رفع الدولار الجمركي… “خربان بيوت”

جنى غلاييني

لا يمكن تخيّل الوضع المعيشي الذي سيصل إليه اللبناني في حال أقر رفع قيمة الدولار الجمركي من 1500 ليرة الى 20 ألف ليرة! إذ سيزداد الوضع سوءاً على الأصعدة كافة وسترتفع الأسعار بصورة كبيرة، من الرعاية الطبية والاحتياجات الأساسية، الى الغذاء والتعليم، لذا، فانّ الزيادة في سعر الدولار الجمركي ستكون تداعياتها كارثية.

وعلى الرغم من تأكيدات الجهات المعنية بأن الدولار الجمركي الجديد لن يؤثر على أسعار السلع الأساسية، إلا أن الكثيرين يجدون في ذلك “خربان بيوت”، ويعتقدون أن إيرادات الدولة ستزيد من جيوب المواطنين من أجل تقليص عجز الموازنة العامة.

ومع الاحتمالية الأكيدة في قرب رفع سعر الدولار الجمركي، هرع الناس الى شراء ما ينقصهم من أساسيات وكماليات قد يصبح شراؤها شبه مستحيل بالنسبة اليهم إذا صار الدولار الجمركي 20 ألف ليرة. وتشهد معارض السيارات حاليّاً إقبالاً لا بأس به ممن يملكون الدولارات لشراء مركبات جديدة قبل فوات الأوان، بحيث سيتراجع بيع السيارات بعد رفع الدولار الجمركي.

إنّ أزمة لبنان المالية والنقدية ليست أزمة ليرة لبنانية، بحسب ما يقول الخبير الاقتصادي والمالي إيلي يشوعي لـ”لبنان الكبير”، موضحاً “ما يعني أنّنا نستطيع بالليرة اللبنانية أن نأخذ القرار الذي نريده مثل مضاعفة الأجور، مضاعفة الرسوم الجمركية والضرائب… لكن ليس المهم أن ندير المسألة النقدية بواسطة الليرة اللبنانية فقط، لأنّ أزمتنا هي أزمة دولار، فالدولار الجمركي هو ضريبة دخول للمواد المستوردة على الأراضي اللبنانية، وفي زمن الركود الاقتصادي الذي يمر به لبنان لا يمكن أن تزاد قيمة الدولار الجمركي من 1500 ليرة الى 20 ألف ليرة ضربة واحدة”.

ويرى أن “خطوة رفع قيمة الدولار الجمركي غير مدروسة في ظل الانهيار المالي المدوي، إذ من شأن هذه الخطوة في حال أُقرّت وبحسب قاعدة اقتصادية بسيطة أن تعمّق الركود الحالي، أمّا لو كنا في زمن الازدهار الاقتصادي والبحبوحة فيمكن رفع سعر الدولار الجمركي لخفض التضخم المالي وللحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة”.

ويشددّ يشوعي على أن “الحكومة الحالية أوصت وزير المالية باحتساب الدولار الجمركي على الـ20 ألف ليرة وإلاّ من أين سيؤمنون أجور القطاع العام؟ لكنه من الناحية الأخرى لا يأخذ في الاعتبار انخفاض الكميات المستوردة بسبب تراجع الطلب الداخلي وارتفاع أسعارها وذلك لأنّ نسبة كبيرة من اللبنانيين تحمل الليرة اللبنانية وتتعاطى فيها فقط، وبالتالي كل ارتفاع في الأسعار سيتسبب بتآكل إضافي في قدرة المواطن الشرائية”.

وعن النتائج السلبية التي يمكن أن يسببها رفع قيمة الدولار الجمركي، يشير الى أن “ارتفاع أسعار السلع المتفاوتة الذي ستسببه ازيادة سعر الدولار الجمركي قد يُضطر المصرف المركزي الى أن يضع المزيد من العملات النقدية في التداول وهذا من شأنه أن يؤدي الى تضخم إضافي وتراجع إضافي لسعر صرف الليرة، لذا سلبية هذا القرار ترجع الى عدم احتسابه ودراسته بصورة صحيحة”.

ومع استعداد بعض التجار الاستغلاليين الى رفع أسعارهم على السلع التي ستعفى من الرسوم الجمركية، يتهافت الناس على تأمين حصّتهم قبل تلاعب التجار بهم و”أكل الضرب” منهم، بما في ذلك الشباب المقبل على الزواج الذي لن تسنح له الفرصة لتأمين كل ما يلزم لعش الزوجية من أثاث ولوازم وأدوات كهربائية. وتشهد هذه المحال اقبالاً على شراء بضاعتها قبل أن يصبح من الصعب جدّاً الحصول عليها لاحقاً بوجود رسوم جمركية مرتفعة غير معفاة منها.

وهذا بالتحديد ما يقوم به بسّام المقبل على الزواج، والذي سيشتري الأدوات المنزلية غير المعفاة من الضريبة الجمركية قبل البحث عن منزل!. ويقول: “كنت أخطط للزواج في أول العام 2024 أي بعد سنتين وفي تلك الفترة كنت سأؤمّن كل ما يلزمنا حتّى أكون قد ادخرت قرشين، ولكن بما أنّ الدولار الجمركي سيرتفع فأحاول أن أضمن شراء بعض القطع الكهربائية كالبرّاد والغسّالة والغاز، وإلاّ فلن أستطيع شرائها لاحقاً وكنت سأتراجع عن فكرة الزواج كلّياً. والله يعين اللبناني الذي سيجد صعوبة بعد ذلك حتى في تأمين لقمة يتناولها!”.

شارك المقال