استيراد الغاز من مصر… لا زيادة قريبة للتغذية الكهربائية

المحرر الاقتصادي

هل أن تنفس اللبنانيين بأطيافهم كافة الصعداء من انفراجة في زيادة التغذية الكهربائية، جراء توقيع اتفاق مع مصر لنقل 650 مليون متر مكعب من الغاز سنوياً، في محله؟ وهل سسيشهدون فعلاً انفراجة قريبة في الكهرباء تخفف عنهم مصاريف المولدات الخاصة؟

بالأمس، تم توقيع اتفاقية بين لبنان ممثلاً بوزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، وممثل عن شركة “مصر القابضة” للغاز الطبيعي، لنقل 650 مليون متر مكعب من الغاز سنوياً من مصر إلى لبنان عبر سوريا.

وبموجب الاتفاقية التي تنص على ضخ الغاز عبر خط أنابيب (خط الغاز العربي) إلى محطة كهرباء دير عمار، يفترض إضافة حوالي 450 ميغاوات إلى الشبكة، أي ما يعادل حوالي أربع ساعات إضافية من الكهرباء يومياً.

ويتوقع أن يكون انتاج الكهرباء من خلال هذا الاتفاق في حدود 7 سنتات لكل كيلوواط/ساعة، وهو يبلغ حالياً حوالي 15 سنتاً/لكل كيلوواط ساعة.

هذا الاتفاق يأتي في إطار المرحلة الأولى من خطة النهوض المستدام في قطاع الكهرباء التي كان أقرها مجلس الوزراء في آذار الماضي، والتي تهدف إلى تأمين التغذية الكهربائية بين ثماني و10 ساعات يومياً عبر استجرار الكهرباء الأردنية عن طريق نقل الكهرباء من الأردن والغاز الطبيعي من مصر عبر سوريا. وهو ما يفترض أن يضيف معاً ما يصل إلى 700 ميغاوات إلى شبكة الكهرباء في لبنان.

وكان لبنان وقع في بداية العام اتفاقيتين، الأولى مع الجانب الأردني لتزويد لبنان بالطاقة الكهربائية من الأردن، والثانية مع الجانب السوري لتأمين عبور الطاقة عبر سوريا إلى لبنان.

لكن منذ ذلك الحين، لم يطرأ أي تطور إيجابي على هذا الملف يمكن أن يخفف من معاناة اللبنانيين الثقيلة جراء قطاع كبّد الخزينة حوالي 47 مليار دولار أي حوالي نصف الدين العام، وذلك على الرغم من إصرار الوزير فياض على أن استجرار الكهرباء سيتأمن في نهاية الشهر نفسه أي في آذار الماضي. والخوف من أن يكون مصير هذا الشق من الاتفاق هو نفسه ما حصل في الاتفاق مع الأردن.

ويريد الأردن ومصر ضمانات من الولايات المتحدة الأميركية بألا تطالهما عقوبات “قانون قيصر”، بحيث أن استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن يجب أن يتم من الأراضي السورية. وتفرض واشنطن عقوبات على كل من يتعاون مع النظام السوري من ضمن القانون المذكور.

وقد تكون الولايات المتحدة منحت لبنان الأسبوع الماضي “تصريحاً مسبقاً” لاستيراد الغاز الطبيعي من مصر والكهرباء من الأردن عبر سوريا على الرغم من عقوبات “قانون قيصر”، بعد تصريحات علنية للوسيط الأميركي آموس هوكشتاين خلال زيارته الى بيروت وحديثه عن وجوب توفير الطاقة الكهربائية للبنانيين.

شروط البنك الدولي

لكن توقيع هذا الاتفاق لا يعني أن لبنان سيحصل فوراً على الغاز لزيادة طاقته الانتاجية. فهو لا يزال رهناً بموافقة البنك الدولي على التمويل. وتُقّدر التكلفة الاجمالية لاستيراد الغاز من مصر واستجرار الكهرباء من الأردن 270 مليون دولار سنوياً.

ويشترط البنك الدولي على لبنان تطبيق اصلاحات جوهرية في قطاع الكهرباء، من أبرزها زيادة التعرفة الكهربائية للتخفيف من عجز مؤسسة كهرباء لبنان والسماح للبنان بأن يسدد دينه.

وكانت المفاوضات قطعت شوطاً كبيراً بين لبنان والبنك الدولي تحددت بموجبها قيمة القرض وآلية الدفع كالتالي:

  • القرض الاجمالي يبلغ 270 مليون دولار مقسط على أربع دفعات، تدفع كل ستة أشهر تبدأ بـ97 مليون دولار وتنتهي بـ32 مليون دولار.
  • تم تقسيط القرض على هذا المنوال لاتاحة المجال أمام لبنان لتطبيق الاصلاحات الضرورية التي تخفض عجز مؤسسة الكهرباء، وبالتالي تخفف من دعم الخزينة لها وتجعل لبنان قادراً على ايفاء التزاماته الى البنك الدولي.
  • أبرز الاصلاحات التي يطالب بها البنك الدولي: 1) زيادة تعرفة الكهرباء من 138 ليرة للكيلوواط كما هو الحال اليوم، إلى 2000 ليرة للكيلوواط، مع الإبقاء على سياسة الشطور المعتمدة حالياً؛ 2) تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء من أجل فتح المجال أمام القطاع الخاص للمساهمة في انتاج الطاقة؛ 3) التعامل مع الهدر غير الفني والذي يستنزف أكثر من 220 في المئة من الانتاج الكهربائي للمؤسسة.

تساؤلات عدة يمكن أن تطرح في هذا المجال: هل سيكون لبنان قادراً على تلبية كل هذه الشروط؟ وماذا لو سجل سعر صرف الليرة المزيد من التراجع، كيف يمكن للبنان أن يستيفد من التعرفة الجديدة في حال إعتمادها في وقت عليه أن يسدد قرضه بالدولار؟ وهل بامكان مصرف لبنان أن يؤمن المبالغ المطلوبة من الدولة اللبنانية؟ وهل هذا يعني أن الأيام المقبلة ستشهد إقراراً بعزوف مصرف لبنان عن دعم شراء البنزين لصالح الكهرباء؟

يذكر أن الأردن كان استضاف في تشرين الأول 2021 اجتماعاً وزارياً لدول خط الغاز العربي (مصر والأردن وسوريا ولبنان)، تم خلاله الاتفاق على إيصال الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان، وتقديم خطة عمل وجدول زمني لتنفيذ ذلك.

شارك المقال