80% من الشعب اللبنانيّ تحت خط الفقر!

فدى مكداشي
فدى مكداشي

بات الفقر في لبنان مرادفاً لحالة العائلات اللبنانيّة. فكلّ الدراسات الأمميّة التي أجريت أخيراً تشير الى أن معدّل الفقر سيصيب مع نهاية عام 2021 ما يُقارب 80 في المئة من العائلات اللبنانية. ويُعتبر الفقر من الآفات الاجتماعيّة التي إن وقعت في مجتمع ما جلبت معها كلّ أنواع المآسي والمشاكل الاجتماعيّة. فالفقر يولّد الحرمان وهذا سيزيد من معدّل المشكلات الاجتماعيّة والاقتصاديّة كالجريمة والسّرقة والانحراف والبطالة وغيرها. لذا، إن الحل الوحيد الممكن هو مبادرة الدّولة اللبنانيّة وبأسرع وقت ممكن لمعالجة هذه المشكلة وعدم تركها تتفاقم قبل فوات الأوان.

ويحذّر تقرير صادر عن منظمة اليونيسف من إمكان أن يصبح الفقر شاملاً في لبنان نتيجة تردّي الأوضاع المعيشيّة وغياب فرص العمل التي باتت تعمّق الأزمة الاجتماعيّة بخاصّة بعد جائحة كورونا التي تركت تأثيرات اقتصاديّة كبيرة في معظم الدّول، ومنها لبنان. بالنسبة إلى كثيرين في لبنان، فإن الظّروف باتت سيئة جدّاً لا بل أسوأ من التي مرّ بها لبنان خلال الحرب الأهليّة، إذ إن الفقر بات يستهدف كافة الفئات الاجتماعية مما أثّر سلباً في تفكك جزء كبير من مؤسسات الدولة وبالتالي يشهد لبنان تحديات مصيرية إن لم نقل وجودية. إنّ تقرير اليونيسيف يأتي استعراضاً لأزمة العمالة المرتبطة بالدخل الفردي وانخفاض القدرة الشّرائيّة التي باتت تنعكس سلبا على قطاعات عدّة أبرزها الصحة والتعليم والاستقرار الاجتماعي.

ومن أجل الاستيضاح حول هذا التقرير، يشير الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور بلال علامة الى أن “لبنان يعيش تداعيات أزمة اقتصادية متمادية استنزفت سكانه وودائعهم، كما فاقمت معدلات التضخم والفقر والبطالة وتسببت بسقوط حر مستمر لليرة، موضحا أن الليرة سجلت انهياراً كبيراً وفقدت نحو 90 في المئة وربما أكثر من قيمتها منذ بدء الأزمة. إذ إن سعر الصرف الرسمي ما زال محددا بـ1507 ليرات مقابل الدولار، بينما تخطى الدولار عتبة الـ 23 ألفاً في السوق الموازية وبالتالي هناك 80 في المئة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر وبمعدّل دولارين في اليوم الواحد، لافتاً الى أنه على وقع تدهور سعر صرف الليرة بات الرّاتب الشهري للعامل اللبناني الأدنى في العالم، إذ بات الحد الأدنى للأجور يعادل 38 دولاراً شهريّاً. في المقابل، انخفضت نسبة التوظيف بشكل كبير وغابت فرص العمل كلّيا وشهدت القطاعات تراجعاً مخيفاً، معتبراً أن هذا الأمر سيرفع من معدّل الانكماش الاقتصادي وسيعمّق الأزمة أكثر فأكثر”.

هذا وصرّح حاكم المصرف المركزي رياض سلامة اليوم بأن مجمل ما تبقّى لدى المصرف المركزي من العملات الأجنبيّة تحت مسمّى التوظيفات الاحتياطيّة باتت دون 14 مليار دولار وأن الدّين العام سيرتفع فوق المئة مليار دولار مع نهاية العام 2021، في وقت سجّل ميزان المدفوعات عجزاً قياسيّاً سينتهي برقم 12 مليار دولار مع نهاية 2021.

مع كل هذه الوقائع والمؤشّرات، يلفت علامة إلى “حجم الخسائر الماليّة التي نتجت من انفجار المرفأ والتي تقدّر ما بين 8 و10 مليارات دولار، إضافة إلى عبء المخيّمات الفلسطينيّة واللاجئين السوريين في لبنان والتي تجعل من الحالة الاقتصاديّة والماليّة حالة كارثيّة وتضع لبنان في منطقة الانهيار الكبير”.

الجدير ذكره أن التقرير يتضمّن إنذاراً شديد اللّهجة للبنانييّن وللدولة اللبنانيّة يحذّر من أن نهاية العام 2021 ستكون كارثيّة على اللبنانييّن. وقد جاء عنوان الطريق “في أرقام صاعقة لمنظمة اليونيسيف: 80% من اللبنانيين فقراء منهم 35% في الفقر المدقع”.

وقد أجري استطلاع اليونيسيف من خلال 1400 اتصال هاتفي لعائلات منتشرة على كافة الأراضي اللبنانيّة. وجاء في التقرير أنه في ظل عدم وجود ضوء في الأفق يوحي باقتراب الحلول للأزمة اللبنانيّة يشتد تأثير تلك الأزمة على العائلات بشكل تدريجي، بحيث وجدت الكثير من الأسر نفسها مجبرة على اللجوء الى آليات التكيف السلبي التي غالباً ما تعرّض هذه العائلات للخطر.

وتعليقا على تقرير اليونيسيف، يرى علامة أن “لبنان يعاني من أربع أسوأ أزمات اقتصادية في العالم في التاريخ الحديث ألا وهي الكساد الاقتصادي، التضخم الجامح، غياب فرص العمل وانخفاض مستوى الدخل، إذ تشير آخر التقديرات الى أن ما يزيد على ثمانية من كل عشرة أشخاص يعانون من الفقر وأن المواطن اللبناني بات عاجزا عن تأمين أي من احتياجاته الحياتيّة الأساسيّة كالاستشفاء والتعليم والسكن والكهرباء في ظل غياب كلّي لسياسات الرّعاية الاجتماعيّة”.

في سياق متّصل، صدر اليوم تقرير عن منظّمة الأمم المتّحدة للطفولة “اليونيسيف” يشير الى أن أكثر من نصف العائلات اللبنانيّة لديها على الأقل طفل واحد لا يحصل على وجبة واحدة يوميّاً بحلول تشرين الأول 2021. وبناء على ذلك، يرى علامة أن “الأطفال باتوا ضحيّة الأزمة الاقتصاديّة العميقة، لافتاً في الوقت عينه إلى أن سعر ربطة الخبز قد ارتفع سبع مرّات وقد بلغ معدّل التضّخم 650 في المئة وفق إحصاءات رسميّة وقد طاول معدّل التضخم المذكور معظم السّلع في السّلة الغذائية إذ ارتفعت قيمة السّلة الغذائية بنحو 500 في المئة مقارنة بتشرين الأول عام 2019”.

شارك المقال