قانون “الكابيتال كونترول” رهينة الانتخابات!

فدى مكداشي
فدى مكداشي

كان لافتاً أول من أمس سرعة إقرار مشروع قانون “الكابيتال كونترول” في جلسة مجلس الوزراء، على الرغم من إسقاط المشروع في اللجان النيابية المشتركة واعتراض 7 وزراء عليه، وكأن الحكومة أرادت بذلك أن ترسل رسالة “ساخنة” حول جديتها إلى وفد صندوق النقد الدولي الذي كان يجول على المسؤولين.

التعديلات على المشروع كانت طفيفة وطالت خاصة انشاء اللجنة المكلفة متابعة هذا الأمر من دون أن ينص صراحة على كيفية حماية حقوق المودعين. وهي تعديلات لا تُسمِن ولا تُغني من جوع، وذلكَ للإيحاء ظاهرياً بتعديل المقترح الساقط سابقاً وهو الأمر الذي يدفعنا الى الاعتقاد بأن ما حصل هو سيناريو متفق عليه بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

علامة: المشروع المطروح لا ينصف المودعين

وفي هذا السياق، يوضح الخبير المالي والاقتصادي بلال علامة أن “من المسلم به أن أي قانون للكابيتال كونترول هدفه الأساس هو حماية ودائع المواطنين وعدم التفريط بالأحزاب الموجودة عبر تقييد تحويلها إلى خارج البلاد إلا في ظروف محددة ولأسباب مبينة بشكل واضح”. وقال: “أصولاً لا يمكن دستورياً وقانونياً إقرار قانون الكابيتال كونترول قبل إقرار قوانين معينة أو تعليق العمل بالفقرة (و) من مقدمة الدستور التي تنص على أن نظام لبنان الاقتصادي هو ليبرالي حر يضمن التحويل والتبادل الحر وتحريك الودائع من دون قيود”.

ويلفت الى أن “القانون المقترح لم يتضمن أي مادة أو بند لاستعادة الأموال المنهوبة والمهربة بما فيها تلك التي ينتظر أن تدلي هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان بدلوها عن مصيرها. إنَّ القول بغير ذلك يعني أن هكذا قانون لا يستهدف في الحقيقة حماية الأمن القومي المالي للدولة والحفاظ على احتياطاتها من العملات الصعبة المهرّبة أصلاً من أرباب المصارف التي شحنت طيلة الفترة السابقة أموالها المطلوب إلزامها بردها الى الداخل لاعادة ضبط الوضع والشروع بالاصلاحات، وإنّما الغاية منه فعلياً بالصورة المطروح فيها خدمة المصارف على حساب المودعين الذين أهدرت حقوقهم وذلكَ بتوفير لها عبر هكذا قانون مظلة الحماية القانونية ضد جميع الملاحقات القضائية المساقة بحقها من العديد من المودعين”.

ويشير الى أن “قانون الكابيتال كونترول المقترح لم يتضمن اعترافاً بالتزام الدولة ومعها المصارف بإعادة الودائع كاملة في عملية الايداع الى أصحاب الحقوق المهدورة وضمن جدول زمني معين، لِما لهذا الاعتراف القانوني الملزم من طمأنينة رسمية للمودعين. في المقابل، فقد تضمن القانون المقترح إعفاء المصارف ومن خلفها الدولة من أي مسؤولية سابقة أو لاحقة تنتج عن مفاعيل القانون تجاه المودعين وتعتبر هذه المادة أخطر مادة متناقضة مع القوانين المرعية الاجراء”.

غبريل: يتضمن استثناءات للتحويلات إلى الخارج

من جهته، يوضح كبير الاقتصاديين في “بنك بيبلوس” نسيب غبريل أن “قانون الكابيتال كونترول بغض النظر عن صيغته لا يهدف إلى تحديد مصير الودائع، فالموضوع الأخير يتعلّق بخطّة التعافي الاقتصادي والدين العام ومسؤوليات الدولة والتزاماتها المالية. فقانون الكابيتال كونترول يهدف إلى ضبط التحويلات إلى الخارج وضبط السحوبات في الداخل وأهداف الإجراءات هي أولاً تشجيع استخدام الليرة اللبنانيّة في المعاملات التجاريّة والاقتصادية في لبنان. وثانياً خفض التداول بالنقد واللجوء الى وسائل دفع متطوّرة أكثر مثل بطاقات الدفع والشيكات والتحاويل. وثالثاً هو أحد الاجراءات من ضمن آلية توحيد أسعار صرف الدولار في السوق اللبنانية وبالتالي لجم التضخّم. لذا، لا يوجد أي علاقة للكابيتال كونترول بموضوع الودائع من ناحية تقرير مصير الودائع لا في لبنان ولا حتى في الخارج”. 

ويشدد غبريل على أن “هذا القانون كان يجب أن يطبّق فور اندلاع الأزمة عندما ظهرت سوق موازية لسعر صرف الدولار وأصبح هناك تراجع حاد في تدفق رؤوس الأموال، ولكن حتى في تشرين الأول عام ٢٠١٩ عندما اتجهت جمعيّة المصارف الى الحكومة ومجلس النواب للمطالبة بتطبيق الإجراءات الرسمية للقانون ومعها نسخة الاجراءات التي طُبّقت في الستينيات، اتفق مجلسا النواب والوزراء على تفاصيل الاجراءات وبدأوا بتطبيقها ونحن منذ سنتين ونصف السنة من دون اجراءات كابيتال كونترول”. 

أمّا بالنسبة الى الصيغة الجديدة التي وزعت الجمعة الماضي وتم تعديلها الأحد ومن ثم عدلت في مجلس الوزراء، يشرح غبريل أنها “تتضمن استثناءات للتحويلات إلى الخارج من الدولارات الموجودة وتحيّد حسابات الأموال الفريش. كما أن المادة السادسة تسمح للمدفوعات والتحويلات المحليّة كلها بين المقيمين وغير المقيمين في لبنان أن تكون بالليرة اللبنانية باستثناء بعض الحالات”، لافتاً إلى أن “صندوق النقد يرى أن قانون الكابيتال كونترول ليس موضوعاً جامداً ويجب أن يتمتع بمرونة لذلك تم اللجوء الى اللجنة لتجنب الذهاب الى مجلس النواب في كل مرّة يتم تعديل أي إجراء. لذا، الهدف أن تكون هناك مرونة في حال تحسّن الوضع الاقتصادي والنقدي في السوق”.

وعن آخر المستجدات في ما يتعلّق بموضوع التفاوض مع صندوق النقد الدولي، يؤكد أن “التواصل التقني لا يزال مستمرا مع فريق صندوق النقد والسلطات اللبنانية ومكونات المجتمع الخاص والمجتمع المدني، فكما قال نائب مجلس الوزراء أنه يتم العمل على اتفاق أولي مع صندوق النقد قبل تاريخ الانتخابات النيابيّة وهذا هدف الحكومة اللبنانية”. 

أخيراً، من حق المواطن والمراقب اللبناني أن يتساءل هل فعلاً المشروع المقترح هو مشروع كابيتال كونترول يهدف إلى حماية أموال الناس أو أموال الشعب اللبناني أو هو مشروع القضاء وسرقة ما تبقى من الأموال اللبنانية؟

شارك المقال