هل فقد قطاع الاتصالات عصاه السحرية؟

حسين زياد منصور

لم تكن مشكلة الاتصالات في لبنان ناتجة عن اضراب موظفي هذا القطاع أبداً، بل تفاقمت المشكلات منذ أشهر بدءاً من انقطاع الكهرباء وصعوبة تأمين مادة المازوت وغيرها من الأمور التقنية، على الرغم من رفع شركات الاتصالات والانترنت في لبنان أسعار خدماتها بعد قرار وزارة الاتصالات فرض هذه الزيادة على الأسعار مع بداية شهر تموز الماضي لوقف انهيار القطاع، الذي لطالما شكل العصا السحرية للدولة اللبنانية لتأمين الدعم للبنى التحتية والرواتب والايجارات من خلال ايراداته.

بعد أكثر من شهرين على رفع التعرفة باتت الخدمة من سيء الى أسوأ، خصوصاً في الفترة الأخيرة مع غياب شبكات الانترنت عن بعض المناطق والانقطاع المتواصل في خطوط الاتصال في معظم الأراضي اللبنانية.

أيام عدة مضت على اعلان موظفي “أوجيرو” الاضراب، وترافق ذلك مع خروج بعض السنترالات عن الخدمة في مناطق لبنانية عدة بسبب الصيانة تارة وانقطاع المازوت تارة أخرى.

هذا الاضراب شلّ البلد وأنزل خسائر فادحة بالقطاعين العام والخاص وكان له تأثير على مختلف الأصعدة والمجالات، فالتوقف عن العمل أدى الى أعطال في السنترالات المنتشرة على الأراضي اللبنانية، ما انسحب على خطوط الهاتف الأرضية في بعض المناطق، وبعض شبكات الانترنت، اذ أن الشركات المزوّدة في لبنان معظمها تحصل على الانترنت من هيئة “أوجيرو”، مما يؤثّر على أداء الخدمة في البلاد.

وكان من أبرز نتائج هذا الاضراب التوقف شبه التام لإرسال شركتي “ألفا” و”تاتش” في بعض المناطق، فيما اتهم البعض “أوجيرو” بقطع الارسال عمداً عن الشركتين، ما أدى الى انهيار كامل خدمات “تاتش” في لبنان. وبخصوص ذلك، أكدت مصادر في “تاتش” أن “هذا الكلام عار عن الصحة، والشبكة لم تنهر، ولم يقطع الانترنت أو الارسال عن الشركتين، والا لما تمكنا من اجراء المكالمات، وما حصل هو أعطال تقنية عادية كانقطاع المازوت والحلول دائماً موجودة”.

وفي ظل هذه المشكلات والظروف يتجدد الخوف من توسع ظاهرة الانترنت غير الشرعي خصوصاً مع الضعف والتراجع في أداء خدمات الدولة والشركات الخاصة، واللذين لهما انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني أبرزها تراجع إيرادات الدولة. هذا النوع من الانترنت له مصادر عدة منها بعض السنترالات، ومنها وهو الأخطر ما يتم الحصول عليه من فلسطين وتركيا عن طريق سوريا، والذي يميزه أنه أقل كلفة من الانترنت الشرعي ولا ينقطع.

وأسوة ببقية موظفي القطاع العام المضربين منذ ما يقارب الـ ٣ أشهر، توقفت نقابة عمال وموظفي “أوجيرو”، عن الحضور الى مراكز العمل والقيام بأعمال الصيانة والخدمات.

وعلى الرغم من توقيع وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم مراسيم إعطاء بدل النقل وبدل الحضور عن شهرين الى جانب المساعدات الاجتماعية الشهرية لم يعلق الاضراب، اذ أن المطالب الأساسية للموظفين لم تتحقق بتصحيح الأجور بسبب غلاء المعيشة، وعدم تعديل المادة ٤٩ من قانون الاتصالات ٤٣١ والمرتبطة بما يقارب ٢٥٠٠ عائلة، اضافة الى عدم تأمين الأموال الضرورية واللازمة لتسيير الأعمال من صيانة ومحروقات.

ويريد موظفو وعمال “أوجيرو” معاملتهم أسوة بموظفي شركتي “تاتش” و”ألفا”، وتحسين أوضاعهم ورواتبهم التي لم تعد تؤمن لهم أدنى المقومات، ويسعون الى احتساب رواتبهم على أساس منصة “صيرفة”، خصوصاً بعدما رفعت وزارة الاتصالات التعرفة فيما الفواتير والرواتب بقيت على حالها.

إذاً، فالإضراب مستمر حتى تحقيق المطالب، وعلى الرغم من بعض أعمال الصيانة وتأمين مادة المازوت كي لا تعزل المناطق اللبنانية عن بعضها البعض، الا أن العودة عن الاضراب غير واردة مهما بلغت الضغوط قبل حل المشكلات وتسوية الأوضاع.

شارك المقال