لا حل اقتصادياً يعلو على صوت المعركة الانتخابية

المحرر الاقتصادي

وسط حمأة الانتخابات، لا يبدو المشهد الاقتصادي أولوية. فنحن نقترب من الخامس عشر من أيار، موعد الانتخابات النيابية حيث الاهتمام ينصب على إنجاحها، إذا ما حصلت، فيما معالجة الملفات الاقتصادية والمالية التي يجب أن تكون ركيزة فتح أبواب صندوق النقد الدولي، مهمّشة.

لن تكون هناك أي صيغة جديدة للاتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل موعد الانتخابات على الرغم من أن المسؤولين “نثروا” خطاباتهم الايجابية على الشعب اللبناني بدلاً من أعمالهم الملموسة. فمشروع موازنة العام 2022 لا يزال غير منجز وعالق على تعدد أسعار الصرف التي على أساسه احتسبت أرقام الموازنة، فيما العجز المقدّر أعلى بكثير مما يطلبه صندوق النقد كبداية على مسار تصحيح المالية العامة.

أما مشروع “الكابيتال كونترول” الذي كان طبقاً ساخناً في خطابات المرشحين من مختلف الأطراف السياسية، فيبدو أنه طار بعد أن طارت الجلسة النيابية المشتركة، علماً أن المشروع بصيغته الراهنة يتضمن مطبات كثيرة ضد المودعين الذين سيكونون من خلاله الحلقة الأضعف. وذكرت مصادر أن مجلس النواب لن يتخذ قراراً نهائياً في هذا الشأن قبل أن يطلع على الصيغة النهائية لخطّة التعافي الاقتصادي وكيفية توزيع الخسائر.

ويعتبر مشروع قانون “الكابيتال كونترول” ضرورياً لا بل حيوي للمصارف التي تطالب به درءاً للدعاوى التي تفتح ضدها. وفي المعلومات هنا أن عدداً من الدعاوى بدأت تحضّر في العاصمة الأميركية ضد مصارف لبنانية. فيما يتوقع أن يصل الى بيروت اليوم الخميس قاض فرنسي لمتابعة ملف الملاحقة القضائية ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامه وحسابات شقيقه رجا سلامه في ستة مصارف لبنانية رفضت منذ فترة تسليم القضاء جردة بحسابات الأخير.

وقالت المصادر لـ”لبنان الكبير” إن المصارف تتجه الى عدم تزويد النيابة العامة في لبنان، التي تزود من جانبها الجهات الأوروبية بما يتوافر لديها من معطيات، بالكشوفات الخاصة بشقيق سلامه، مستندة في ذلك الى السرية المصرفية التي تمنعها من الكشف عن حسابات عملائها. وشرحت أن تسليم المصارف حسابات سلامه يعني أنها تكون قد خرقت قانون السرية المصرفية الصادر في العام 1956 والذي يمنع المصارف الخاضعة لأحكامه من كشف السر المصرفي سواء في مواجهة الجهات الخاصة أو السلطات العامة، وسواء كانت قضائية أو إدارية أو مالية، إلا في حالات معينة حددها القانون.

وأشارت الى أن مجلس النواب يدرس حالياً تعديل قانون السرية المصرفية بما يتماشى مع التغييرات المالية العالمية وبناء لطلب من صندوق النقد الدولي لمكافحة الفساد، والذي يتوسع في مدى إلزام المصارف بالإفصاح وتقديم المعلومات، من النطاق المحدد حصراً بالسلطات القضائية في دعاوى الإثراء غير المشروع، ليشمل السلطات عينها في جرائم الفساد والجرائم المالية المنصوص عنها في قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وهذا يعني أن القانون الحالي لا يزال سارياً ولا يمكن خرقه حالياً، لأن ما يبحث في المجلس النيابي هو تحديد أطر الكشف عن السرية المصرفية.

يبدو أن الايام المقبلة ستشهد كباشاً جديداً بين المصارف والقضاء اللبناني، الذي يتوقع أن يلجأ الى القوة للحصول على حسابات رجا سلامه. وقد يتدخل القضاء الأوروبي في فرض ضغوط على المصارف اللبنانية.

ارتفاع الفائدة

لم تعد المشكلة تقتصر على عدم توافق السياسيين على إيجاد مخرج للأزمة الاقتصادية المركبة، اذ سيضاف عامل مهم من شأنه أن يزيد الوضع تعقيداً.

فلجنة الأسواق المفتوحة التابعة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي التي اجتمعت أمس أقرت زيادة جديدة في أسعار الفائدة الفيدرالية.

ولكن كيف سيؤثر هذا التطور على لبنان الخارج من الأسواق المالية العالمية بعد تخلفه عن السداد في آذار من العام 2020؟ ببساطة، إن هذا الاجراء سيؤي الى مزيد من الشح في العملة الصعبة والنادرة أصلاً في لبنان، ويفاقم التحديات التي يواجهها هذا البلد على صعيد تصحيح المالية العامة من حيث القروض التي يمكن أن يحصل عليها من الخارج. بمعنى آخر، فان ارتفاع أسعار الفائدة سيدفع بالدول المقرضة وبالمؤسسات المالية المانحة الى خفض رصدها للمبالغ التي تخصص لدول تعاني أزمات مثل لبنان.

شارك المقال