تتفاقم الأزمات في لبنان، ويخيم شبح الفقر على يوميات اللبنانيين، وهم متروكون لمصير مجهول تتحكم بمفاصله قوى داخلية فاجرة وإقليمية متسلطة من دون أفق للحل على كل الصعد و”مافيات” مجرمة تحكم قبضتها على كل نواحي الحياة في البلد. وتؤكد تقارير أن 90 في المئة من سكان لبنان باتوا فقراء. وتعريف معنى الفقر هو كل فرد أو أسرة لا تكفيها مواردها لسد احتياجاتها الأساسية تعتبر فقيرة. اللحمة الحمراء، والدجاج والسمك هي من أكثر السلع التي حُرم منها كثير من اللبنانيين في العامين الماضيين بعدما ارتفعت الأسعار بشكل ناري، مقابل انخفاض القدرة الشرائية للمواطن بين 80 و85 بالمئة.
وأسعار اللحوم اليوم، ترتفع ولا تنخفض بحسب سعر صرف الدولار. والقصّابون باتوا عاطلين عن العمل معظم الوقت، فآخر ما يفكّر فيه اللبناني اليوم هو أكل اللّحم، إذ أصبح يُعدّ من الكماليات ووجوده على المائدة بذخ وترف. وحتى وقت قريب، كانت الشاورما الأكلة الشعبية الأولى في لبنان، إلا أن غلاء لحوم الأبقار والدجاج التي تدخل في إعدادها، جعلها بعيدة المنال. لذا، ليس مستغرباً أن تختفي اللحوم عن الموائد الرمضانية.
وفي هذا السّياق، يشير اللحام زياد، أحد أشهر اللّحامين في منطقة طريق الجديدة، الى أن “أزمة الدّولار أثّرت سلباً على كل هذه المصلحة، إضافة الى أن غالبيّة البضاعة باتت مفقودة من السّوق. أمّا التاجر الذي كان يستورد أكثر من 1500 رأس ماشية بات اليوم يستورد 500 ولكنّه يدفع التكلفة نفسها وربما أكثر، وحتى الموظفون فبات راتب المعلّم لا يقل عن 10 ملايين ليرة لبنانية هذا عدا عن اشتراك المولّدات الذي يتخطّى عتبة الـ 1.5 مليون ليرة و500 ألف اشتراك مياه وغيرها من الأمور الضروريّة التي انعكست على أسعار اللحوم إذ أصبح كيلو اللحمة 180 ألف ليرة”.
وعن توقّعاته لأسعار اللحوم في شهر رمضان، يقول: “اليوم لا تزال الأسعار مقبولة، وفي حال تم وقف الدعم عنها سيصل سعر كيلو اللحم الى ٤٠٠ ألف ليرة. وبالتّالي، لا يمكننا التفاؤل كثيراً ففي كل مناسبة وليس في رمضان فقط يتم استغلال الأوضاع لرفع الأسعار”.
وعن أسباب خفض الاستيراد إلى لبنان، يلفت الرئيس التنفيذي لنقابة اتحاد القصّابين وتجّار المواشي معروف بكداش الى أن “السبب خارجي وداخلي. أولاً، هو خارجي بسبب الأزمة الأوكرانيّة والصراع على مصادر الطاقة الأمر الذي انعكس سلباً على أوروبا والبرازيل ما أدى الى انعكاسه سلبا على أسعار النقل وتحديداً نقل المواشي الذي كان ٣٠٠ – ٤٠٠ طن اليوم أصبح بـ٧٠٠ – ٨٠٠ دولار بسبب ارتفاع أسعار المحروقات وبرميل النفط عالمياً. وبالتالي، انعكس هذا الأمر داخلياً إذ لم ينقطع استيراد المواشي ولكن انخفض بنسبة ٥٠ في المئة وحتى لا توجد اليوم إمكانيّة للبيع”.
وعن دور النقابة في هذا الإطار، يؤكد بكداش “أننا نحاول أن نخفف الأعباء عن المواطن من خلال المطالبة بإعفاء تكلفة الجمارك والتوجّه إلى المرافق الحيويّة مثل المرفأ لاستيرادها خاصّة أننا على أبواب رمضان”.