البنزين والدولار… ارتفاعات مقلقة لفلتان آتٍ

هدى علاء الدين

على نار صيف حامية وارتفاعات متواصلة في معدلات أسعار المحروقات والدولار، يستعد اللبنانيون لدخول أسابيع مقلقة من عدم الاستقرار بسبب حالات التذبذب التي تشهدها أسواق البنزين والمازوت والعملة الخضراء، وما ينتج عنها من انعكاسات وتبعات كارثية على كل من القدرة الشرائية والتضخم والأمن الغذائي، وعلى كل ما يتعلّق بمقومات العيش وصولاً إلى حركة التنقل إلى العمل التي باتت تشكل إحدى التحديات الرئيسة التي يعاني منها المواطن لا سيما مع تخطي صفيحة البنزين الحد الأدنى الشهري للأجور.

الدولار الذي سجل صباح أمس ارتفاعاً ملحوظاً وصل إلى حدود 30400 ليرة لبنانية للدولار الواحد، رافقه أيضاً ارتفاع في سعر صرف منصة “صيرفة” بعدما بلغ حجم التداول عليها 47 مليون دولار ليصل إلى 24900 وذلك بحسب ما أعلن مصرف لبنان. وقبيل هذه القفزة في سعر الصرف، كان لأسعار المحروقات نصيب وافر من الارتفاع وصل إلى 8000 ليرة بداية الأسبوع و12000 ليرة يوم أمس ليصبح سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان 686000 ليرة، مع توقعات بأن تستمر في منحاها التصاعدي بسبب ارتفاع أسعار النفط عالمياً إلى 123 دولاراً للبرميل مترافقة مع ضغوط مباشرة جراء سعر الصرف المتقلب.

وبحسب مصادر “لبنان الكبير”، فقد لعبت القيود التي فرضها مصرف لبنان على آلية عمل منصة “صيرفة” دوراً رئيساً في تخطي الدولار عتبة الـ 30 ألفاً، والذي حدّد بموجبه “المركزي” سقفاً جديداً للعمليات الجارية الشهرية عند 500 دولار لكل فرد، وذلك تطبيقاً للتعميم 161 المتعلق بشراء الليرة اللبنانية من العملاء مقابل الدولار على سعر منصة “صيرفة”، ليكون بذلك قد تراجع عن قراره الذي كان أصدره قبل أكثر من أسبوعين بضخ الدولار في الأسواق من دون أي سقف. ولم تستبعد المصادر أن يؤدي تحديد سقف لحجم عمليات كل مصرف وآلية بيع العملة الخضراء للشركات والمستوردين إلى المزيد من الارتفاع بسبب زيادة الضغط على الطلب عليها في المرحلة المقبلة، وبالتالي سيكون التوجه نحو السوق السوداء هو الحل الوحيد للحصول على الدولار. وأشارت إلى أن الافادة من سعر الصرف بين سعر المنصة وسعر السوق الموازي، قد أدى إلى تحقيق أرباح هائلة لأصحاب المصالح الذين نجحوا في الحصول على كميات هائلة من الدولار بسعر منخفض على الرغم من نجاح المصرف المركزي في السيطرة على سعر الدولار في الأيام القليلة الماضية.

وعما إذا كان الدولار سيتابع مساره التصاعدي، أرجعت المصادر الإجابة عن هذا السؤال إلى الخطوات التي ينوي مصرف لبنان اتخاذها بالتزامن مع اتضاح المسار السياسي في ما يتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة وبمدى نجاح مفاوضات ترسيم الحدود البحرية من عدمها، مشددة على ضرورة الاستقرار السياسي الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بسوق الدولار، وعلى تنفيذ الاتفاق المبدئي الذي وقع مع صندوق النقد الدولي بإصلاحاته الجذرية من أجل الحصول على قروض مالية لانقاذ اقتصاد لبنان الذي يعاني من انكماش حاد وارتفاع في معدلات التضخم وانهيار تام لعملته الوطنية، خصوصاً وأن الاحتياطي الذي تراجع إلى ما دون الـ 12 مليار دولار لن يكون قادراً على تحمل المزيد من الضغوط للاستمرار في ضخ الدولار في السوق كلما دعت الحاجة. وحذرت المصادر من فلتان مرتقب للدولار سينعكس بصورة تلقائية على تسعيرة المحروقات في حال طغت التحديات السياسية القائمة اليوم على الأجواء المالية والنقدية والأمنية، على الرغم من التوقعات بأن ينعكس دولار المغتربين والسياح إيجاباً على استقرار سعر الصرف في الصيف، إلا أن ذلك سيبقى رهن ما ستحمله الأيام من تطورات سياسية وأمنية إما ستعمّق الأزمة أو ستقود لبنان نحو نقطة التحول المنشودة.

شارك المقال