المستهلك والصناعي… نحو مهوار الأزمة الاقتصادية

جنى غلاييني

أزمات لبنان المتعاقبة تحرم اللبناني من لقمة عيشه، فما عاد العمل بدوامين كافٍ لتغطية قدرته الشرائية، وأصبحت هذه القدرة تقتصر فقط على الأساسيات وربّما دونها! في مقابل تجّار ينتفعون من المصائب ليغنّي كل واحدٍ على ليلاه، وصناعيين يستعدون لحزم مصانعهم نحو الخارج، ودولة تستعد لترتيب فوضاها. فأين حماية المستهلك من ارتفاع الأسعار الخيالية بالمواد الاستهلاكية؟ وهل هناك مراقبة لأسعار السوق؟ وهل مصانع المواد الاستهلاكية تغطّي متطلبات الأسواق؟

وبفعل التغيّب الواضح لأي حلول من الدولة، يقول رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو لـ”لبنان الكبير”: “السوق غير المنظمة تنعكس استفادة للمستوردين والتجار بشكل عام الذين يستغلون الأوضاع التي نمر بها خصوصا ارتفاع الدولار ليحصلوا على أرباح هائلة”.

ويوضح: “تقوم جمعية حماية المستهلك بمراقبة ورصد الأسعار ومحاولة فهمها بسياق السياسات الاقتصادية في البلد، لكن التأثير في تلك الأسعار يعود لأعمال الحكومة ومجلس النواب من خلال الاجراءات التي من الممكن أن يتخذوها من أجل طمأنة السوق وإطلاق العجلة الاقتصادية للمنتج والتخفيف من الاستيراد، لذا الدولة بيدها الصلاحيات والأموال التي تخوّلها اتخاذ القرارات السليمة في هذا المجال من خلال اتباع سياسات جديدة لا تؤدي الى الانهيار والفقر والى تراجع القدرة الشرائية كالسياسات الماضية التي أوصلت لبنان اليوم الى أبشع الظروف”.

وحول فروقات أسعار السلعة عينها بين سوبرماركت وأخرى، والتي يصل أحيانا الى نحو 20 ألفاً، يقول برو: “هذا الأمر لا رقابة عليه، لأنّ التاجر حر أن يبيع السلعة حتى ولو بفارق مليون ليرة، فاقتصادنا حر، وبالتالي التاجر له الحرية بتسعير سلعته المبيعة بحسب الربح الذي يبغي تحقيقه منها، معتبراً أنّ لبنان دولة احتكارات بالكامل وبالتالي الاقتصاد احتكاري بالأساس، وهذا ما سمح للتجار باستغلال الوضع غير مراعين الظروف المعيشية للمواطنين”. ومعالجة هذا الأمر “تتطلّب تغييرا بالسياسات المتخذة وإصدار قانون للمنافسة الذي يهدف من خلاله الى جعل البلد منتجا من جديد وقائماً على الاستيراد والتصدير من دون سيطرة لأحد على السوق بأكملها”.

ويرى برو أنّه “بعد مرور سنتين على الانهيار ما زالت الدولة مصرّة على السياسات عينها، وبالتالي لا حلول متوافرة، والحل لا يكمن بترقيع الأمور ولا بالمراقبة”.

ومع الاستمرار في التلاعب بأسعار السلع المرتبطة بارتفاع الدولار، تقترب الآن أسعار المنتجات الوطنية من أسعار نظيرتها الأجنبية، ويقول في هذا الخصوص إنّ “التجار يضعون حججا عديدة في هذا الموضوع، لكن الهدف الأساسي منها هي تأمين أرباح فقط لا غير”.

أما رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش فكان له قول آخر وهو أن “المنتجات الوطنية لم تصل ولن تصل أسعارها الى أسعار المنتجات الأجنبية ولا بأي شكل من الأشكال”.

وحول المقاطعة الحاصلة من بعض دول الخليج للمنتجات المحلية، يفيد بأنّ “الصناعة اللبنانية ستتأثّر بالتأكيد بهذا القرار، إذ من الممكن أن تؤدي إلى خسائر بنحو 500 مليون دولار، ولهذا السبب هناك العديد من الصناعيين الذين يفكرون جدّياً في نقل مصانعهم الى الخارج وتخفيض الإنتاج في لبنان أو إقفاله بشكل نهائي بعد أن كانوا يخططون لتوسيع استثماراتهم في لبنان لأنّ الانتاج الوطني أصبح يغطّي نسبة 75% من الأسواق المحلية”. ويلفت إلى أنّه “في حال قرّرت بعض المصانع إقفال أبوابها سيؤدّي ذلك الى تفاقم مشكلة أخرى وهي الارتفاع بنسب البطالة في لبنان”.

ويؤكّد بكداش أن “المعالجة تكمن بالطرق السياسية، لكن كما نرى هناك خطة ممنهجة لضرب كل القطاعات، كما حصل بالقطاع السياحي أوّلاً ثمّ المصرفي والاستشفائي والتربوي، وقبلها تم ضرب القطاع الزراعي بتهريب الكبتاغون، والآن دور القطاع الصناعي الذي يشكّل آخر أنفاس الاقتصاد اللبناني”.

شارك المقال