لبنان على حافة الكلمة الفصل الخميس أو خارج الخدمة كلياً!

راما الجراح

يستمر موظفو هيئة “أوجيرو” في الإضراب الذي أعلنوا عنه منذ الثلاثين من آب الفائت إحتجاجاً على فقدان قيمة رواتبهم والمطالبة بتصحيحها، ما يفاقم مشكلات خدمة الإنترنت في معظم المناطق اللبنانية بعدما بدأت مراكز الخدمات التابعة للهيئة بالسقوط واحداً تلو الآخر، وتوقفها عن القيام بالأعمال كافة، بما فيها تزويد السنترالات بالمازوت وإصلاح الأعطال التي طرأت وستطرأ على خدمات الاتصالات والإنترنت.

وقع وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم على المراسيم الأربعة المتعلقة بمطالب موظفي “أوجيرو” الذين ظلوا مصرين على إستمرارهم بالإضراب. وتضمنت هذه المراسيم طلب وزارة الاتصالات و”أوجيرو” من وزارة المالية سلفة خزينة بقيمة ٢٠٠ مليار ليرة تقريباً من إحتياطي موازنة ٢٠٢٢ لتطبيق هذه المراسيم الأربعة، بإنتظار توقيع كل من وزير المال ورئيس الحكومة في الساعات المقبلة لتصبح نافذة.

في حين اتخذت نقابة موظفي “أوجيرو” قرارها بالإجماع بعد توقيع الوزير على المراسيم بأنها لن تتراجع عن الإضراب إلى حين التأكد من التوقيع على الحقوق الأربعة المطالب بها وهي: المساعدة الاجتماعية الشهرية وبدل نقل بقيمة 95 ألف ليرة وبدل حضور عن شهرين، فيما بقي المطلب الأهم بالنسبة الى الموظفين وهو تصحيح الأجور بسبب غلاء المعيشة عالقاً بإنتظار رد وزير الاتصالات عليه بعد غد الخميس.

وأعلن عدد من موظفي “أوجيرو” عبر موقع “لبنان الكبير” أن “مطالبنا واضحة، محقة وعادلة، نحن نريد المساواة في قطاع الإتصالات أقله أن تكون رواتبنا كما رواتب زملائنا في شركة (ألفا) و(تاتش)، ففي آخر المطاف يعود الفضل الى هيئة أوجيرو التي تقوم بتشغيل الانترنت في لبنان وإعطاء هاتين الشركتين أيضاً، مقابل أن رواتبنا لا تزال حتى اليوم على سعر صرف الـ١٥٠٠، والتي لا تكفينا قوت يومنا لأيام إضافة إلى مصاريف النقل والبنزين يومياً الى المكاتب”.

“هناك العديد من القطاعات التي أصبحت رواتب موظفينها ٨ أضعاف ما كانت عليه تقريباً حتى يتمكنوا من الصمود في عملهم” بحسب ما قالوا، مؤكدين أن “مطالبنا ليست من المريخ وليست تعجيزية، ساووا في ما بيننا حتى ننجز أعمالنا على أحسن حال”. وتوجهوا الى المدير العام عماد كريدية بالقول: “مع كامل الاحترام والتقدير، في حال لم تُنفذ مطالبنا فلن نُعلق الإضراب (يلي بياكل العُصي مش متل يلي بيعدها)! وأصبحنا على أبواب الشتاء وأقله نحتاج الآن الى أن نؤمن الحطب أو المازوت للتدفئة من أجل عوائلنا وأطفالنا، فهل رواتبنا تكفي لشراء مواد التدفئة هذه؟”.

أما بالنسبة الى الأعطال، فأشاروا إلى أن “ما يحصل من توقف للسنترالات، وأعطال شبكات الانترنت في كل لبنان ليس ذنبنا ولا تقصيراً منّا، بل عند نفاد كمية المازوت ينطفئ السنترال، ولأننا في إضراب مفتوح لا يوجد موظفون لتشغيله، وهذا الأمر كنا قد حذرنا منه منذ أكثر من أسبوع”.

“كل الإنترنت في لبنان هو عبر أوجيرو من خلال وزارة الاتصالات، وهناك سنترال رئيس موزع لكل السنترالات الموجودة في لبنان تحت إدارة هيئة أوجيرو، ومن الطبيعي في حال إستمرار الإضراب في قطاع حيوي كالاتصالات سننقطع عن العالم قريباً وستنقطع جميع أشغالنا”، بحسب مهندس الاتصالات حسان لمع الذي رأى أن “من المفروض أن تكون هناك تضحية من الموظفين لهكذا قطاع أساس ويمُس كل القطاعات”، موضحاً أن “هناك الكثير من المناطق والمحافظات في لبنان انعزلت بصورة كُلية عن الإتصال أو الإنترنت 3g و4g الذي ينعكس ما يحصل عليه أيضاً مباشرة، وليس من المنطق أن تقف دولة بأكملها من أجل (كم موظف)!”.

أضاف لمع: “نحن كمواطنين لبنانيين يجب أن ننظر من ناحية أن وزارة الاتصالات كانت تخصص لهيئة أوجيرو مدخول الخزينة تقريباً، والدولة تأخذ جزءاً بسيطاً من إيرادات الهاتف الأرضي، بينما أوجيرو كانت تستفيد من رواتب خيالية للموظفين والإداريين. وفي ظل الوضع الصعب الذي نعيشه اليوم لا بد أن نصل إلى وضع مأساوي بالنسبة الى الرواتب بسبب إنهيار العملة الوطنية وتضخم الميزان التجاري وغيره، لذلك برأيي نحن لم نرَ تضحية من الموظفين ولا أستطيع مثلاً أن أقول انهم يضحون مثل الجيش اللبناني وقوى الأمن الذين هم أيضاً لا تزال رواتبهم على سعر صرف الـ ١٥٠٠! ويجب على الدولة أن تأخذ قراراً سريعاً في هذا القطاع الحيوي، وأقترح أن يعيد الجيش اللبناني والقوى الأمنية مثلاً الخدمة إلى السنترالات إلى حين عودة الموظفين إلى عملهم”.

واستغرب أحد المهندسين في وزارة الإتصالات أن يلوم عدد من زملائه الموظفين على إضرابهم، وقال لموقع “لبنان الكبير”: “لو كنا مكانهم لفعلنا أكثر من ذلك، كيف يمكن لأي موظف في وزارة الاتصالات والذي يعلم جيداً أنه لا توجد مساواة أبداً في رواتب الموظفين ويكون على إطّلاع ويقين من ذلك، أن يلوم موظفين ومياومين يحتاجون إلى أكثر من راتبهم أجرة للنقل أو بنزيناً لسياراتهم طيلة أيام الشهر للدوام في المكاتب؟ أتمنى من الزملاء أن يتكلموا خيراً والا فليصمتوا، فالموظفون المعترضون على رواتبهم اليوم يستحقون رواتب أفضل من رواتبنا”!

 

 

 

شارك المقال