وُعدنا بخطة تعافٍ معدلة في نهاية ت2

المحرر الاقتصادي

في الثامن من تشرين الثاني الماضي، حلّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ضيفاً على المجلس الاقتصادي والاجتماعي ليكشف من على منبره سلسلة تطورات على صعيد معالجة الملف الاقتصادي الشائك. لكن في الحقيقة ما أعلنه ميقاتي لم يكن دقيقاً كي لا نقول لم يكن صحيحاً كما بيّناه في تقارير سابقة. ومما قاله، مثلاً، إنّ الحكومة وصلت إلى مرحلة متقدمة مع صندوق النقد الدولي وتأمل أن تتمكن من إبرام مذكرة تفاهم معه “قريباً جداً”، وإنها قدمت أرقاماً مالية موحدة للصندوق. وهو الأمر الذي دحضته لاحقاً تصريحات مسؤولين عن الملف ولا سيما رئيس اللجنة المكلفة التفاوض مع الصندوق نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي الذي قال منذ ثلاثة أيام بعد اجتماع للجنة في السرايا الحكومية، “إننا كنا نأمل الوصول الى اتفاق مبدئي مع الصندوق نهاية العام، لكن قد يحصل بعض التأخير بحسب الظروف، أعتقد أننا سنتوصل الى اتفاق في أسرع وقت، وبعد الاتفاق مع العاملين في الصندوق سيصدر تصوّر لمجلس الإدارة الذي سيعطي الموافقة النهائية للاتفاق مع لبنان”. والأهم ما صرّح به حول أرقام الخسائر، والذي أظهر أن لبنان لم يقدم الى الصندوق بعد الارقام الموحدة. إذ قال: “اتُّفق على توحيد الرؤى بالنسبة الى الأرقام في القطاعين المصرفي والمالي. كان هناك وضوح في الرؤية من حيث وحدة الأرقام ووحدة التقويم للقطاع المالي. كما ناقشنا كيفية معالجة الفجوة الموجودة في القطاع المصرفي، وكانت هناك اقتراحات عدة هي قيد الدرس، ونأمل في عقد اجتماع ثان خلال الأسبوع الجاري للوصول الى رؤية موحدة ونهائية لتقديمها خلال التفاوض مع صندوق النقد الدولي”.

خطة التعافي

ميقاتي كان أعلن ايضاً خلال اللقاء في المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن النسخة المعدلة من خطة التعافي المالي والاقتصادي التي كانت أعدتها شركة “لازارد” لمصلحة حكومة حسان دياب، ستكون جاهزة نهاية شهر تشرين الثاني. علماً أن هذه الخطة أساسية لإطلاق البرنامج المرجو من صندوق النقد الدولي وبدء معالجة الانهيار المالي والاقتصادي السائد. لكن الوقت الذي حدده ميقاتي مضى من دون تحقق توقع ميقاتي، ولم يشر اجتماع اللجنة حتى إلى مصير الخطة.

وكشفت معلومات لـ”لبنان الكبير” أن ميقاتي بحث مع جمعية مصارف لبنان التي التقاها مؤخراً، في خطة لازارد التي يجري تعديلها، وأنه أكد لها أن الخطة السابقة لم تنصف القطاع المصرفي بل كان من شأنها تدميره.

وقالت مصادر مصرفية إنّ المقاربة التي تعتمدها الحكومة في معالجة الأزمة المالية والنقدية، منطقية، لكونها تعتمد على نقاط محددة وواضحة ومترابطة بعضها ببعض من أجل الحل. فهي تطرح مسائل خفض حجم الدين العام الى الناتج المحلي الاجمالي الى نسبة لا تتعدى الـ100 في المئة، وهو الامر الذي يمكن أن يفتح الباب أمام المزيد من القروض الدولية بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. وبالتوازي، العمل على توفير الحماية للبنانيين وصغار المودعين، وإقرار قانون الكابيتال كونترول الذي تناقشه اللجان النيابية المشتركة. وهنا نشير إلى أن اللجان التي اجتمعت الاربعاء لمناقشة صيغتين مختلفتين للمشروع إحداهما من لجنة المال والموازنة والاخرى من لجنة الادارة والعدل، لم تتوصل الى صيغة نهائية بعد توزيع اقتراح جديد من الحكومة عرضه الشامي خلال الجلسة. وهو الامر الذي اثار استياء رئيس لجنة المال ابراهيم كنعان الذي اعتبر أنه كان يفترض أن ترسل الحكومة مشروعها بالطريقة القانونية الى لجنة المال لكي تدرسه، وقد تقرر تأجيل الاجتماع الى الاسبوع المقبل.

وأضافت المصادر إياها أنّ من بين النقاط التي تثار توازياً مسألة توحيد أسعار الصرف المتعددة بعد معالجة الاختلالات الماكرواقتصادية، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي من أجل معالجة الفجوة المالية التي لا يوجد رقم محدد حتى اليوم عن قيمتها. وتعتبر المصادر أن المصارف مستعدة للتحمل من مؤوناتها ومن رساميلها اي مبالغ مناسبة تفرضها السلطات لكن من ضمن معايير الصناعة العالمية. وفي المقابل، يجب أن تعيد المصارف تكوين الرساميل المطلوبة منها، وتلك غير القادرة تخرج عندها من السوق.

وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قال إن القطاع المصرفي بحاجة لرسملة إضافية عما ورد في التعميم 154 الصادر بتاريخ 27/8/2020 والذي يهدف إلى إعادة تفعيل المصارف العاملة في لبنان. وأوضح أنه يجب الأخذ في الاعتبار أن تكوين سيولة بنسبة 3 في المئة التي طلب مصرف لبنان من المصارف تأمينها لدى المصارف المراسلة بحاجة إلى زيادة، كما يجب الأخذ بالاعتبار أن القطاع المصرفي المستقبلي سيكون قطاع “كلو فريش وما في دولار محلي وخارجي، وبالتالي اذا اعتمدت هذه المعايير والتعاميم التي ستصدر فعندها تكمل مصارف معينة وأخرى تجد نفسها غير قادرة على الاستمرار”.

شارك المقال