تصعيد عون مستمر… و”الكابيتال كونترول” أخيراً على جدول الجلسة التشريعية

المحرر الاقتصادي

يبدو أن مساعي التوصل إلى تسوية كان يجري العمل عليها وراء الستار من أجل تأمين توافق يضع حداً للصراع القضائي – المصرفي الذي تقوده النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، قد فشل في ظل مخاوف من أن يكون الهدف الأبعد لتحرك القاضية عون ومن وراءها هو تدمير ممنهج للقطاع المصرفي والمالي من أجل تغيير هوية لبنان.

ففي وقت قرر مجلس الوزراء في جلسته أول من أمس الاستماع الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الأسبوع المقبل في إجراء يؤكد شرعية سلامة خلافاً للحملة التي تساق ضده، اتخذت عون اجراء جديداً ضد المصارف قضى بمنع مصارف “بيروت”، “عوده”، “الاعتماد المصرفي”، “سوسييتيه جنرال”، “ميد”، و”لبنان والمهجر”، من تحويل أموال إلى الخارج وإبلاغ الجمارك بوجوب منع نقل وتحويل الأموال خارج لبنان، وذلك بناء لطلب مقدم من الدائرة القانونية لمجموعة “الشعب يريد اصلاح النظام”.

وفي الموازاة، أصدر قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضي نقولا منصور مذكرة توقيف وجاهية بحق شقيق حاكم مصرف لبنان، رجا سلامة، على خلفية اتّهامه بجرم التدخل بفعل الإثراء غير المشروع وتبييض أموال.

ويتوقع أن تقدم المصارف على خطوات تصعيدية جديدة بعدما كانت الجمعية العمومية التي التأمت أول من أمس ناقشت تطورات هذا الملف من دون أن تعلن عن اجراءات جديدة.

وقد أرسلت جمعية مصارف لبنان كتاباً الى النائب العام التمييزي بوصفه رأس سلطة الملاحقة والنيابات العامة في لبنان ناشدته فيه وقف تنفيذ القرار الذي، بحسب بيان صادر عن الجمعية، “هو تجاوز حد السلطة لأن القانون لا يمنح النائب العام صلاحية الحد من حرية شحن الأموال النقدية من قبل المصارف والشركات المرخص لها بإجراء هذا النشاط ولا إتخاذ أي تدبير فيه تعدٍ على الأموال وحرية نقلها وتحويلها”.

أضاف البيان: “إن هذا التدبير يمس بصميم العمل المصرفي وتغير مبدأ حرية تحويل الأموال وحرية التجارة الذي يعتمده لبنان منذ تأسيسه، وهو تدبير يدخل حصراً في صلاحية السلطة التشريعية، كما أن هذا التدبير سيساهم في زيادة تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية تجاه الدولار، ويعزل المصارف اللبنانية عن مراسليها ويقضي على ما تبقى من ثقة بالقطاع المصرفي”.

مصادر مصرفية تساءلت عبر “لبنان الكبير” عن الهدف المبطن من الاستهداف الممنهج للنظام المالي والمصرفي وإدخال الملف في البازار الانتخابي، وما اذا كان هذا الأمر هو ترجمة لنيّة مبطنة لتغيير هوية لبنان. وقالت: “لا يمكن أن تكون قيامة لاقتصاد لبنان من دون قطاع مصرفي سليم ومتين. هل ينسى من يستهدف القطاع أن أيّ خطة للنهوض بلبنان من محنته الراهنة لا بدّ من أن تمرّ حكماً عبر القطاع المصرفي؟”. وأكدت أن هذا ليس الطريق لاستعادة الودائع، فـ”الدفع نحو تصفية القطاع المصرفي واعلان الافلاسات لن ترد الودائع الى المودعين، لأن الحجز على موجودات المصارف المفلسة لا يعني إعادة الأموال، علماً أنه مسار قضائي يستغرق سنوات طويلة”.

وتخوفت المصادر من محاولات التدمير المالي وهو ما يعزز قطع علاقات لبنان بالنظام المالي العالمي وامكانية إتمام معاملاته المالية عبر الحدود التي باتت قليلة أصلاً مع تقلص عدد المصارف المراسلة التي تتعامل مع لبنان.

وعلم “لبنان الكبير” أن عدداً من رؤساء مجالس إدارات المصارف الذين أصدرت القاضية عون قرارات بمنعهم من السفر، تقدموا بطلبات كف يدها لكنها رفضت تسلم الطلبات.

وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وضع سقفاً للتعاطي بهذا الملف قضى بعدم التدخل في المسار القضائي في مقابل التوقف عن استخدام الأساليب الشعبوية في التعاطي بملف حساس يطال الجميع، مع التأكيد أن مسألة استعادة الودائع هي أولوية قصوى بحيث يتركز حولها النقاش مع صندوق النقد الدولي.

ومن المتوقع أن يصل في الثامن والعشرين من الشهر الجاري وفد من صندوق النقد الدولي لاستكمال المشاورات مع الحكومة اللبنانية، حيث يعمل الجانب اللبناني على إنهاء التعديلات التي طُلبت منه على صعيد خطة التعافي الاقتصادي والمالي بطلب من الصندوق، ومنها ملاحظات الصندوق على مشروع قانون “الكابيتال كونترول” الذي تقرر دعوة اللجان المشتركة الى جلسة الاثنين المقبل، أي في يوم وصول وفد الصندوق الى لبنان، للبحث فيه وسط تساؤلات عما إذا كان سيقر في الجلسة التشريعية كإشارة من لبنان إلى جديته في هذا الأمر؟ علماً أنه وضع على البند 29 ما قبل الاخير في جدول جلسة الثلاثاء المؤلف من 30 بنداً، وكان بنداً أخيراً في جلسة الحادي والعشرين من شباط الماضي التي فقدت نصابها قبل الوصول إليه.

ورأت مصادر مالية أن البيان الصادر عن رئيس اللجنة المكلفة التفاوض مع صندوق النقد الدولي نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي في هذه النقطة لم يكن عابراً، إذ أكد رضوخ لبنان لما يطالب به الصندوق بما يسمح بأن يكون كما يريده المقرض الدولي وبالتالي سيعبّد الطريق أمام إقراره. وكان الشامي ذكر أن المحادثات مع صندوق النقد في هذه النقطة تناولت إدراج موضوع السريّة المصرفية وضرورة تعديل بعض المواد في مشروع القانون الحالي بما يسمح بتسهيل مكافحة التهرب الضريبي والفساد بشكل عام.

المصادر المصرفية اعتبرت أن إقرار “الكابيتال كونترول” أمر شديد الأهمية وهو ما شدد عليه البيان الصادر عن جمعية مصارف لبنان عند الإعلان عن الاضراب التحذيري “ضد التعسف” الاثنين والثلاثاء الماضيين، لكنها قالت إنه لن يكون كافياً من دون أن يترافق مع خطة مالية شاملة على جميع الأصعدة.

ومن مطالب الصندوق أيضاً إقرار موازنة العام 2022، لكن لجنة المال والموازنة لا تزال تدرسها ويبدو أنها لن تنتهي منها في الأيام القليلة المقبلة.

شارك المقال