حوالي 40% من القروض المصرفية بحكم المتعثرة

المحرر الاقتصادي

لا شك أن محفظة القروض المصرفية سجلت تراجعات مهمة منذ تفجر الأزمة الاقتصادية والمالية والمصرفية والنقدية في العام 2019، رافقها ارتفاع ملحوظ في نسبة القروض المتعثرة.

والقروض المتعثرة أو المعدومة هي تلك التي تستحقّ ولا يتم سدادها لأي سبب من الاسباب. بمعنى آخر، هي تعني عدم قدرة المقترض على خدمة الدين المرتبط بأصل المبلغ والفائدة المترتبة عليه في تواريخ الاستحقاق.

وويمثل هذا النوع من القروض مشكلة كبيرة للمصرف، كونه يتسبب بتجميد قسم من أمواله نتيجة لعدم قدرة العملاء على السداد، هذا ما يؤدي بدوره الى انخفاض السيولة لديه وحتى العجز مواجهة السحوبات على الودائع.

في في نهاية آب 2021، ارتفعت نسبة القروض المتعثّرة من إجمالي قروض القطاع الخاص لدى المصارف اللبنانية، إلى 37.4 في المئة من 33 في المئة في نهاية العام 2020 بحسب استبيان أعدّه البنك الدولي في تقرير المرصد الصادر أخيراً الذي حمل عنوان “الإنكار الكبير”. وكانت الحصّة الكبرى من نصيب قطاع الإنشاءات، يليه قطاعا الصناعات التحويلية وتجارة التجزئة والجملة.

وهذا يعني انه من أصل التسليفات الاجمالية التي بلغت في آب 2021 حوالي 29 مليار دولار ، هناك 10.8 مليارات دولار عبارة عن قروض معدومة. وهو رقم ارتفع في نهاية العام الماضي بالتأكيد مع استمرار تقلص محفظة التسليفات.

في التفاصيل، قال البنك الدولي في التقرير إن معدل القروض المتعثرة او ما يعرف بـNPLs بلغ 37.4 في المئة من اجمالي التسليفات (43.9 في المئة من التسليفات بالعملات الأجنبية) مقابل 13.3 في المئة في نهاية حزيران 2019.

وهي نسبة ستكون قد ارتفعت بالـتأكيد في نهاية العام 2021 لتلامس الاربعين في المئة.

وبلغ معدل القروض المتعثرة في قطاع الانشاءات، والصناعات التحويلية، وتجارة الجملة والتجزئة، 56 في المئة و58 في المئة و47 في المئة على التوالي.

وعلى الرغم من ارتفاع محفظة القروض المتعثرة، لكن نسبة تغطيتها بالمؤونات وفق المعايير المعتمدة من بازل، لم تتحسن، إذ ظلت على مستوى 55 في المئة في نهاية آب 2021 مقارنة بنهاية العام 2020. علماً انه عادة يفترض على اي مصرف الاستعداد لخسارة قروضه، وتقدير الخسارة المستقبلية المتوقعة على القرض وتسجيل مؤونة أو مخصص في مقابله. والطبيعي أن تستخدم المصارف رأسمالها لامتصاص هذه الخسائر، (وهو ما لم تقدم عليه المصارف اللبنانية) حيث أن التغطية المطلوبة قد تصل الى ما نسبته مئة في المئة حسب مدة تأخر سداد القرض.

ينص قانون النقد والتسليف في هذا الاطار على انه يجب على المصرف الذي يكون قد اشترى عقارات مقابل استيفاء ديون موقوفة او مشكوك في تحصيلها، تصفية هذه الموجودات خلال مدة اقصاها سنتين. ومنح المصرف المركزي مدة زمنية للمصارف لتكوين مؤؤونة في مقابل هذا الدين للحفاظ على سلامتها.

وقد توقع البنك الدولي في تقريره استمرار تدهور هذه المحفظة نتيجة غياب أي تقدم في ما يتعلق بالاصلاحات واعادة الهيكلة.

القروض المسجلة

آخر الأرقام المتوافرة في هذا الإطار والصادرة عن مصرف لبنان أظهرت استمرار انكماش التسليفات المصرفية الاجمالية إلى القطاع الخاص، المقيمين منه وغير المقيمين، بنسبة 22.48 في المئة خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام 2021، إلى 28.04 مليار دولار مقابل 36.17 مليار دولار في كانون الأول 2020. والسبب معروف. وهو قيام العملاء المدينين بعمليّات تصفية لقروضهم من خلال إستعمال الرصيد الموازي لودائعهم تخوّفاً من أي إقتطاع على الودائع أو تراجع كبير في سعر الصرف في السوق الرسمي.

في حين تشير أرقام مصرف لبنان إلى أن الأرصدة المستخدمة من قبل القطاع الخاص بلغ مجموعها 38.7 مليار دولار في نهاية حزيران 2021، بتراجع 4 مليارات دولار ما نسبته 9.4% عما كانت عليه في نهاية كانون الاول 2020 (42.7 مليار دولار) أو 10 مليارات دولار عما كانت عليه في حزيران 2020.

وبلغت الأرصدة المستخدمة الشخصية 12.65 مليار دولار، وهي تمثل ما نسبته 32.5 في المئة من القيمة الاجمالية في حزيران 2021، ثم تلك المستخدمة للتجارة والخدمات (12.55 مليار دولار)، فالبناء (6.16 مليارات دولار)، والصناعة (4.04 مليارات دولار)، والوساطة المالية (1.77 مليار دولار)، والزراعة (535 مليون دولار).

وتشير أرقام مصرف لبنان هنا بحسب توزيع الاعتمادات المستخدمة حسب نوع الضمان، أن السلف مقابل العقارات بلغت 17.66 مليار دولار وشكلت ما نسبته 45.6 في المئة من الضمان من الاعتمادات المستخدمة في حزيران 2021.

شارك المقال