كركي يتحدث لـ”لبنان الكبير” عن “التأمين ضد البطالة” ويحذر من رفع الدعم عن الدواء

فدى مكداشي
فدى مكداشي

أعلن المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محمد كركي “أننا ننتظر الملاحظات النهائية من فريقي الإنتاج حول نظام التأمين ضد البطالة الذي تم الانتهاء من وضع مسودته وتوزيعها عليهما”، وشرح أن هذا النظام “مبني على تمويل من أصحاب العمل والعمّال”. بمعنى آخر، ترتكز الفكرة الأساسية بأن “تزاد الاشتراكات على العمال وعلى أصحاب العمل ونعطي تقديمات بعد سنتين على الأقل من بداية المشروع. وبالتالي لا يمكننا البدء بها النظام إلا بعد تجميع اشتراكات لمدة سنتين للمباشرة بدفع بدلات البطالة، إلا إذا كان هناك إمكانية لتمويل مسبق من قبل جهات خارجية على شكل هبات أو قروض”، مشيراً إلى أن “الدراسة وضعت ٣٠٠ مليار ليرة للبدء سنوياً بصورة مباشرة”.

وحذر كركي من رفع الدعم عن الدواء والمستلزمات الطبية، داعياً إلى “ايجاد طريقة ذكيّة لرفع الدعم تدريجاً أو استقطاب الهبات من الخارج”. وأعلن أن رفع تعرفات الأطباء نتيجة تفلت الدولار هو أمر “في غاية الحساسية، لأن الأطباء لا يمكنهم اتخاذ هذا التدبير من تلقاء أنفسهم، بل الضمان هو مَن يحدد ذلك، ولا يمكن الزيادة قبل تأمين التمويل”.

ونبه من تراجع تقديمات الصندوق اذا لم تدفع الدولة متوجباتها السنوية والأموال المرصودة للضمان. ففي نهاية العام ٢٠٢٠، كان هناك مبلغ مترتبٌ على الدولة للضمان يفوق الأربعة آلاف و٨٠٠ مليار ليرة، في حين عليها أن ترصد سنوياً في الموازنة حوالي ٤٧٠ مليار ليرة. واذ حذر من ارتفاع نسبة البطالة التي تقدر بما بين 30 في المئة و35، قال إن التقديرات “للسنوات العشر المقبلة غير مشجّعة وستكون مرتفعة جداً “.

كلام كركي جاء في حديث خاص لــ “لبنان الكبير”، أشار في بدايته إلى أن “الصندوق يغطي حوالي مليون و٦٠٠ ألف مستفيد إضافة إلى أفراد عائلاتهم أي تقريباً حوالي ثلث الشعب اللبناني”.

وأوضح أن صندوق الضمان ينقسم إلى ثلاثة فروع: فرع المرض والأمومة، فرع التعويضات العائلية، وفرع نهاية الخدمة، شارحاً وضع كل فرع كالآتي:

– في ما يتعلّق بفرع تعويضات نهاية الخدمة وتحديداً سن التقاعد، فلا يزال الضمان يوفر هذه التعويضات دفعة واحدة وليس بناءً على نظام تقاعدي مدى الحياة. من ناحية الأموال في هذا الصندوق، فمتوافرة وذلك بناء للدراسات التي تؤكد سلامة الوضع في هذا الفرع للعام ٢٠٦٥ أقلّه.

– في ما يتعلّق بفرع التعويضات العائلية، كان لدى الصندوق عجز تراكمي ولكننا سيطرنا عليه تباعاً، وبات اليوم الوضع سليماً.

– المشكلة الكبيرة هي في فرع المرض والأمومة. للأسف الدولة اللبنانية لا تدفع ديونها والأموال التي ترصدها بالموازنات المتتابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. أي عند نهاية عام ٢٠٢٠، هناك أكثر من حوالي أربعة آلاف و٨٠٠ مليار مترتبة على الدولة اللبنانية، وكل سنة عليها أن ترصد في الموازنة حوالي ٤٧٠ مليار للضمان الاجتماعي. ولكن للأسف لم يتم تحويل أي مبلغ للضمان الاجتماعي. وقد حذرنا في أكثر من مناسبة من أنه لا يمكننا الاستمرار بتقديمات فرع المرض والأمومة إذا كانت الدولة لا تريد أن تقوم بواجباتها خصوصاً أنها تدفع من الاشتراكات عن الأجراء وبعض الفئات الخاصة كالسائقين والمخاتير.. كما أنها تدفع بحدود الـ٢٥ في المئة سنوياً من الإنفاق الصحي.

