الأوضاع المتردية تدفع شركات “الفرنشايز” إلى الهجرة!

فدى مكداشي
فدى مكداشي

وكأنه لم يكن ينقص لبنان في ظل تردي الأوضاع المالية والاقتصادية سوى إثارة النقاشات البيزنطيّة حول جدوى الوكالات الحصريّة وغير الحصريّة، التي وإن كان مطلوباً تنظيمها ولكن الأكيد أن التوقيت لم يكن مناسباً اطلاقاً. فمن ضمن هذه الوكالات هناك عقود “الفرنشايز” أي عقود الامتياز والتي تعتبر من أكثر العقود تفعيلاً للحركة الاقتصادية. فهي من جهة أولى تعتبر استثماراً، ومن جهة ثانية تعتبر أداة لخلق فرص العمل وتفعيل الدورة الماليّة.

علامة

وللاستيضاح عن موضوع عقود الامتياز “الفرنشايز” ومدى تأثرها بالأزمة غير المسبوقة التي تعصف بلبنان، يشير الخبير المالي والاقتصادي بلال علامة الى أن “عقود الامتياز تعتبر من أهم الأدوات الاقتصادية المتداولة في الأسواق العالمية نظراً الى دورها في تأمين التبادل التجاري على المستوى العالمي، وكونها تعتبر إحدى أدوات الاستثمار التي تعزز تبادل رأس المال بين مختلف الدول والأسواق على مستوى منظومة العولمة”.

ويوضح أن “هناك نوعين من عقود الامتياز منها ما هو لشركات ذات منشأ لبناني وتمنح حق الامتياز لمتعاملين في الأسواق الخارجيّة، ومنها شركات عالمية ذات منشأ خارجي تستقدم الى لبنان بصفة الامتياز لتعمل في السوق اللبنانية. في كلتا الحالتين عقود الامتياز تساهم بشكل فاعل في تعزيز الحركة التجارية والاقتصادية وتفعيل الدورة الماليّة كونها تساهم في خلق فرص العمل، وهي في معظم الأحيان تتمتع بالمواصفات القياسية العالمية من حيث نوعية الأعمال ومستوى اليد العاملة المرتفع”.

ويؤكد أن “الأزمة التي عصفت بلبنان أصابت قطاع الفرنشايز مباشرة في لبنان حيث أن الكثير من شركات الفرنشايز العالميّة انسحبت وستنسحب من السوق اللبنانية وخصوصاً بعد تفاقم الأزمة والانهيار الحاصل. إن الأثر المباشر لانسحاب هذه الشركات يعني انخفاض حجم العمالة وتدني فرص العمل وتراجع الاستثمارات، بمعنى أوضح انسحاب رؤوس أموال من الدورة الاقتصادية والمالية اللبنانية. وكلما تفاقمت الأزمة سنشهد إقفال المزيد من شركات الفرنشايز وانسحاب المزيد من الاستثمارات، علماً أن بعض الشركات لا يزال مستمراً ويكافح من أجل البقاء والاستمرار في السوق المحلية على الرغم من ارتفاع مستوى المخاطر. فالمعروف أن من أهم أسس عقود الامتياز الالتزام بنوعيّة ومستوى الخدمات التي تقدّمها الشركات وهذا يعتبر شرطاً أساسياً يمنع المس به أو التحايل عليه مما يجعل الاستمرار بشروط عقود الامتياز شبه مستحيلة في ظل التردي الحاصل وتفاقم الأزمة باستمرار”.

قصعة

من جهته، يوضح رئيس جمعية تراخيص الامتياز يحيى قصعة أن “هناك قسمين أساسيين للفرنشايز. القسم الأول للذين يحصلون على حقوق الامتياز من شركات عالمية، أو الذين يمنحون حقوق الامتياز للعمل تحت الاسم التجاري سواء في لبنان أو في الخارج. وقد رأينا هجرة جماعية للعلامات التجارية الآتية من الخارج الى لبنان. البعض بقي والبعض الآخر لم يتحمل الوضع الاقتصادي فخرج. في المقابل، هناك الكثير من مانحي حقوق الامتياز لا يزالون مستمرين ويناضلون من أجل البقاء”.

وعن حجم الضرر الذي لحق بالاقتصاد اللبناني بعد خروج بعض هؤلاء، يشير الى أن “ثلثي الدخل القومي تبخّر في السنوات الثلاث الأخيرة، وهذه كارثة أن يخسر الاقتصاد اللبناني ٦٥ في المئة من قيمة إنتاجنا فهي إشارة الى أن الوضع كارثي”، لافتاً إلى أنه “كان لدى كل قطاع فرنشايز ما بين 8 الى 16 فرعاً في المناطق اللبنانية كافة. ومنذ سنتين أي عند بدء الأزمة جاء القرار الأول أن تغلق تلك الفروع في كل المناطق، واليوم نرى أن معظم الأسواق فارغة. وعدد الفرنشايز في لبنان قبل الأزمة كان حوالي 5700 علامة تشغل فروعاً عدة”.

ويرى قصعة في الوقت نفسه أن “هذا القطاع يشغل الكثير من اليد العاملة وله انعكاس إيجابي على الحركة الاقتصاديّة”. ويقول: “خرجت 49 علامة تجاريّة من لبنان ولكن رأينا عودة بعضها مثل pizza hut و Addidas وهذا دليل على أن اللبناني يحب أن يغامر، فهناك ثقافة المقاومة الاقتصاديّة على الرغم من أن هناك الكثير من العلامات التجاريّة والمحال التي أغلقت أبوابها. من ناحية أخرى، هناك الكثير من الصناعات الوطنيّة التي برزت وتطوّرت لتغطية النقص وخصوصاً في قطاع الألبسة والأغذية. ووجود الاثنين مهم لخلق دينامية وتفاعل ومنافسة الأمر الذي يؤدي الى التطوّر”.

وعن توقّعاته بشأن هذا القطاع، يرجح “أن تعود المجموعات التي يرأسها لبنانيون، إنما المجموعات التابعة لأشخاص عرب وغيرهم فأعتقد أننا خسرناها لفترة طويلة من الزّمن”.

شارك المقال