هل يسجل لبنان ثاني أعلى معدل تضخم في العالم هذا العام؟

المحرر الاقتصادي

لا سقف محدداً لقفزات معدلات التضخم المتسارعة والتي ترتفع على وقع اجراءات غير مدروسة التداعيات كالدولار الجمركي مثلاً.

فالأرقام الصادرة عن ادارة الاحصاء المركزي أظهرت أن مؤشر استهلاك الأسعار وفق تسميته الرسمية، بلغ على أساس سنوي 168.45 في المئة في تموز الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام 2021. وبلغ تضخم أسعار الاستهلاك في 7 أشهر 50 في المئة.

وقفزت تكاليف المياه والكهرباء والغاز بنسبة 460.5 في المئة في سنة، كما ارتفعت أسعار النقل بنسبة 353 في المئة، والنفقات الصحية 284 في المئة. فيما ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 240 في المئة.

وكان التضخم ارتفع إلى 210 في المئة في حزيران مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، مسجلاً بذلك الزيادة الـ24 على التوالي ثلاثية الأرقام في مؤشر أسعار المستهلك لإدارة الإحصاء المركزي منذ تموز 2020.

ويتوقع أن يسجل معدل التضخم المزيد من الارتفاعات في آب، نتيجة خفض الدعم على شراء مادة البنزين عبر منصة “صيرفة” بعد تراجع مصرف لبنان عن دعم تمويل هذه المادة مما يستوجب من المستوردين التوجه الى السوق الموازية لتوفير الدولارات لقاء تكلفة الشحنات، وهو ما من شأنه أن يرفع سعر صرف الدولار ويغذي تسارع التضخم في الأسعار والخدمات.

تتوقع “فيتش سوليوشن” التابعة لوكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، في تقرير اطلع عليه “لبنان الكبير” أن يسجل لبنان ثاني أعلى معدل تضخم في العالم هذا العام، بعد السودان (180 في المئة).

وقالت “فيتش سوليوشن” إن التضخم في لبنان سيبلغ في المتوسط ​​178 في المئة في العام 2022 من حوالي 155 في المئة العام الماضي.

وأعلنت أن هذا هو تعديل تصاعدي من توقعاتها السابقة بـ155.8 في المئة لهذا العام بسبب الضغوط التضخمية القوية من تعديل رسوم الاتصالات والمرافئ والجمارك.

وتحدثت عن 3 عوامل محلية تعتقد أنها ستؤدي الى زيادة التضخم في العام 2022، بصرف النظر عن أسعار السلع والنفط العالمية، واستمرار انخفاض قيمة الليرة في السوق الموازية وفي منصة “صيرفة”، وهي:

  • اعتماد سعر صرف “صيرفة”: تعتقد “فيتش” أن الاعتماد التدريجي لسعر صرف منصة “صيرفة” الذي يحدده مصرف لبنان يومياً، (بلغ الاثنين 2711 ليرة)، بدلاً من سعر الصرف الرسمي البالغ 1507.5 ليرات مقابل الدولار الواحد، عبر قطاعات متعددة، سيؤدي إلى زيادة الضغوط التضخمية. اعتمد سعر صرف “صيرفة” لتعرفة الاتصالات اعتباراً من الأول من تموز، ورسوم المرافئ اعتباراً من 1 آب 2022. وسيترجم هذا إلى زيادة كبيرة في فواتير الهاتف والإنترنت وكذلك في تكلفة البضائع المستوردة عبر المرفأ في النصف الثاني من العام 2022.

  • تعرفات جمركية أعلى: تتوقع “فيتش” أيضاً أن يوافق مجلس النواب على الأرجح على تعديل التعرفات الجمركية. “على الرغم من أنه لا يزال من غير الواضح ما هو سعر الصرف الذي سيتم تطبيقه على التعرفات الجمركية والسلع المعفاة، فإننا نفترض في الوقت الحالي أن سعر صرف صيرفة سينطبق على السلع غير الأساسية. سيؤدي هذا إلى رفع تكلفة السلع غير الأساسية المستوردة، مثل التبغ والكحول، مما يساهم في ارتفاع التضخم”، كما ورد في التقرير.

  • ارتفاع أسعار الخبز: بعد إلغاء غالبية الدعم على السلع الأساسية في العام 2021، تعتقد “فيتش سوليوشن” أن السلطات ستبدأ أيضاً في خفض دعم الخبز. وتقول: “في الواقع، فإن الارتفاع الحاد في أسعار القمح بعد الغزو الروسي لأوكرانيا إلى جانب تراجع احتياطات مصرف لبنان من العملات الأجنبية، سيجعل من الصعب على الحكومة دعم أسعار الخبز. في الواقع، أدت الزيادة التدريجية في أسعار الخبز المدعوم، والتي تسارعت بسبب ضيق العرض في سوق القمح العالمي والمحلي منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، إلى ارتفاع أسعار الخبز إلى أكثر من 30 ألف ليرة في آب من حوالي 14 ألف ليرة، في آذار 2022. نتوقع استمرار الاتجاه التصاعدي في أسعار الخبز، مما يضيف إلى الضغوط التضخمية في النصف الثاني من العام 2022”.

وتتوقع “فيتش” أن ينخفض متوسط التضخم في العام 2023 إلى 60 في المئة، بحيث سيتلاشى التأثير الأساسي من إزالة الدعم وتنخفض أسعار السلع العالمية. وسيترجم هذا إلى نمو أقل بكثير على أساس سنوي في أسعار الوقود والغذاء. “ومع ذلك، فإن الاعتماد التدريجي لسعر صيرفة عبر قطاعات عدة، بما في ذلك التعرفات الجمركية، جنباً إلى جنب مع استمرار انخفاض قيمة العملة في السوق الموازية، سيبقي التضخم في خانة العشرات في العام 2023”.

أضاف التقرير: “في الواقع، في حين أنه من الصعب التنبؤ بالقيمة الدقيقة من سعر الصرف في السوق الموازية بسبب الافتقار إلى الشفافية، وتصاعد عدم اليقين السياسي، والوضوح بشأن اتجاه صنع السياسات، جنباً إلى جنب مع احتياطيات العملات الأجنبية التي يستنفدها مصرف لبنان بسرعة، مما سيسهم في استمرار الضعف في العملة في كل من السوق الموازية ومنصة صيرفة على الأقل في النصف الأول من العام 2023”.

كما حذرت “فيتش” من أن “الزيادة الحادة في المخاطر السياسية بسبب التوترات المتزايدة مع إسرائيل بشأن النزاع الحدودي البحري و/ أو اقتراب الانتخابات الرئاسية يمكن أن تؤدي إلى انخفاض أكثر وضوحاً في قيمة الليرة اللبنانية في السوق الموازية”.

شارك المقال