“البطاقة” لا تزال بلا تمويل

المحرر الاقتصادي

بعد أشهر طويلة من التسويف والمماطلة، فتحت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي باب التسجيل في برنامجي مساعدات نقدية لمساعدة 700 ألف أسرة من بين الأسر التي باتت مصنفة فقيرة جداً. لكنّ التحدي الأكبر الذي تواجهه الحكومة هو في قدرتها على توفير قيمة البطاقة النقدية التي أصدر مجلس النواب قانوناً خاصاً بها وحدّد كلفتها بالعملات الاجنبية بـ 556 مليون دولار لعام واحد، مع العلم أن هذا المبلغ أدرج في مشروع الموازنة العامة لعام 2021 بالليرة (على أساس سعر الصرف الرسمي أي إن المبلغ المرصود هو 837 ملياراً و892 مليون ليرة) مثلما جاء في المادة الثانية من القانون. فهل سيتم تأمين المبلغ لتوزيع البطاقة.

البنك الدولي وفّر قرضاً بقيمة 246 مليون دولار لتمويل برنامج واحد بكامله تحت مسمى “أمان”. وهو يهدف إلى منح 150 ألف أسرة نحو 150 دولاراً شهرياً لكل اسرة وتغطية 200 دولار من تكاليف المدرسة لـ87 ألف طالب ثانوي. وكان الاتفاق على أن تكون جميع دفعات “أمان” بالدولار الاميركي. لكن برنامج البطاقة التمويلية الذي يُتوقع أن يؤمن مبلغاً يراوح ما بين 93 دولاراً و126 دولاراً، لم يتم بعد تأمين مصدر تمويل مؤكد له.

وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار يقول إن المحادثات بين الحكومة والبنك الدولي باتت في مراحل متقدمة من أجل تأمين المبلغ. لكن مصادر البنك نفت لـ”لبنان الكبير” أن يكون هذا الأمر دقيقاً، وقالت إن الحكومة اللبنانية أرسلت الى البنك طلباً رسمياً بذلك لكن لا قرار نهائياً من المجلس التنفيذي للبنك بالموافقة على هذه الخطوة. وشرحت أن البنك الدولي غير قادر على تمويل البطاقة بكاملها وأنه على الحكومة اللبنانية أن تخصص جزءاً منها في موازنتها التي تعدّها.

كما أنه حتى اليوم لا يزال غير محسوم ما إذا كان سيتم توزيع مبالغ البطاقة بالدولار أو بالليرة. فإذا كان توفير الأموال بالليرة بحسب سعر المنصة الالكترونية كما جاء في الكتيّب الذي وزعه الوزيران السابقان للشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية والاقتصاد والتجارة راوول نعمة في مؤتمرهما الصحافي في أيلول الماضي للإعلان عن اطلاق البطاقة، فهذا يعني أن استفادة الأسر المستهدفة منها ستكون متدنية جداً في ظل التراجع الكبير والسريع للقدرة الشرائية وسط استمرار الارتفاع الجنوني لمعدلات التضخم والتي بلغت حتى تشرين الاول الماضي ما نسبته 183.1 في المئة على أساس سنوي بحسب ادارة الاحصاء المركزي. وهنا نشير، مثلاً، إلى أن بند المواد الغذائية والمشروبات غير الروحية قد سجل الارتفاع الأكبر الذي وصلت نسبته إلى 255 في المئة.

كذلك الأمر، فإن الدفع بالليرة يعني أن التمويل سيكون من الموازنة، وهو ما من شأنه أن يفاقم مستوى العجز خلافاً لشروط صندوق النقد الدولي.

“فيتش”: إنفاق الأسر إلى النمو

وفي السياق عينه، كان لافتاً أن تتوقع “فيتش سوليوشنز” التابعة لوكالة التصنيف الدولية “فيتش”، عودة إنفاق الأسر في لبنان إلى النمو عام 2022 للمرة الأولى منذ عام 2017.

وقدّرت الوكالة في تقرير لها بعنوان “لبنان: المستهلك والتجزئة”، أن يكون إنفاق الأسر قد تقلص بنسبة 11.5 في المئة عام 2021 ليتوسع أكثر بنسبة 6.5 في المئة سنويًا ليصل إلى 29.3 مليار دولار في 2022 مقارنة بـ 40.3 ملياراً عام 2017. على هذا النحو، “سيكون عام 2022 بداية انتعاش دقيق وطويل الأمد لقطاع المستهلكين والتجزئة في لبنان” كما جاء في التقرير الذي اطلعت عليه “لبنان الكبير”. أضاف: “بالتفصيل، تشير بيانات نقاط البيع الصادرة عن مصرف لبنان إلى أن قطاع التجزئة لم يبدأ بعد التعافي إذ انخفض عدد العقود الموقعة مع التجار بنسبة 7.5 في المئة على أساس سنوي. وإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يتماشى النمو في الإنفاق الاستهلاكي مع النمو الاقتصادي المتوقع أن يرتفع بنسبة 6.2 في المئة نتيجة لتشكيل الحكومة وتدفق المساعدات الدولية المفترض حدوثه. ومن المتوقع أن يبدأ معدل البطالة الانخفاض عام 2022 إلى 22 في المئة في المتوسط. نضيف أن إعادة ترميم مرفأ بيروت واستقرار الوضع السياسي سيساعدان في ثقة المستهلك ويعززان الإنفاق الاستثماري وكذلك قطاع السياحة”.

كما توقع التقرير أن يبلغ متوسط ​​التضخم الناتج 138.1 في المئة عام 2021 ارتفاعًا من 84.9 في المئة عام 2020، موضحاً أن هذا الأمر يضع ضغطاً مستمراً على القوة الشرائية بالإضافة إلى نقص السلع وقضايا سلسلة التوريد.

شارك المقال