الجحيم أقرب من كهرباء 24/24

نور فياض
نور فياض

يعاني قطاع الكهرباء في لبنان من انهيار شبه كامل، فلا ساعات تغذية تقضي حاجات المواطن ولا فيول يشبع حقه، وبات ينتظر الصفقات علّ نوراً يدخل الى قلبه بصيصاً من الأمل.

سنوات طويلة ونحن نستيقظ على خبر عن صفقة جديدة بين لبنان ودولة ثانية نتيجتها زيادة ساعات التغذية، ولكن مع حلول الليل تتلاشى هذه الأخبار وتُنسى الصفقة.

منذ العام 2011 ولغاية اليوم، حكي عن أربع خطط للكهرباء بينما لم تزد ساعات التغذية بالتيار عن ساعتين أو ثلاث يومياً. ومنذ أكثر من 15 سنة نسمع من كل وزير للطاقة “رح جيب الكهربا 24/24”.

وتداولت وسائل الاعلام في الأيام الأخيرة خبراً عن إلغاء صفقة لتحسين الكهرباء، وهي عبارة عن عرض مقدم من شركة “سيمنز” الى الدولة اللبنانية عبر وزارة الطاقة تتعهد بموجبها بتزويد معمل الزهراني 1000 ميغاوات، ودير عمار 1000 خلال 18 شهراً تكون الكهرباء 24/24، الا أن وزير الطاقة والمياه وليد فياض سحب العرض عن طاولة مجلس الوزراء ومن جدول الأعمال بطلب من النائب جبران باسيل لعدم ورود معمل سلعاتا فيه.

وفي السياق، قال الوزير فيّاض لموقع “لبنان الكبير”: “منذ استلامي الوزارة لم أتوقف عن العمل وكنت ولا أزال أسعى جاهداً الى تأمين الكهرباء والفيول للبنان”.

وشدد على “أنني لا أخضع لتجاذبات سياسية، انما بناء المحطات يأتي في المرحلة الثانية، والآن مصلحة لبنان أولاً وكل الفئات السياسية لديها المصلحة نفسها في ملف الكهرباء الحياتي، وأنا موجود لتأمين الكهرباء من دون أي تبعية.”

أضاف: “في ما يتعلق بالترويج الاعلامي لما يسمى بند معامل الكهرباء، لم يُطرح أي بند لتلزيم معامل كهربائية جديدة ولم أتسلم أي عروض مكتملة، إنما تسلمت الوزارة مراسلات من الشركات الصانعة الأربع: سيمنس، جنرال الكتريك، أنسالدو وميتسوبيشي كان آخرها بتاريخ 20/5/2022 أي تاريخ آخر جلسة لمجلس الوزراء، تبدي فيها هذه الشركات إهتمامها بقطاع الطاقة، ومنها من قدم عروضاً أولية بحاجة الى الدرس والتدقيق، ولم يأتِ أي عرض مكتمل من النواحي الفنية والمالية والقانونية. وهنا نستغرب وصول هذه المراسلات الى جهات عدة بالتوازي مع وصولها الى وزارة الطاقة والمياه. وبالتالي لم تطلب الوزارة إدراج هذه العروض في جدول أعمال مجلس الوزراء لأنها تفتقر في معظمها الى التفاصيل التقنية والمالية. أما التي تحوي بعضاً من هذه التفاصيل فكلفة التمويل فيها تصل الى 16% ما يجعل كلفة إنتاج الكيلوواط أعلى من معدل كلفة الانتاج من المصادر كافة خلال الأعوام الماضية، ومن الأغلى في العالم على عكس ما يتم التسويق له. علماً أن العقود المقترحة هي طويلة الأمد وتصل الى 20 عاماً ما يحتّم أن تكون كلفة الكيلوواط متدنيّة”.

وشدد فياض على “أننا لا يمكننا التعاقد مباشرة مع البلد الذي يقدّم العرض انما عبر مناقصات عامة ومفتوحة وذلك وفق القرار الصادر في 14/4/2022، والتسرع في إختيار استشاري خطوة ناقصة لا أمشي بها.”

