المعركة بدأت… المصارف ترفض خطة كُتبت بأموال المودعين

المحرر الاقتصادي

قبل تحولها الى حكومة تصريف أعمال، أقرت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على عجل خطة للتعافي المالي والاقتصادي التي تحمل في مضامينها الكثير من المطبات والخبايا التي من شأنها أن تستهدف المودعين ومن ورائهم المصارف التي كانت “الخزانة” حيث أودع الناس أموالهم فيها.

ويبدو أن المواجهة بين المصارف والحكومة بدأت. إذ أعلنت الأولى رفضها الخطة لما تضمنتها، فيما أعلن نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي في تصريح نقلته “رويترز” أن رفض جمعية المصارف للخطة “خطير وغير مسؤول”. ونقل مكتب رئيس الوزراء عن الشامي قوله: “الخطير وغير المسؤول يتجلى في محاولة مكشوفة لربط مصير أموالهم بالمودعين”.

لقد كان لافتاً جداً أن تقر الحكومة في ربع الساعة الأخير من عمرها خطة للتعافي وبهذا الحجم الكبير.

فالخطة في صيغتها الراهنة تتضمن ركائز استراتيجيّة النهوض بالقطاع المالي عبر حل الترابط بين ميزانيات المصارف التجارية – الديون السيادية – ميزانية مصرف لبنان، وإعادة رَسملة مصرف لبنان وتحسين عملية إعداد تقاريره الماليّة لإعادة بناء الثقة، وإعادة هيكلة ورسملة المصارف التجارية القابلة للاستمرار، وذلك من خلال جلب رأس المال الجديد بعد استيعاب الخسائر القائمة.

وجاء في الخطة أنها ستعمل على حماية صغار المودعين الى أقصى حد ممكن في كل مصرف قابل للاستمرار. كما ذكرت أن الحكومة ستوحّد سعر الصرف الرسمي وتنهي وجود أسعار صرف مختلفة.

صحيح أن لبنان بحاجة ماسة الى خطة للتعافي تنهض به من القعر الذي بلغه، لكن الخطة الحالية تحمل عناوين عريضة قابلة للكثير من التأويلات وغير مفصلة.

فمسألة شطب المطلوبات على المصرف المركزي (حوالي 60 مليار دولار) يعني بتفسير آخر أنه سيصار الى شطب أموال من حصة المودعين، لأنه بكل بساطة، المطلوبات على مصرف لبنان هي أموال المودعين وودائع المصارف. وبالتالي فان هذا يعني أنه لم يصر الى توزيع عادل للخسائر المالية التي باتت تبلغ حوالي 74 مليار دولار، بحيث أن الدولة هي المنفق الأول لهذه الأموال كونها استدانت من المصارف وبالتالي من أموال المودعين من أجل تغطية العجوزات في المالية العامة وعجز الميزان التجاري.

كما أن سؤالاً جوهرياً يطرح عن مصير أموال المودعين في حال إقفال بعض المصارف، بحيث نصت الخطة على “حلّ المصارف التي تُعتبر غير قابلة للاستمرار بما يتماشى مع القانون الطارئ لإعادة هيكلة المصارف الذي سيُقرّه مجلس النواب”.

ويبدو أن المرحلة الآتية مقبلة على كباش حاد بين الحكومة التي قد تتبنى الخطة كما هي أو تدخل تعديلات عليها اذا تولت شخصية غير نجيب ميقاتي رئاسة الحكومة، وبين المصارف التي بدأت تعد العدة لرفع دعاوى ضد الدولة.

مع الاشارة هنا الى أن الخطة لم يصر الى تحويلها الى مجلس النواب لأن هذه المهمة منوطة بالحكومة الجديدة.

جمعية المصارف

على أي حال، أعلنت المصارف أمس صراحة موقفها الرافض من الخطة الحالية بعدما كانت رفضت مسودة سابقة نصت على إلغاء “جزء كبير” من التزامات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية تجاه المصارف وحل تلك غير القابلة للاستمرار.

وقالت جمعية مصارف لبنان في بيان، إن الحكومة “أبت الا أن تودّع اللبنانيين عموماً والمودعين خصوصاً عبر إقرار خطة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي القاضية بتنصّل الدولة ومصرف لبنان من موجباتهما بتسديد الديون المترتبة بذمتهما، وتحميل كامل الخسارة الناتجة عن هدر الأموال التي تتجاوز السبعين مليار دولار أميركي الى المودعين بعد أن قضت الخطة على الأموال الخاصة بالمصارف”.

أضافت: “أبشروا أيها المودعون لأن الدولة اللبنانية ألغت ودائعكم بـشخطة قلم. فهذا كل ما تمخّض عن عبقرية الخبراء، على الرغم من وجود خطط بديلة واضحة، لا سيما تلك التي اقترحتها جمعية المصارف والقاضية بانشاء صندوق يستثمر، ولا يتملك، بعض موجودات الدولة وحقوقها، ليعيد الى المودعين حقوقهم وإن على المدى المتوسط والبعيد”.

وتابعت: “رضيت الضحية ولم يرض الجاني، بذريعة أن هذه العائدات هي ملك للشعب ولا دخل للمودعين بها وكأن استنزاف أموال المودعين لدعم الشعب كان محللاً، أما استعادة المودعين لأموالهم فهو محرم. أما أن يتحفنا البعض بالقول إن المداخيل المستقبلية للدولة هي ملك الأجيال القادمة، فذلك مرفوض كون مدخرات الآباء تعود للأجيال القادمة أيضاً فلا تعدموا جيلين تحت مسمى الحفاظ على مستقبل الأجيال”.

وجددت الجمعية رفضها لخطة “كُتبت بأموال المودعين وأموال المصارف”، مؤكدة أنها “تقف صفاً واحداً مع المودعين لرفض هذه الخطة التي لا تعافي فيها سوى اسمها”.

شارك المقال