البطاقة “ضائعة” و”نار” الأسعار تلتهب

المحرر الاقتصادي

لا يزال سعر صرف الليرة مقابل الدولار يشهد تراجعات دراماتيكية بفعل الغموض الذي يلف مصير الحكومة المشلولة منذ أسابيع بعد التصريحات غير المسؤولة التي تسبب بها وزير الاعلام جورج قرداحي تجاه المملكة العربية السعودية ودول الخليج والتي استتبعتها خطوات تصعيدية من المملكة وعدد من دول الخليج زادت الوضع الاقتصادي والمعيشي تفاقماً.

ووسط هذه الضبابية، فإنه من الطبيعي أن تواصل أسعار السلع والمواد الغذائية والحياتية ارتفاعها معطوفة على رفع الدعم عن المحروقات وعدد كبير من الادوية، من دون أن يواكبها حل جذري لمسألة البطاقة التمويلية التي لا تزال عالقة في أحد الادراج مع عدم بلورة إمكان ايجاد مصادر تمويل لها. وبالتالي، فإن هذا الامر يعني مزيداً من الارتفاع في معدلات التضخم التي بلغت في عشرة أشهر حتى تشرين الاول الماضي ما نسبته 151,6 في المئة. علماً ان مؤشر تضخم أسعار الاستهلاك، اي التضخم، سجل ارتفاعاً سنوياً في الشهر المذكور نسبته 173.5 في المئة مقارنة بتشرين الاول 2020.

وزير الاقتصاد أمين سلام توقع في تصريح الاسبوع الماضي، أن يبدأ التسجيل للحصول على البطاقة في الاسبوع الجاري على أن تعقبها مرحلة الرقابة وزيارات ميدانية لوزارة الشؤون الاجتماعية إلى بعض المنازل والمناطق، لتبدأ في مرحلة لاحقة اي بعد نحو شهر ونصف الشهر عملية الدفع، و”بالتالي فإن التنفيذ سيبدأ أوائل عام 2022″.

لكن مصادر متابعة للملف لم تُبدِ تفاؤلاً لحصول هذا الامر قريباً ولا سيما أن مسألة التمويل لم تتبلور أو تحسم بعد خلافاً لما يشاع. وشرحت لـ”لبنان الكبير” أن أحد المصادر التي كانت الحكومة تعوّل عليه، اي الأموال التي خصصها البنك الدولي لمشروع النقل العام في بيروت والبالغة نحو 300 مليون دولار، لم تحظّ بمواقفة البنك الدولي الذي رفض أن يصار الى اعادة تخصيصها الى دعم البطاقة التمويلية قبل أن تباشر الحكومة بتنفيذ مشروع دعم شبكة الأمان الاجتماعي المموّل من البنك أيضاً عبر قرض بقيمة 246 مليون دولار. وهذا القرض الذي لا يزال عالقاً في مجلس النواب بعد اقراره معدلاً واعتراض البنك الدولي على التعديلات واشتراط صرفه كما جاء في الاتفاق الاساسي.

وقالت المصادر اياها ان البنك الدولي لن يبحث في مصادر تمويل اخرى للبطاقة التمويلية الا اذا أثبتت الحكومة نجاحاً في تنفيذ برنامج دعم شبكة الامان الاجتماعي الممول في جزء كبير منه من الـ246 مليون دولار. وهو السبب الذي دفع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى زيارة رئيس المجلس النيابي نبيه بري والتمني عليه عقد جلسة تشريعية بسرعة لإقرار التعديلات المطلوبة على القانون 230 الخاص بالبطاقة التمويلية.

ولم تُبدِ المصادر تفاؤلاً بقرب اصدار البطاقة وتحدثت في المقابل عن “محاولة ترقيع” يجري تمريرها اليوم من خلال اقتراح القانون الذي تقدم به تكتّل التغيير والإصلاح والقاضي بـ”إعطاء مساعدة اجتماعية في القطاع العام وللمتقاعدين ورفع قيمة تعويض النقل اليومي الموقت”. ويشترط الاقتراح الاستمرار بالدفع إلى حين وضع قانون البطاقة التمويلية موضع التنفيذ الفعلي، واستفادة العاملين في القطاع العام والمتقاعدين من أحكامه. 

معدلات التضخم قياسية

وبالعودة الى معدلات التضخم الصادرة عن ادارة الاحصاء المركزي، فإن التضخم التراكمي بين أيلول 2019 و2021 بلغ 461 في المئة. اذ بلغ التضخم التراكمي 107 في المئة ين ايلول 2019 وايلول 2020، و171 في المئة بين ايلول 2020 وايلول 2021. وقد ارتفعت اسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الروحية بواقع 701 في المئة خلال الفترة المذكورة. فيما ارتفعت الالبسة بواقع 616 في المئة تلاها الايجارات التي ارتفعت بنسبة 284 في المئة.

ومن الواضح أن رفع الدعم عن المحروقات من دون آلية منسقة وواضحة هو السبب الاساسي لزيادة معدلات التضخم. كما ان تدهور سعر صرف الليرة كان له تداعيات سلبية جداً على معدلات التضخم. علما ان تدهور الليرة مقابل الدولار بلغ نحو 270 في المئة في العام 2020 و145 في المئة في 2021. وهي نسبة مرشحة للمزيد من الارتفاع في ظل عدم وجود أفق للحل الحكومي. فهل سنصل قريباً الى زيادة في الأجور المتآكلة، وكيف، فيما “الخزنة” فارغة.

شارك المقال