وأوضح أنه “اذا تأمّن التمويل اللازم للعرض المتوافر والذي تبلغ كلفته 6 ملايين دولار بسبب الأموال المترتبة علينا من المشاريع السابقة اضافة الى كلفة اعداد شروط المناقصة، فيمكننا المضي به ولكن المال غير متوافر ولتأمينه يجب إنقاص بعض الشروط. ولا يمكننا أن نلزّم الشركات خاصة في غياب الشفافية”، مجدداً التأكيد “أنا لم أتوقف عن السعي الى تأمين الكهرباء وأعمل بما يمليه عليّ ضميري وواجبي الوطني وبما تقتضيه المصلحة الوطنية”.

وكان الرئيس ميقاتي رد على الوزير فياض، معتبراً أنه “يعيش أزمة حقيقية داخل وزارته تجعله يقدم على الشيء ونقيضه، مما يقتضي وضع النقاط على الحروف مجدداً”.

وأوضح المكتب الاعلامي لميقاتي في بيان، أن وزير الطاقة اتصل بالرئيس ميقاتي “معبّراً عن تقديره له وشكره على تعاونه خلال مهامه الوزارية. كما أبدى رغبته في طي السجال والعودة الى بحث الملفات موضوع السجال بهدوء، من دون اللجوء الى الاعلام، واتفق مع الرئيس ميقاتي على موعد قريب لاستكمال البحث”. وأشار الى “أننا فوجئنا ببيان جديد صادر عن مكتب الوزير يجدد فيه سرد المغالطات والأكاذيب، لا بل يرفع لواء التحدي والنبرة، مما يؤكد أن هناك تصميماً على أخذ صك براءة عن فعل موصوف بشهادة اللبنانيين، فيما الهم الأول للرئيس ميقاتي تأمين التيار الكهربائية، متسائلاً “هل فعلاً معالي وزير الطاقة هو الذي أصدر البيان ونسي أو تناسى ما التزم به تجاه الرئيس ميقاتي بالامس؟ وهل فعلاً هو الذي يدير شؤون الوزارة؟”.

ولاحقاً، رد المكتب الاعلامي لوزير الطاقة على ميقاتي ببيان كرر فيه التأكيد “أنني طلبت التريّث قبل وضع بندي الطاقة على جدول أعمال مجلس الوزراء بملء إرادتي من دون أي إملاءات من أحد، أما بالنسبة الى مقولة “حرماني اللبنانيين من الكهرباء” فهو كلام مرفوض ومردود كون ما تم التريث فيه (وهو أصلاً لم يكن مدرجاً على الجدول ليُسحب) ليست له أية علاقة بإنشاء المعامل بل بتلزيم إستشاري لتحضير دفاتر شروط ولا زلنا بصدد التفاوض معه كون الأسعار مرتفعة جداً والتمويل غير متوافر”. وقال: “أقبل التحدّي لا بل أردّه بالسؤال: أين هو العرض المتكامل الذي يتحدّث عنه الرئيس ميقاتي وليُعلن عنه للرأي العام، وإذا كان مستوفياً للشروط المالية والفنية والقانونية ولا يحمل الشُبهات، فليتفضّل ويوقع عليه ويتحمل مسؤوليته”.

حرب البيانات أمر اعتاده اللبنانيون من القوى السياسية، ويعتبرون أنها مقصودة كي “تضيع الطاسة” ولا يعرف على من يقع اللوم، ولكن في هذه المسألة الأمر واضح وضوح الشمس أنّ الفريق السياسي الذي أوكل الى فياض منصب وزير الطاقة يهيمن على هذه الوزارة منذ 12 سنة، كما أن ميقاتي كان رئيساً لحكومتين في عهد وزراء طاقة العهد. وإلى أن يأتي الفرج تبدو طريق الجحيم التي وعد اللبنانيون بها أقرب وأوفر وأسرع من كهرباء 24/24.

شارك المقال