عنوان وحيد للقاءات “الخزانة” مع المصارف: الامتثال غير كاف

المحرر الاقتصادي

كشفت مصادر مصرفية أن وفد وزارة الخزانة الأميركية الذي زار بيروت منذ أيام، نوّه بامتثال المصارف اللبنانية للقوانين الدولية المرتبطة بمكافحة تبييض الأموال والفساد، لكنه طالبها في المقابل ببذل المزيد من الجهود لـ”مواجهة فساد السياسيين” الذين برأي الخزانة الأميركية “لا يزالون يستخدمون القطاع المصرفي في عمليات يشتبه في فسادها”.

وكان وفد من وزارة الخزانة الأميركية ضم النائب الأول لمساعد وزير الخزانة الأميركية والمسؤول عن مكافحة تمويل الارهاب والجرائم المالية بول اهرن، ونائب مساعد وزير الخزانة ايريك ميير، زار بيروت لثلاثة أيام حتى الثاني من آذار الحالي. وصدر عن السفارة الأميركية في بيروت بيان جاء فيه أن “الوفد الرفيع من وزارة الخزانة الأميركية عبّر خلال زيارته لبنان عن مخاوفه بشأن الفساد الذي يشوب النظام المالي اللبناني”، وتأكيده “أهمية اعتماد الشفافية في العمليات المالية لمنع إساءة استخدامها وتهديد صدقية لبنان”، كما تأكيده أن “معالجة الفساد في لبنان شرط مسبق لمعالجة الحوكمة والأزمة الاقتصادية”.

وتنطلق واشنطن في مساعيها لمكافحة تبييض الأموال من باب مكافحة الفساد. فهي تعتبر أن هدف العقوبات التي تفرضها على شخصيات لبنانية تصفها بالفاسدة هو من أجل تجفيف منابع تمويلها.

وكان وكيل وزارة الخزانة الأميركية للارهاب والاستخبارات المالية براين نيلسون، أبلغ المصارف اللبنانية خلال اجتماع افتراضي معها في كانون الأول الماضي، أن الاجراءات التي تطبقها وفقاً للمعايير المالية الدولية “جيدة لكنها غير كافية”، وحضها على اتخاذ المزيد من التدابير لحماية النظام المالي في لبنان من الفساد، من خلال القيام بالتدقيق المالي حول حسابات الشخصيات البارزة سياسياً وتحديد مصادر أموالها.

وقالت المصادر المصرفية التي شاركت في اجتماعات وفد وزارة الخزانة الأميركية، أن المصارف اللبنانية استفسرت حول ما تعنيه الخزانة بـ”وجوب بذل المزيد” بعدما عرضت للتدابير كافة التي تقوم بها على صعيد الامتثال.

وشرحت المصارف اللبنانية أنه لا توجد عمليات مشبوهة تمر عبر القطاع المصرفي اللبناني خاصة أن الحركة المصرفية تشهد تراجعات كبيرة، بحيث تراجعت ودائع القطاع الخاص بأكثر من 45 مليار دولار منذ العام 2019. وجزمت المصارف بأن أي عملية لأي سياسي تخضع للقوانين والمعايير المحلية والدولية ويتم وقف أي مشتبه فيها.

وأبلغ رئيس جمعية المصارف سليم صفير الوفد الأميركي أن “ممثلي القطاع المصرفي ما زالوا يبذلون جهودهم، في ظل الظروف الحالية، لممارسة العناية الواجبة المناسبة والسيطرة على تدفق الأموال عبر النظام المصرفي وتطبيق معايير الامتثال المطلوبة”. كما أكد “التزام المصارف بالمساهمة في مكافحة الفساد”.

وتظهر الأرقام الأخيرة الصادرة عن جمعية مصارف لبنان أن ودائع القطاع الخاص تراجعت بواقع 15.4 مليار دولار في 2019 و19.7 مليار دولار في 2020 و9.7 مليارات دولار في 2021، ومن ضمنها تراجع بقيمة 10.7 مليارات بين أيلول وكانون الأول 2019. أي أن مجموع ودائع القطاع الخاص تقلصت بقيمة 45.3 مليار دولار بين كانون الثاني 2019 وكانون الثاني 2022 (تقلصت بقيمة 535 مليون دولار في شهر كانون الثاني 2022). وقد تراجعت الودائع بالليرة بقيمة حوالي 37 مليار ليرة (24.5 مليار دولار وفق سعر الصرف الرسمي)، في حين تراجعت الودائع بالعملات بـ20.8 مليار دولار.

وكانت مساعدة وزير الخزانة الأميركية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب إليزابيت روزنبرغ طالبت المصارف اللبنانية في شباط الماضي، بوجوب الامتثال الى القوانين المالية وإن كانت تكلفة هذا الأمر مرتفعة بالنسبة اليها، وهددتها بأن “تكلفة الامتثال أرخص بكثير من تكلفة عدم الامتثال”.

وتركز واشنطن على وجوب قيام المصارف اللبنانية بتطبيق ما يُعرف بـ”إعرف عميلك” والذي تتم من خلاله عملية التحقق من هوية العُملاء وتقويم مدى ملاءمتهم مع المعايير المالية الدولية المطلوبة.

شارك المقال