اللمسات الأخيرة على خطة التعافي التي ستقدم إلى صندوق النقد!

فدى مكداشي
فدى مكداشي

بعد التطورات السياسية التي حصلت وأفرجت عن جلسات مجلس الوزراء المجمّدة منذ اكثر من شهرين لإصرار الثنائي الشيعي على “قبع” المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، من المقرر ان يدعو رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المجلس للاجتماع فور تسلمه مشروع قانون موازنة العام 2022 باعتبارها من ابرز الامور المطلوبة من وفد صندوق النقد الدولي الذي سيصل الى لبنان خلال أيام لبدء المشاورات مع الحكومة اللبنانية.

وأبرز المواضيع الأساسية للمفاوضات الرسمية مع صندوق النقد، هي المالية العامة: كالموازنة العامة، والدين العام وهيكلته، والإصلاحات الضريبيّة، والقطاع المصرفي بشِقَيه مصرف لبنان والمصارف التجارية، وكيفية توزيع الخسائر، والإصلاحات الهيكلية، وإصدار القوانين الهادفة إلى تطوير القطاع الخاص وتنميته، وقطاع الطاقة المسؤول عن تراكمات العجز، تفعيل القطاع العام وإعادة هيكلته بما يتماشى مع متطلبات الاقتصاد حالياً، تفعيل قطاع الاتصالات بما فيها الإنترنت، تنمية قطاع النقل المشترك، توحيد سعر الصرف بهدف تثبيته.

ويعتبر الاتفاق على حجم الخسائر خطوة أولى ضرورية للحكومة اللبنانية في سعيها للتفاوض على برنامج دعم من صندوق النقد الدولي خصوصا ان الخلافات حول حجم الخسائر بين مصرف لبنان والبنوك التجارية والحكومة العام الماضي، أدت إلى انهيار المفاوضات للحصول على برنامج دعم من الصندوق، الذي يُنظر إليه على أنه ضروري للبدء في إخراج لبنان من أسوأ أزماته منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها ما بين عامي 1975 و1990. وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اعلن انّ “الحكومة تتعاون مع صندوق النقد الدولي للتوصل إلى إقرار برنامج للتعافي الاقتصادي، نافياً وجود خلافات داخل اللجنة المكلفة التفاوض معه، ومؤكداً أنه قريباً سنتوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد”.

خطة التعافي أولاً

في هذا السياق، يرى كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس نسيب غبريل أن “المخرج الأول من الأزمة في لبنان هو اتفاق تمويلي إصلاحي مع صندوق النقد، الذي نادى به القطاع المصرفي منذ اندلاع الأزمة. لكن أولا يجب على مجلس الوزراء الموافقة سريعا على خطّة التعافي لتوزيعها بين مكوّنات قطاع الخاص وتحديدا القطاع المصرفي والهيئات الاقتصاديّة لكي يبدوا رأيهم في الموضوع منعا لتكرار الأخطاء التي حصلت خلال الحكومة السابقة. أما بالنسبة لموضوع الفجوة أو الخسائر المالية، بدلا من الكلام عن ذلك يجب التركيز على استعداد الدولة اللبنانية لتسدد التزاماتها وتدفع ديونها على مراحل طويلة وبفوائد شبه معدومة لاستعادة المودعين ودائعهم”.

أما بالنسبة للمسؤول الأكبر عن الخسائر، يشير غبريل الى انها “الدولة اذ لا يجب تحميل المودعين كلفة تحويل الودائع الى الليرة. وبالتالي يصبح المودع والقطاع المصرفي هما اللذان يدفعان الثمن”.

وعما إذا بدأت المفاوضات في وقت سابق من السنة، يوضح أنها “للأسف لم تبدأ المحادثات ولا المفاوضات، الذي يحصل اليوم هو تواصل غير رسمي على مواضيع تقنيّة بين فريق عمل الحكومة وصندوق النقد. ولكن المحادثات الرسمية لم تبدأ بعد ولا يمكن أن تبدأ قبل موافقة مجلس الوزراء على الخطة بشكل رسمي”. 