رفع تعرفة الأطباء والمستشفيات يحدده الضمان

وعما إذا كان هناك نية لتعديل تعرفة الضمان الحالية في ظلّ تفلت الدولار، يعتبر كركي أن “هذا الأمر في غاية الحساسية خصوصاً بعد التحركات التي جرت الأسبوع الماضي، إذ زارنا وفد من نقابة الأطباء وكان هناك مبادرة فردية من نقابة أطباء الشمال عملوا على تغيير التعرفات من تلقاء أنفسهم وهذا الموضوع مرفوض كلياً لأن الضمان هو الذي يحدد التعرفات للمستشفيات وللأطباء الذين يتعاقد معهم”.

واشار كركي إلى أنه “سبق وزدنا للمستشفيات في ما يتعلق بالكورونا تعرفة الغرف العادية والعناية، وأضفنا جلسات غسيل الكليتين واليوم ندرس تدريجاً ماذا يمكننا أن نزيد للأطباء كمعاينات سواء كان داخل المستشفى أو خارجه وحالة كل عامل في القطاع الطبي”. وقال هنا “لا يمكننا هذه المرة أن نزيد قبل أن نؤمن التمويل الذي عليه أن يأتي إما من الدولة أو من القطاع الخاص أو من العمال وأصحاب العمل أو من الاثنين. أي أننا نريد أن نزيد اشتراكاتنا مع مساهمة الدولة في ذلك. ولكن نظراً للأوضاع، نرى صعوبة خصوصاً أن الدولة تتخلف عن دفع ديونها وموجباتها وكذلك الأمر بالنسبة لأصحاب العمل والعمال والظروف التي نمرّ بها. أعتقد أن زيادة الاشتراكات بنسبة قليلة ممكن ولكن ليس بنسبة كبيرة. وبالتالي، في ما يتعلّق بالموضوع الصّحي بشكل عام، على الدولة أن تدفع كل متوجباتها السنوية كي نستطيع أن نستمر وإلا سيكون هناك مشكلة وخصوصاً مع الحديث عن رفع الدعم عن الأدوية وكل المستلزمات الطبية سيكون هناك انعكاسات كبيرة على تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”.

لطريقة ذكية لرفع الدعم عن الدواء

مع تزايد الحديث في الآونة الأخيرة عن موضوع ترشيد الدعم على السلع وكيفيّة مواجهة هذا الأمر بالنسبة لأسعار الأدوية، يرى أن “المشكلة كبيرة في هذا الإطار لأن الضمان تقديماته مبنيّة على مستوى معيّن من الاشتراكات إلا إذا لم يشمل كل الأدوية”، مؤكداً “ضرورة إيجاد طريقة ذكيّة لرفع الدعم بشكل تدريجي أو استقطاب الهبات من الخارج لتساعد القطاع الصحي ككل وليس فقط الضمان بل أن تشمل كل المؤسسات الحكوميّة الضامنة لأنه في حال بقيت تعرفاتنا محددة سنصل إلى مرحلة لن يعود المواطن المضمون الذي ليس بحوزته المال أن يتطبّب وبالتالي هذه مشكلة خصوصاً أن كل الطبقة العاملة والتي تشكّل ٥٠٪ تقريباً من الأجراء المسجّلين يتقاضون دون المليون ليرة أي حوالي ٧٠ دولاراً أميركياً”.

وتمنى كركي على المسؤولين “أن يدركوا انعكاسات هذا الموضوع قبل أن نصل إلى انفجار اجتماعي. لذا أعتقد أنه يجب درس هذا الأمر، على رغم أن هناك بعض التطمينات أننا سنبدأ بشكل تدريجي ولن تشمل هذه السياسة كل الأدوية، ولكن على الرغم من كل هذا يبقى الأمن الصحي هو الأولوية”.

