التأمين بالدولار على حساب صحة المواطن!

جنى غلاييني

أصبحت شركات التأمين التي تهدف بالاساس لخدمة المواطن اللبناني، تعتمد سياسة خدمة المواطن لها! فبعدما كانت هذه الشركات تأخذ من اللبناني القليل وتعطيه في المقابل تغطية شاملة، انقلبت الأدوار وأصبحت تأخذ من اللبناني الكثير وبالـ”فريش دولار” ولا تعطيه إلّا القليل.

يخرج المواطن اللبناني من كل أزمة تعصف بلبنان “كبش محرقة”، وكأنّه هو المسؤول عن التخبط السياسي وافتعال المشاكل الدولية وانهيار اللّيرة الوطنية وغيرها، ليدفع الثمن في كل مّرة. 

نسناس: شركات التأمين في معركة الاستمرارية

يقول رئيس جمعية شركات التأمين ايلي نسناس لـ”لبنان الكبير : “صحيح أنّ المواطن يعاني من أزمة معيشية خانقة إلى جانب دفعه جزءا من مستحقات شركة تأمينه بالدولار، لكن شركات التأمين تخوض أيضاً معركة الاستمرارية، إذ تعاني من خطر الإفلاس، وزادت عليها في الفترة الأخيرة كلفة الحوادث والتضخم الحاصل في البلد، واستقبالها فواتير الاستشفاء أو إصلاح السيارات وغيرها بالفريش دولار، لأنّ شركات التأمين مجبرة على دفع أقساطها”.

ويوضح: “المواطن أصبح يدفع تأمين استشفائه وتأمين سيارته ضد جميع الأخطار بالدولار وليس بالعملة اللبنانية، وفي حال الدفع بالليرة، يتم على أساس سعر صرف السوق السوداء”. ويشير نسناس إلى أنّ “الأقساط بالنسبة للمواطن انخفضت عما كان يدفعه من قبل، إذ كان المواطن يدفع أقساط استشفائه السنة الماضية 1000$ بالليرة اللبنانية، أمّا الآن أصبح يدفع 650$ فريش، لكن الدولار ليس متوفراً بحوزة جميع المواطنين، مما يدفع الأشخاص من الدرجة الأولى إلى الاستشفاء بالدرجة الثانية، ومن الثانية الى الثالثة”.

ويتابع: “حتّى الآن لا أحد يقوم بسحب تأمينه من أي شركة لأن الأمور تجري بشكل طبيعي، والمواطنون يدفعون فريش دولار إلى الشركات التي أصبحت أولوية بالنسبة لهم، متفادين تكاليف الأضرار التي من الممكن أن تطالهم، إذا كان المواطن اللبناني يدفع تأمينه بالفريش دولار فيتم تغطيته بنسبة 100%”.

ويستطرد: “لا إفلاس لشركات التأمين حتى الآن، على الرغم من الضربات التي تلقّتها جراء انفجار المرفأ والأضرار الناجمة عنه والتي لم تكن في الحسبان، بالإضافة الى إعتماد سياسة رفع الدعم بطريقة مغلوطة والتي تسببت أيضا بالفوضى، لكن شركات التأمين تسعى دائماً لخفض فواتيرها التي أصبحت حملا يفوق طاقة المواطن”. 

شركات التأمين: نعاني كالمواطنين

وفي اتصالٍ بشركة “Security Assurance”، تفيد بأّنها “تعتمد تأمين السيارة الالزامي بـ100 ألف و400 ألف لتأمين أضرار السيارة، أمّا فيما يخص التأمين الاستشفائي فالدفعة الأولى بالدولار على سعر صرف 8 آلاف ليرة والدفعات اللاحقة كلها بالفريش دولار. وتشير الى “عدم وجود احتمالات الافلاس، لكن هناك حركة ملحوظة كل فترة بإلغاء عدد بسيط من المواطنين لتأمينهم بسبب عدم توفّر المال لديهم بالدولار أو باللبناني”.

أمّا إحدى الشركات التي رفضت كشف إسمها، فأوضحت: “نحن نشعر ونقدّر حالة المواطنين الصعبة، ولهذا السبب نحاول قدر المستطاع تخفيف العبء عنهم من خلال تخفيض تكاليف التأمين، إذ لاحظنا أنّ عددا لا بأس به قد طلب إلغاء تأمينه بسبب عدم قدرته على تحمّل الزيادات الماديّة وخصوصاً الدفع بالفريش دولار، لكن نحن كشركات تأمين نعاني مع المواطن ولولا الفريش دولار الذي يُدفع لنا لما كنّا مستمرّين”. 

المواطنون غاضبون

ويقول أحمد سمور مستنفراً: “شركات التأمين آلة لشفط المصاري، فعلى الرغم من رفع أسعارها يطالبوننا بالدّفع بالدولار، وإذا دفعت ووصلت الى مرحلة احتجت فيها إلى التأمين أجد نفسي أدفع من جيبي، هذا كفر!”.

وفي السياق عينه، تقول لارا حموي أنّها “أوقفت تأمينها لأنّها بكل بساطة لم يعد بإمكانها دفع المبلغ المطلوب منها، خصوصاً بعد أن أصبح بالدولار، وتشعر بأنّ الشركات تسرقها ولا تمهلها أي فرصة في حال تأخّرت بالدفع، مع العلم أنّهم يتصلون بها مراراً كي تبقى متعاقدة مع شركة التأمين من دون أن يقدّموا أي حافز لذلك”.

شارك المقال