مصرف لبنان يُمدّد سيطرته على الدولار

هدى علاء الدين

وضع مصرف لبنان حداً للتكهنات حول تمديده العمل بالتعميم الرقم 161، بعد فترة من الترقب والانتظار من أجل معرفة مسار الدولار في المرحلة المقبلة بعد أن حافظ على استقراره منذ انطلاق العمل به منتصف كانون الأول من العام الماضي. المصرف الذي أصدر مؤخراً تعميماً جديداً حمل الرقم 614 للمصارف والمؤسسات المالية والمؤسسات التي تتعاطى العمليات المالية والمصرفية بالوسائل الالكترونية، أجاز فيه السماح للمؤسسات غير المصرفية بممارسة أعمال الصرافة، قطع أمس الشك باليقين بعدما أعلن حاكمه موافقته على تمديد مفاعيل التعميم الأساسي الرقم 161 لمدة شهر تنتهي أواخر آذار المقبل قابلة للتجديد، مؤكداً على استمرار التعاطي بالأوراق النقدية بالدولار الأميركي مقابل الأوراق النقدية بالليرة اللبنانية مع المصارف من دون أي سقف وفقاً لسعر منصة “صيرفة”.

وفي هذا الإطار، يشير مصدر خاص لموقع “لبنان الكبير”، إلى أنه يجب النظر اليوم إلى الجانب الإيجابي لما يقوم به مصرف لبنان، خصوصاً أن الوضع ما بعد إقرار التعميم هو أفضل بكثير من الوضع في الفترات السابقة، إذ نجح المصرف من خلال التعميم في ضبط السوق لحدٍ ما على الرغم من أن ما يفعله المصرف لا يرتقي إلى ما هو مطلوب الآن لمعالجة الأزمة التي تتطلب جهداً ومزيداً من القرارات الجذرية والفعالة.

ومن هنا، فإن الخطوات التي يقوم بها المركزي تشكل بدايةً صحيحةً لا سيما بعد فترة رأس السنة، ومكّنته من الإمساك بزمام الأمور أكثر فأكثر وسحب الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية من السوق التي كانت سبباً أساسياً في انهيار سعر الصرف وإن تطلب ذلك وقتاً طويلاً.

ووفقاً للمصدر، هناك بعض الجهات التي تتقاضى بالدولار وعدد لا بأس بها من الصرافين الذين يعمدون إلى ضخ معلومات غير صحيحة في السوق بسبب الضرر الذي لحق بهم جراء لجم المصرف لسعر الدولار في السوق السوداء، إذ كانوا يأملون الإبقاء على تفلت السوق وتحكمهم به، لكن المركزي استطاع سحب هذه الورقة من أيديهم ممسكاً بطرف الخيط من جديد، لافتاً إلى أنه بين الحين والآخر، يبحث المركزي كيفية الحصول على المزيد من الدولارات من أجل فرض المزيد من سيطرته على السوق، وهذا ما يُفسر توقيت إصدار التعميم رقم 614 والذي يريد من خلاله السماح للمزيد من المؤسسات التي تقوم بتحويل الأموال بإجراء عملية تصريف الدولار أسوة بالصرافين، في خطوة تدل على نيته جمع المزيد من الدولار ومن ثم توزيعها تحت إشرافه.

ويتابع المصدر: “لو اعتمد الحاكم هذه الخطوة في حكومة حسان دياب، لكان وفّر مليارات الدولارات التي ذهبت هدراً على دعم عشوائي، مبدياً استغرابه لجهة عدم القيام بها حينه وغير مستبعد تأثير الظروف والعوامل السياسية التي كانت تضغط على الحاكم حينها بضرورة الاستمرار في سياسة الدعم”.

وعن الفترة التي يمكن للمصرف الإبقاء على هذا التعميم، يقول المصدر إن كلفة هذا التعميم أقل من كلفة الدعم، وبالتالي يمكن الاستمرار بها أقله إلى موعد الانتخابات النيابية خاصة إذا نجح في تأمين المزيد من مصادر الحصول على الدولار مع توقعات تُشير إلى انخفاض الدولار لعتبة الـ 19 الف ليرة، علماً أن سعر الـ 20 ألفا يريح الأسواق ويُجبر التجار الذين يراهنون على ارتفاع الدولار على تخفيض الأسعار في ظل دولار مستقر للشهر الثالث على التوالي.

أما عن إقرار الموازنة والاتفاق مع صندوق النقد الدولي في حال حصوله، فإنه حتماً سيساعد مصرف لبنان على تخفيض سعر الدولار، ولا سيما أن المنحى التنازلي للعملة الخضراء مرهون بما تم ذكره إضافة إلى عوامل الاستقرار السياسية التي تغيب عن الساحة اللبنانية اليوم. وحسب المصدر، فإن ضبط سعر الصرف في لبنان لا يحتاج إلى مبالغ هائلة، وبالتالي فإن أي خطوات إيجابية تؤمن الاستقرار المطلوب سينعكس إيجاباً على تحسن العملة الوطنية.

إذاً، نجح مصرف لبنان خلال هذه الفترة في السيطرة على سعر صرف الدولار في السوق السوداء التي شهدت انخفاضاً ملحوظاً إلى ما حوالي 21 ألف ليرة بعدما حلّق إلى مستويات قياسية تخطت عتبة الـ 30 ألف ليرة قبل أيام من صدور التعميم المهدئ من خلال ضخ ملايين الدولارات في السوق.

إلا أنه وعلى الرغم من هذه الانعكاسات الإيجابية في سوق العملة الخضراء، يبقى قرار الحاكم وبسبب المناكفات السياسية والقضائية رهن تطورها في الأسابيع المقبلة، خصوصاً أنه قد يلجأ إلى استخدام ورقة التمديد للتعميم 161 كرد فعل على أي أسلوب مشابه لأسلوب القاضية غادة عون، الأمر الذي قد يغير كافة التوقعات ويقلب كل الموازين.

شارك المقال