“سنلجأ إلى القضاء لاسترداد حقنا”

من المعروف أن الضمان الاجتماعي بات يوظف جزءاً كبيراً من أمواله في سندات الخزينة، بينما المتبقّي محجوز على شكل ودائع مصرفية. وبالتالي، فإن أي عملية إعادة هيكلة للدين العام بالليرة او أي عملية “هيركات” سترفع من مستوى المخاطر على أموال المضمونين. هنا يكشف كركي عن خطة الصندوق لمواجهة هذه الأزمة التي تلوح في الأفق، فيقول: “قانون حماية أموال الضمان كان قد صدر مع نهاية العام الماضي والذي يتضمن بندين أساسيين وهما الإعفاء من أي هيركات وفي حال أفلس أي مصرف أن يكون للضمان الأولوية بذلك. أما الشق الكبير فهو يتعلق بتقديمات الصندوق وهنا حددنا بشكل واضح أن كل تقديماتنا سواء كانت تعويضات نهاية خدمة أو تقديمات صحية أو عائليّة يجب أن تُدفع فوراً ودون تجزئة، وفي حال لم تدفع فوراً سنلجأ إلى وسائل الإعلام والقضاء لاسترداد حقنا”.

التأمين ضد البطالة

ومع تفاقم أزمة البطالة بشكل دراماتيكي وأعداد العاطلين عن العمل يتزايدون باستمرار، يؤكد كركي أن “هذا الموضوع أعطيناه عناية خاصة مع وزيرة العمل بحيث أطلقنا على إثر اجتماعنا الأسبوع الماضي نظام تأمين ضد البطالة. وقد وضعنا مسودة القانون وبعد دراسات عدّة بين اللجنة المشتركة والوزارة ومنظمة العمل الدولية لحوادث سنة من أجل الحد من البطالة. بعدها قمنا بتوزيع المسودة على فرق الإنتاج والعمال وأصحاب العمل لوضع الملاحظات النهائية نظراً لخطورة الوضع الذي نحن فيه وبالتالي نتأمل أن يبصر هذا المشروع النور بأسرع وقت”.

وعن آلية عمل نظام تأمين ضد البطالة، أوضح كركي أنها “مبنية على تمويل من أصحاب العمل والعمّال أي أن الفكرة الأساسية أن تزاد الاشتراكات على العمال وعلى أصحاب العمل ونعطي تقديمات بعد سنتين على الأقل من بداية المشروع، وبالتالي لا يمكننا البدء إلا بعد تجميع اشتراكات لمدة سنتين للبدء فورا بدفع بدلات البطالة، إلا إذا كان هناك إمكانية لتمويل مسبق من قبل جهات خارجية على شكل هبات أو قروض”، مشيراً إلى أن ” الدراسة وضعت ٣٠٠ مليار ليرة للبدء سنويا بصورة مباشرة”.

وأشار كركي إلى أن “هناك بلداناً سخية أكثر بدأت بتطبيق النظام بعد سنة ولكن بسبب الوضع الراهن أردنا أن نبدأ بشكل تدريجي. والنقطة الأساسية هي أجراء أصحاب العمل، بحيث يستطيع أن يأخذ الأجير حسب سنوات الخدمة من ثلاثة إلى ستة أشهر حداً أقصى تعويض بطالة تقريباً يتراوح بين ٧٠ في المئة من راتبه الأخير في إطار نظام البطالة في الشهر الأول ومن ثم يتدنى في الشهر الثاني إلى ٥٠ في المئة وصولاً إلى ٤٠ في المئة في الشهر الثالث”. ولفت إلى أن “أهميّة هذا النظام هو تأمين التغطية الصحية. أي بالإضافة إلى بدلات البطالة سنؤمن ضماناً صحياً أي سيتم دفع اشتراكات فرع المرض والأمومة كي لا يحصل انقطاع في الضمان الصحي. وهناك فكرة أخرى طرحت وهي أن تكون هذه الفترة من فترة تعويض نهاية الخدمة أي يتم دفع اشتراكات لصندوق نهاية الخدمة وبالتالي لا يخسر شيئاً بالنسبة لتعويضاته ولا يفقد ضمانه الصحي ويتقاضى نسبة من راتبه. هذا هو المشروع الذي عملنا على صياغته. كما طالبنا بأن تشارك الدولة مالياً في هذا المشروع وكافة المشاريع الاجتماعية”.

