتهم.

ويقول مطّلعون إن تصحيح الوضع الاقتصادي في لبنان يتطلب تفاهماً سياسياً كبيراً على الرغم من انه عملية معقدة جداً ومترابطة بين إعادة هيكلة الدين العام وإصلاح النظام المصرفي وتوحيد سعر الصرف، وإيجاد طريقة لإدارة الموازنة العامة والميزان التجاري بطريقة أكثر استدامة.

شارك المقال