هل ستؤثر الأزمة الروسية – الأوكرانية على إمدادات لبنان الغذائية؟

المحرر الاقتصادي

الأزمة الراهنة بين روسيا وأوكرانيا تصيب أكبر مصدّرين للقمح إلى لبنان. فهل هناك من تأثيرات لهذه الازمة على إمدادات لبنان من هذه المادة الغذائية الأساسية التي تشكل العمود الفقري للأمن الغذائي؟

ما إن أعلنت روسيا بدء عملياتها العسكرية على أوكرانيا، حتى قفزت أسعار القمح عالمياً بشكل حاد وسط مخاوف بشأن انخفاض الإمدادات من منطقة البحر الأسود. فسجلت أسعار عقود القمح الآجلة لشهر أيار، المتداولة في بورصة شيكاغو، ارتفاعاً كبيراً هو الأعلى منذ حزيران 2012، ووصلت الى 9.32 دولارات. كما ارتفعت العقود الآجلة لشهر أيار للقمح الشتوي الأحمر الصلب إلى 9.68 دولارات.

وتشير التقديرات إلى أنّ الصادرات المجمّعة لروسيا وأوكرانيا من القمح للسنة التسويقية 2021 – 2022 (حزيران وتموز) تمثل 23 في المئة من الحجم الإجمالي العالمي البالغ 206.9 ملايين طن متري، وفقاً لوزارة الزراعة الاميركية. وتعتبر روسيا وأوكرانيا من الموردين الرئيسيين للقمح لمنطقة الشرق الأوسط والدول الأوروبية.

وذكرت مؤسسة “ستاندرد آند بورز” في تقرير أمس أنّ التوترات المتصاعدة بين روسيا وأوكرانيا، تسببت بتقلبات في أسعار القمح عالمياً وظهرت مخاوف بشأن احتمال تعطل التدفقات التجارية.

لكن هل يؤثر هذا الارتفاع على لبنان؟

من الواضح أن العامل الأكبر الذي يؤثر على أسعار القمح عالمياً هو ارتفاع أسعار النفط والتي تعدت أمس المئة دولار. لكن ماذا لو تفاقمت الأمور وما هي انعكاساتها على لبنان الذي صنفته منظمة “الفاو” للأغذية العالمية من بين 20 دولة مهددة بانعدام الأمن الغذائي عالمياً؟

يستورد لبنان 80 في المئة من حاجته من مادة القمح بعدما تراجعت هذه الزراعة في السنوات الماضية. ووفق التقديرات، تتراوح حاجة لبنان الاستهلاكية للقمح بين 450 و550 ألف طن سنوياً.

في العام 2020، استورد حوالي 650 ألف طن من القمح من أوكرانيا، أي حوالي 80 في المئة من حاجته الاستهلاكية، فيما استورد بنسبة 15 في المئة من روسيا. وبلغ الحجم الاجمالي لاستيراد لبنان من روسيا في العام 2021 (احصاءات الجمارك اللبنانية) ما قيمته 145 مليون دولار، ومن أوكرانيا 109 ملايين دولار.

وإذا طال التصعيد بين روسيا وأوكرانيا وتوسع الى البحر الأسود، فسينعكس ذلك سلباً على لبنان، لأن الخيارات البديلة أمامه ضئيلة. إذ أنه سيكون مضطراً لاستيراد مادة القمح من الولايات المتحدة أو الأرجنتين، الأمر الذي سيستغرق وقتاً بسبب بعد المسافة، إضافة الى ارتفاع تكلفة الاستيراد، وهو ما يهدد بحصول نقص في هذه المادة لأن مستودعات المطاحن لا تسع إلا لمخزون يكفي بين شهر وشهر ونصف فقط، بعدما كانت اهراءات مرفأ بيروت المهدمة في انفجار 4 آب تسع لحوالي 120 ألف طن من القمح، أي ما يكفي حاجة لبنان لثلاثة أشهر.

وقد يضطر لبنان الى طرق أبواب أخرى لاستيراد القمح غير أوكرانيا، وهي الدولة المُصدّرة للبنان بسعر أقل من غيرها. إلا أن هذه العملية ستكون أكثر تكلفة عليه، لأن النقل سيكون مكلفاً بعدما ارتفعت أسعار النفط عالمياً.

وتشير احصاءات الجمارك اللبنانية إلى أن لبنان يستورد من أوكرانيا أيضاً الحبوب المختلفة والحديد والصلب والزيوت وغيرها، أي أن ما يحصل اليوم يفقده شريكاً تجارياً مهماً ويهدد بنقص في هذه الأنواع من المستوردات.

سيف

أكّد نقيب صناعة الخبز في لبنان طوني سيف، في تصريح، أنّ الغزو الرسمي لأوكرانيا لن يكون له تأثير مباشر على القمح، إذ أنه لا يزال في بدايته وهناك مخزون لدى الموردين، وبالتالي قد يكون تأثيره على الموسم القادم في أوكرانيا. لكنه تخوّف من أن يقوم المورّدون برفع سعرهم إحتياطياً لإمكانية تضرر موسم القمح القادم.

شارك المقال