التعميم 161 “إبرة بنج” للمودع أم ضرورة للجم سعر الصرف؟

فدى مكداشي
فدى مكداشي

قد يكون تمديد التعميم 161 أمراً واقعاً وسيستمر طالما أن الحكومة لم تستطع فرض سياسات مالية ونقدية مبنية على أسس واضحة نتيجة توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والذي يتضمن سعراً موحداً لصرف الدولار يتم من خلاله إلغاء الأسعار المختلفة التي تولدت نتيجة الانهيار الحاصل وتحكم السوق السوداء والاقتصاد النقدي المتفلت من رقابة الأجهزة الرسمية المعنية. فإلى متى سيستمر مصرف لبنان في تغطية عجز الحكومة من خلال تمديد مفاعيل التعاميم الترقيعية ومنها التعميم 161؟

يرى الخبير الاقتصادي بلال علامة أن “موقف مصرف لبنان في هذا الموضوع لا يحسد عليه، والوضع ليس سهلاً”، مشيراً إلى أن “الميزة الأكثر أهمية في تمديد مفعول التعميم هي أنّه أمّن بعض الاستقرار في سوق الصرف الأجنبي، وهو أمر صحي للشركات والمستهلكين والمواطنين اللبنانيين”. ويقول: “نتيجة لكون استمرار الإقبال على شراء الدولارات من المصارف لا يزال قائماً، والزبائن يقومون بتأمين مليارات الليرات لبيعها والحصول على الدولارات النقدية، قد يجد المجلس المركزي لمصرف لبنان أنه لا مفر من تمديد مفعول التعميم واستمراره حتى نهاية شهر آب بالحد الأدنى”.

ويوضح علامة أن “التعميم 161 لا يشمل شراء الدولارات من المصارف على سعر منصة صيرفة وحسب، إنما من يستفيد أيضاً من مفاعيله هم المودعون الذين لا يزالون يملكون وديعة بالليرة اللبنانية كانت مجمّدة سابقاً وتعذّر عليهم سحبها من قبل، بحيث يلجأون حالياً، بعد انتهاء مدّة التجميد، الى سحب تلك الوديعة بالليرة مقابل شيكات مصرفية وبيعها للصيارفة بأسعار تقلّ 25 الى 50 في المئة من قيمتها، واستخدام تلك الليرات لشراء الدولارات من المصارف على سعر صرف منصة صيرفة، لأنّهم على يقين بأنّ سعر صرف الدولار سيعاود الارتفاع. وبالتالي، يكونوا قد سحبوا ودائعهم وحوّلوها الى دولارات على سعر صرف الـ25 ألف ليرة، قبل أن يعاود الدولار الصعود نحو الـ 30 ألفاً وربما 35 ألفاً!”.

ويعتبر علامة أن “هذا التعميم، وعلى عكس التعاميم السابقة التي سعى البنك المركزي من خلالها إلى لجم انهيار الليرة، هو الوحيد الذي ساهم فعلياً منذ بدء تطبيقه في 14 كانون الأول، في استقرار سعر الصرف في السوق السوداء عند المستويات التي استهدفها مصرف لبنان، حوالى 30 ألف ليرة مقابل الدولار، وذلك نتيجة ضخ الدولارات في السوق بكميات كبيرة من خلال المصارف، وصراع منصّة صيرفة مع المنصّات غير الرسمية الأخرى التي تحكّمت طوال الفترة السابقة في سعر الصرف في السوق السوداء”، لافتاً الى أن “التفاوت بينها وبين سعر منصة صيرفة أصبح ضئيلاً لدرجة أنّ المصارف أصبحت المصدر الأكبر لتوفير الدولارات في السوق بدلاً من الصيارفة”.

وعلى الرغم من أن مصرف لبنان يضطر لضخ الدولارات النقدية بما يكفي لتغطية حجم التداول على منصّة “صيرفة” الذي بلغ أول من أمس على سبيل المثال 50 مليون دولار، إلّا أنّ حجم التداول على “صيرفة”، بحسب علامة “لا يزال مؤشراً الى كلفة تمويل عملية استقرار سعر الصرف عند مستوياته الحالية، بحيث تُظهر مقاربة بيانات منصّة صيرفة قبل تطبيق التعميم 161 وبعده أن مصرف لبنان ضخ ما بين 600 و900 مليون دولار بالحدّ الأدنى والأقصى، في سوق الصرف الأجنبي منذ منتصف كانون الأول ولغاية اليوم”.

اما الصحافي الاقتصادي جوزيف فرح فيرى أن “هذا التعميم هو نوع من المخدّر للمودع خصوصاً أنه يُطبّق عليه الهيركات أي 85٪ تقريباً من الوديعة تتبخر. ثانياً، صحيح أن المودع يسترد بعضاً من أمواله على أسعار متدنيّة ولكن لا تؤدي إلى أي نتيجة في ظل عدم تطبيق الاصلاحات الموعودة سواء في القطاع المالي والمصرفي والقطاع العام”، موضحاً أن “هذا التعميم يأخذ قسماً من أمواله في ظل الفوضى في تطبيق القوانين وصدور أكثر من 20 تعميماً من مصرف لبنان”.

وعن عدم استقرار سعر صرف الدولار وتوقّع أحد التقارير الدولية وصوله الى 40 ألفاً خلال نهاية العام، يشير فرح الى أن “سعر الدولار خاضع للمضاربات خصوصاً أن مصرف لبنان لم يعد اللاعب الأقوى والوحيد في سوق القطع. وبالتالي، هذا كلّه يصب في إطار المضاربة التي لا يوجد لديها أي أساس علمي موزون”، معتبراً أن “لبنان يمرّ بأخطر مرحلة خلال الأشهر الثلاثة فأولاً نحن على نهاية عهد وليس واضحاً بعد ما إذا سيتم انتخاب رئيس للجمهوريّة أو سندخل في الفراغ. في المقابل، اشترط الصندوق إقرار 4 – 5 قوانين قبل أيلول منها الكابيتال كونترول، إعادة هيكلة القطاع المصرفي وتوحيد سعر الصرف الذي لم يعد وارداً في ظل تعدده”.

شارك المقال