٦٩ ملياراً حجم الخسائر؟

وعما اذا كان الحجم الرسمي والنهائي للخسائر هو ٦٩ مليار دولار، يقول غبريل: “لم يقولوا لنا كيف توصلوا الى هذا الرقم ولا كيف سيتم توزيع الخسائر. هم يقولون لنا إنها ستتوزع بشكل عادل بين الدولة اللبنانيّة والمصارف ومصرف لبنان والمودع، معتبرا أن هذه المقاربة ليست لصالح الاقتصاد اللبناني وعلى الدولة أن تعترف بتعثرها عن تسديد الديون وتعمل على تسديدها حتى لو على فترات طويلة من الزمن”.

وعما إذا كانت الدولة لا تزال قادرة على دفع مستحقاتها، يؤكد غبريل أن “الدولة قادرة طالما أن المؤسسات التجاريّة التي تملكها وخاصة تلك المنهارة جراء سوء إدارتها والتي أوصلتنا الى الأزمة مثل مؤسسة كهرباء لبنان وقطاع الاتصالات وشركة طيران الشرق الأوسط والكازينو والمرافق والمطار، يمكن تحويلها إلى مؤسسات مستقلة تملكها الدولة أو تملك جزءا منها، لافتا الى أنه يمكن للشركات الدولية أن تديرها وتصبح شركات منتجة بدلا من أن تكون عبئا على الاقتصاد والخزينة كقطاع الاتصالات الذي أصبح مثل الكهرباء والذي بات يحتاج الى الدعم المالي بدلا من أن يكون مصدر الإيرادات الأساسيّة للدولة كما حال الكثير من البلدان الأخرى. بالإضافة الى مرفأ بيروت الذي لا يزال مدمّرا منذ انفجار المرفأ”.

وعن الطريقة التي يجب اتباعها، يشير إلى أن “هناك طريقة واضحة من خلال قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص والذي يسمح للقطاع الخاص بإدارة وتمويل هذه المؤسسات التجاريّة التي تبقى ملك الدولة ويعيّنون ويشكّلون هيئات ناظمة مستقلة لقطاعات الكهرباء والاتصالات والنقل من اجل تحقيق المزيد من الإيرادات الى خزينة الدولة ويكون هناك جزء كبير من الأسهم فيها للمودعين الذين يريدون هذا الأمر بشكل اختياري، مؤكدا رفضه مقاربة الخسائر علما أن صندوق النقد يحبها لأن الصندوق يريد أن يتأكد أن البلد قادر على تسديد هذه الأموال حتى بعد انتهاء البرنامج الإصلاحي بعد أربع سنوات والذي جلّ همّه أن يبدأ من أماكن لا يوجد التزامات للدولة سوى له. لذا، جزء من الإصلاحات هو خفض العجز في الموازنة ولكن الصندوق يركز على زيادة الإيرادات لكي لا يكون هناك خدمة دين إضافيّة على خدمة دين صندوق النقد”.

أما في حال لبنان رضخ للخطة “ب” التي لا يفضلها غبريل وهي توزيع الخسائر، يؤكد “ضرورة اتباع نتائج مسح استطلاع الرأي الذي نشر في آخر حزيران 2021 في أحد المواقع الإخبارية والتي أجرته إحدى شركات الإحصاءات والذي يسأل المواطن عن رأيه بالمسؤول الذي أوصله للأزمة، مشيرا الى ان 68٪ قالوا إنها الحكومات المتعاقبة و21% مصرف لبنان و11% المصارف، معتبرا أنه إذا أرادوا توزيع الخسائر يجب أن تكون بناء على هذه النسب بدلا من تحميل المودع الفساد وسوء الإدارة”.

شارك المقال