العاطلون عن العمل

أما عن نسبة البطالة، فيشير إلى أن “هناك أرقاماً مختلفة حول الموضوع ولكن على الأرجح أن هناك بين 30 في المئة و35. أما التوقعات للسنوات العشر المقبلة فهي غير مشجّعة أي أن نسبة البطالة ستكون مرتفعة جداً في لبنان”.

ولفت إلى أن “الناس الذين تركوا الضمان في عام ٢٠٢٠ والمسجلين رسمياً تركوا أكثر من ٥٠ ألف أجير في العام ٢٠٢٠ وبالتالي الأرقام هي أكبر بكثير لأن الضمان هو ثلث اللبنانيين، ما يعني أن باقي القطاعات غير المسجّلة من الممكن أن تكون قد توقفت عن العمل”. وأكد “أهميّة وضع مشروع متكامل ليشمل جميع القطاعات التي تعاني وذلك من خلال الإسراع بتشكيل حكومة إنقاذية تعطينا حلولا متكاملة”، معتبراً أنه “في حال تدهور الاقتصاد الوطني ومعه المصارف والمصرف المركزي، سينعكس ذلك سلباً على الضمان”.

ويوضح “إننا ننفق حوالي ٢٥٠٠ مليار ليرة لبنانية سنوياً من خلال الضمان الصحي والتعويضات العائلية أو تعويضات نهاية الخدمة، أي نحن نؤمن الحد الأدنى من الديناميكية والسيولة في البلد ولكن من الصعب جداً أن تتحمل مؤسسة واحدة وزر هذه الأعباء كلها والمحافظة على الاستقرار المالي، حتى لو كان الضمان هو من أقوى المؤسسات العماليّة على الأرض ولكنه مترابط مع هذه القطاعات المتدهورة التي قد تنعكس سلباً عليه”، مؤكداً “ضرورة التعاون مع صندوق النقد والبنك الدولي وكل المؤسسات الدولية لانقاذ هذه القطاعات والا ستتهاوى واحدة تلوى الأخرى”.

صرف موظفي المصارف

وعن المجزرة التي تحصل على صعيد القطاع المصرفي، حيث يصار اليوم إلى صرف أعداد كبيرة من موظفي المصارف من دون أن يكون هناك اتفاق نهائي مع اتحادات نقابات موظفي المصارف، قال كركي: “سنجد حلاً بالتزامن مع إقرار هذا القانون وهذه نقطة لا تزال قيد البحث. وقد أثرنا نقاطا عدة أبرزها أن الدولة يجب أن تشارك وتساهم بتمويل هذا النظام ولكننا اليوم بانتظار وضع أصحاب العمل والعمال الملاحظات المناسبة”.

وعن قدرة الصندوق على تلبية وتوفير التعويضات المطلوبة، يؤكد أنه “في هذا الموضوع لا يوجد أي مشكلة ونحن كنا قد صرحنا أن نسبة التمويل تفوق الـ٢١١ في المئة أي مرتين من مستحقات الناس. أي في حال جاء جميع المضمونين ليأخذوا تعويضاتهم من الضمان لا يوجد أي مشكلة من الناحية المالية ولكن طبعاً المشكلة اليوم هي بالتلبية السريعة خصوصاً أننا نعمل مع ٤٠ في المئة من الكادر البشري وتحديداً في ما يتعلق بتعويضات نهاية الخدمة والتعويضات العائلية لا يوجد أي مشكلة. فالأموال متوفرة. وفقاً للدراسات هناك استدامة مالية للعام ٢٠٦٥ على الأقل”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً