البنك الدولي: 10.5% انكماش النمو في لبنان في 2021

المحرر الاقتصادي

كثيرةٌ ومتشعبة مشاريع البنك الدولي في لبنان الذي ضربته أزمة اقتصادية ومالية هي من بين الأزمات العشر، وربّما من بين الأزمات الثلاث، الأكثر حدةً عالمياً منذ أواسط القرن التاسع عشر وسط تقاعس متعمّد، وفق توصيفه.

فالى جانب المشاريع الانسانية التي تستهدف شبكة الامان الاجتماعي التي يحتاج اليها الشعب الغارق في فقر عميق، فان البنك الدولي يدرس حالياً تمويل استجرار الطاقة الكهربائية من الأردن والغاز المصري عبر سوريا، حيث من المفترض أن يدفع قرضاً يكفي نصف حاجة لبنان من الغاز المصري أو من الكهرباء الأردنية، على أن يوفر لبنان بقية المستحقات بعدما يقوم بتعديل تعرفة الكهرباء.

فالبنك الدولي يعتبر أن قطاع الطاقة في لبنان لطالما كان في قلب التحديات الاقتصادية والمالية التي يواجهها البلد لأنه يضيف إلى ارتفاع العجز المالي والتجاري، مما يتطلب دعماً حكومياً كبيراً كبيرًا بسبب التكاليف غير الفعالة وانخفاض الأسعار. وبالتالي، فانه يدعو إلى إصلاح التعرفة في إطار خطة عمل واضحة لمواجهة التحديات القطاعية المترابطة بالتوازي مع إطار عمل لإلغاء الإعانات من خلال تعرفات فعالة وعاكسة للكلفة مع حماية الفقراء. وهو ما تعمل عليه اليوم وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان، علماً ان اعتراضات سياسية مسبقة قد تعيق هذا الاجراء وتهدد المشروع برمته.

بالأمس، أصدر البنك الدولي تقريره حول الآفاق الاقتصادية المستقبلية العالمية لعام 2022، ويرتقب أن يصدر قريباً مرصده الاقتصادي الخاص بلبنان.

وكما فعل صندوق النقد الدولي سابقاً، فان البنك الدولي أحجم عن إطلاق توقعاته بالنسبة الى لبنان نتيجة حالة عدم اليقين المرتفعة جداً. وقال بوضوح لا لبس فيه “إنه تم استثناء لبنان وليبيا من تقديرات النمو لعامي 2022 و2023 بسب ارتفاع حالة عدم اليقين”. لكنه قدّر أن يكون انكماش النمو عام 2021 قد بلغ 10.5 في المئة من توقعات سابقة له بأن يسجل 9.5 في المئة، و21.4 في المئة انكماش النمو عام 2020، و6.7 في المئة عام 2019.

ويقول التقرير عن لبنان: “بدأت الحكومة التي شُكّلت حديثاً في أيلول 2021 مسار الاستقرار الاقتصادي. لكن على الرغم من هذا التطور الايجابي، إلا ان الضرر الذي تسببت فيه الازمات المالية والاقتصادية المتوالية كان كبيرا. وكان الناتج الحقيقي أقل بنسبة 30 في المئة عام 2021 عما كان عليه عام 2019. والحاجات الانسانية هائلة إذ يعيش معظم الشعب في حالة فقر”.

ولفت التقرير إلى أن قابلية بعض اقتصادات المنطقة لقلب مسار التباطؤ المتوقع للنمو في خطر نتيجة المستويات المرتفعة جدا للدين الحكومي، منها البحرين، مصر، الاردن، لبنان، المغرب، سلطنة عُمان، وتونس.

عالمياً، يشير التقرير إلى أنه بعد الانتعاش القوي للنمو الاقتصادي الذي يُقدَّر بنسبة 5.5 في المئة عام 2021، من المتوقع أن يُسجِّل معدل النمو العالمي تباطؤاً ملحوظاً في 2022 إلى 4.1 في المئة فيما يُعزَى إلى الموجات المتواصلة لجائحة فيروس كورونا، وتقليص تدابير الدعم المالي، واستمرار اختناقات سلاسل الإمداد.

ويشير التقرير إلى أن التباطؤ الاقتصادي سيتزامن مع فجوة تفاوت آخذة في الاتساع في معدلات النمو بين الاقتصادات المتقدمة واقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية. ويُتوقع أن ينخفض معدل النمو في الاقتصادات المتقدمة من 5 في المئة في 2021 إلى 3.8 في المئة في 2022 و2.3 في المئة في 2023، وهي وتيرة ستكفي مع ذلك لاستعادة الناتج والاستثمار إلى اتجاهاتهما التي كانت سائدة قبل تفشِّي الجائحة في هذه الاقتصادات. لكن في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، من المتوقع أن يهبط معدل النمو من 6.3 في المئة في 2021 إلى 4.6 في المئة في 2022 و4.4 في المئة في 2023. وبالنسبة الى منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، من المتوقع أن يتسارع النمو إلى 4.4 في المئة في 2022، وأن يتراجع إلى 3.4 في المئة في 2023.

وبحلول عام 2023، ستكون جميع الاقتصادات المتقدمة قد حقَّقت التعافي الكامل للناتج، لكن الناتج في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية سيظل منخفضاً بنسبة 4 في المئة عن اتجاهاته التي كانت سائدة قبل الجائحة. وفي الكثير من الاقتصادات المعرضة للتأثر، ستكون الانتكاسة أشد، إذ سينخفض الناتج في الاقتصادات الهشّة والمتأثرة بالصراعات بنسبة 7.5 في المئة عن اتجاهاته التي كانت سائدة قبل تفشِّي الجائحة.

وفي الوقت عينه، تواجه السياسة النقدية قيوداً بسبب تزايد مستوى التضخم الذي يضر بشدة بالعمال ذوي الدخل المحدود. وعلى الصعيد العالمي، وفي الاقتصادات المتقدمة، بلغ التضخم أعلى معدلاته منذ عام 2008. وفي اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، بلغ التضخم أعلى معدلاته منذ 2011. وبدأ كثيرٌ من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية إنهاء العمل بتدابير دعم السياسات من أجل احتواء الضغوط التضخمية في تحركٍ عاجلٍ قبل أن يكتمل التعافي.

شارك المقال