“الإسكوا”: فوارق الفائدة والنمو راكمت الديون في لبنان

المحرر الاقتصادي

تتحوّل الأنظار في نهاية الأسبوع إلى روما، حيث تعقد مجموعة العشرين قمّتها التي تركّز على تغير المناخ والتعافي الاقتصادي العالمي ومكافحة سوء التغذية في العالم وجائحة كورونا.

عشية القمة، أعدت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) دراسة فائقة الأهمية حول الزيادة غير المسبوقة في الدين العام التي سجّلتها المنطقة العربيّة في العقد الماضي، وانعكاساتها السلبية على مسار التعافي.

“لبنان والأردن بلدان في المنطقة، ساهمت الفوارق الإيجابية الكبيرة بين سعر الفائدة ومعدل النمو في تراكم كتلة الديون فيهما”، تقول الدراسة التي جاءت بعنوان “نقص السيولة وارتفاع الدين: عقبات على مسار التعافي في المنطقة العربية”.

اتجه الدين العام في لبنان الذي يقترب من عتبة المئة مليار دولار (وفق سعر الصرف الرسمي) من مسار غير قابل للاستدامة، إذ تشير تقديرات البنك الدولي إلى أنّ نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغت 174 في المئة نهاية 2020. وأتى هذا المسار نتيجة التلازم بين توأمي العجز؛ أي عجز المالية العامة الذي بلغت نسبته 11.5 في المئة عام 2018 نتيجة الفشل في ضبطه مع الانفلاش في الإنفاق، والعجز المتراكم الكبير في ميزان المدفوعات بعد توقّف تدفّق الرساميل إلى لبنان.

وبالتالي، فإنّ المطلوب اليوم هو السعي إلى إعادة هيكلة هذا الدين في شقّيه المحلي والاجنبي من ضمن الشروط المفروضة من صندوق النقد الدولي، على الرغم من أنّ هذه العملية معقّدة ومؤلمة في آن.

والسؤال الذي يمكن أن يطرح اليوم، هو ما إذا كان يمكن للبنان أن يحصل خلال القمة على حصة إضافية من حقوق السحب الخاصة التي أقرّها صندوق النقد الدولي في آب الماضي، بعد مطالبات بذلك من رئيسة الصندوق كريستالينا جورجييفا ومن مؤسّسات دولية أخرى في وقت سابق.

على صعيد المنطقة، تشير الدراسة الى أنّ المنطقة العربية التي تضمّ 20 دولة، شهدت زيادة غير مسبوقة في الدين العام. فحتى في دول مجلس التعاون الخليجي ذات الدخل المرتفع، تضاعف الدين العام الإجمالي خمس مرات تقريباً، من نحو 117 مليار دولار عام 2008 إلى نحو 576 مليار دولار عام 2020.

وتشير الأرقام إلى أنّ نصف الديون العامة في المنطقة تقريباً يقع على كاهل البلدان المتوسّطة الدخل، إذ ارتفع الدين العام الإجمالي من 250 مليار دولار تقريباً إلى 658 مليار دولار ما بين عامي 2008 و2020. وتشرح الدراسة أنّ جائحة كورونا فاقمت حاجات البلدان في الحصول على السيولة. فعلى سبيل المثال، استدان كل من الأردن وتونس ومصر عام 2020 ما مجموعه 10 مليارات دولار، في إطار آليات صندوق النقد الدولي للاقتراض القصير والمتوسّط الأجل لسدّ حاجاتها الملحّة للسيولة. أما في البلدان المتضررة من الصراعات، مثل العراق وليبيا واليمن، فوصل الدين العام إلى 190 مليار دولار عام 2020، أي ما يقارب 90 في المئة من ناتجها المحلّي.

وتدعو “الإسكوا” في الدراسة الجهات الدائنة إلى تمديد فترة الإعفاء من سداد خدمة الديون حتى أواخر عام 2022، وذلك في إطار مبادرة تعليق سداد خدمة الدين التي أطلقتها مجموعة العشرين، نظراً للآثار الممتدّة للجائحة، على أن يشمل ذلك البلدان النامية المثقلة بالديون.

كما تدعو الدول الاعضاء في صندوق النقد الدولي إلى بحث اعتماد آليات لنقل حقوق السحب الخاصة التي لا تستخدمها البلدان المتقدّمة إلى البلدان النامية، وذلك حسب حاجاتها على نحو يتخطّى نظام الحصص القائم الذي يحابي البلدان مرتفعة الدخل. وأكّدت أنه من أجل البناء على نحو أفضل بعد جائحة كورونا، من الضروري أن تعمل الحكومات على تحسين الانتظام بين السياسات المالية والسياسات النقدية، وتفعيل أدوات مبتكرة لتخفيف عبء الديون، مثل مبادرة مقايضة الديون مقابل العمل المناخي التي أطلقتها “الإسكوا”، لتعزيز تمويل العمل المناخي والإسراع في تحقيق الأهداف العالمية.

شارك المقال