بين ميقاتي والشامي… ما هو مصير الخطة؟

المحرر الاقتصادي

حتى اللحظة، لا معطيات جديدة حول التعديلات التي ستدخل على خطة التعافي المالي والاقتصادي، وما إذا كان هناك من تعديل كما أعلن ذلك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمام لجنة المال والموازنة الأسبوع الماضي. ففي ظل تأكيد رئيس لجنة المال والموازنة النيابية ابراهيم كنعان أن ميقاتي تحدث عن “تغييرات جدية جداً” للخطة، يبدو أن نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي لا يزال مصراً على الصيغة التي كان أقرها مجلس الوزراء في جلسته في 20 أيار الماضي. وهو يرى أن الصيغة بشكلها الراهن ستسمح للبنان بالانتقال الى المرحلة التالية في تفاوضه مع صندوق النقد الدولي. الأمر الذي يطرح تساؤلات عن مصير الخطة التي نالت في الأصل رفض معظم الكتل النيابية والنقابات والمصارف، وما إذا كانت اللجنة الوزارية المكلفة التفاوض مع صندوق النقد الدولي التي يرأسها الشامي سترضخ لطلب ميقاتي تعديل الخطة.

وكانت حكومة ميقاتي توصلت في نيسان الماضي إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء بشأن برنامج تمويلي قيمته 3 مليارات دولار يسدد على أربع سنوات، مع اتفاق كامل مشروط بتمرير شروط مسبقة مثل موازنة العام 2022 وإقرار التعديلات على السرية المصرفية و”الكابيتال كونترول”.

وقد وضعت الخطة عبء الخسائر على عاتق المصارف التجارية والمودعين، وقدّرت إجمالي خسائر القطاع المصرفي بما يزيد عن 70 مليار دولار.

ويرفض الشامي طروحات جمعية مصارف لبنان بانشاء صندوق سيادي توضع فيه أملاك الدولة للاستثمار على أن تعود العائدات منه الى المودعين الذين تبخرت أموالهم والمصارف التي استثمرت الجزء الأكبر من أموالها في سندات وشهادات إيداع صادرة عن مصرف لبنان ووزارة المالية.

وفي المقابل، يقول كنعان إن ميقاتي أبلغ لجنة المال والموازنة النيابية شفهياً أنه سيصار الى إنشاء صندوق للتعافي من أجل معالجة مشكلة الودائع المصرفية، على أن يتم تمويله من شهادات الإيداع ورساميل المصارف وفائض النمو، كالتالي: 50 في المئة من فائض الموازنة الأولي في حال حقق الناتج المحلي نمواً بنسبة تفوق 2 في المئة، ومن فوائد شهادات إيداع مصرف لبنان التي تحملها المصارف في محفظة توظيفاتها، ونقل ثلث رساميل المصارف الى الصندوق .

“أبلغنا رئيس الوزراء أنه تم تغييره بطريقة أن هناك صندوقاً للتعافي المالي سيعوض المودعين أو يدفع للمودعين كلياً أو جزئياً”، قال كنعان في تصريح لـ”رويترز”. أضاف: “تستمر الحكومة في إرسال التغييرات والتعديلات في بعض الأحيان. من المهم للغاية طي هذه الصفحة والذهاب إلى شيء نهائي وإتمام هذا العمل”.

المفارقة في تسويق فكرة صندوق التعافي أن صندوق النقد الدولي قد لا يقبل برهن واردات مرتقبة في الموازنة لتمويله. علماً أنه من المستبعد جداً أن يتوصل لبنان إلى تحقيق نمو بنسبة 2 في المئة قريباً والى فوائض أولية في موازنته.

ميزان المدفوعات

وسط هذه الأجواء، وفي ظل انعدام التدفقات المالية الى لبنان، سجل ميزان المدفوعات عجزاً تراكمياً كبيراً بلغ 2.1 ملياري دولار في خمسة أشهر حتى أيار، مقارنة بـ1.6 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي وعجز بقيمة 2.2 ملياري دولار في الفترة نفسها من العام 2020.

السبب الأساس لهذا التراجع هو انخفاض الموجودات الصافية بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان بواقع 2.1 ملياري دولار نتيجة تدخله في منصة “صيرفة” وتنفيذاً لتعاميم أصدرها تسمح للمودعين بالحصول على دولارات من ودائعهم من مصرف لبنان من خلال المصارف، كما دعمه بعض المستوردات كالمحروقات والقمح والأدوية.

الأمر نفسه سجلته الموجودات الصافية بالعملات الأجنبية لدى المصارف التي تراجعت بقيمة 40.2 مليون دولار في خمسة أشهر. علماً أنها تقلصت بواقع 402.3 مليون دولار في أيار 2022 مقارنة مع تراجع بقيمة 229.4 مليون دولار في نيسان 2022 و180.7 مليون دولار في أيار 2021. والسبب في تراجع الموجودات الصافية بالعملات الأجنبية لدى المصارف يمكن رده إلى الانحدار الشديد لأصولها الأجنبية نسبة الى تراجع مطلوباتها الأجنبية.

أما أسباب هذا الانحدار في الأصول المصرفية الأجنبية فيمكن ربطها بانخفاض تسليفات المصارف الى العملاء غير المقيمين وتسليفاتها الى القطاع المالي غير المقيم. فيما تراجع مطلوباتها الأجنبية يعود في شقه الأساس الى تراجع المطلوبات تجاه القطاع المالي غير المقيم وودائع غير المقيمين.

شارك المقال