موازنة العام 2022 بلا توقعات ماكرو اقتصادية

المحرر الاقتصادي

يعقد مجلس النواب جلسة يومي الأربعاء والخميس المقبلين وقبل ظهر الجمعة، لدرس وإقرار مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2022 بعدما دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

جاءت دعوة بري يعد يومين من لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ولم يسبقها اجتماع لهيئة مكتب المجلس كما تجري العادة من أجل إعداد جدول الأعمال الخاص بالجلسة.

معلوم أن إقرار موازنة هو مطلب جوهري من صندوق النقد الدولي من ضمن مطالب وشروط أخرى من أجل انتقال لبنان الى المرحلة اللاحقة من الاتفاق بين الطرفين، بعد توقيع اتفاق أولي على مستوى الموظفين في نيسان الماضي.

وكانت لجنة المال والموازنة النيابية أنهت في التاسع والعشرين من آب الماضي درس مشروع الموازنة، وأعد رئيسها تقريراً بما تم التوصل اليه والمواد التي علقت كي تبت بها الهيئة العامة.

وقد تأخر إقرار الموازنة كثيراً، اذ أشارت المادة 83 من الدستور إلى الموعد المحدد للحكومة من أجل تقديم مشروع قانون الموازنة الى المجلس النيابي. ونصت على الآتي: “كل سنة في بدء عقد تشرين، تقدم الحكومة لمجلس النواب موازنة شاملة نفقات الدولة ودخلها عن السنة القادمة”.

فيما نصت المادة 32 من الدستور على الاجتماعات العادية للمجلس النيابي الذي يجتمع في عقدين عاديين، ومما ورد فيها: “يجتمع المجلس في كل سنة في عقدين عاديين، فالعقد الأول يبتدئ يوم الثلاثاء الذي يلي الخامس عشر من شهر آذار وتتوالى جلساته حتى نهاية شهر أيار. والعقد الثاني يبتدئ يوم الثلاثاء الذي يلي الخامس عشر من شهر تشرين الأول وتخصص جلساته للبحث في الموازنة والتصويت عليها قبل كل عمل آخر، وتدوم مدة هذا العقد الى آخر السنة”.

وهذا يعني أنه كان من المفترض أن تكون وزارة المالية راهناً في صدد تحضير مشروع موازنة العام 2023 لرفعه الى الحكومة.

على أي حال، سيكون المشروع الحالي للموازنة محور انتقادات واسعة من عدد كبير من النواب الأسبوع المقبل، في وقت يبدو واضحاً أن العنوان العريض للاشتباك هو سعر الصرف الذي اعتمد في احتساب أرقام النفقات والواردات.

لا شك أن إقرار الموازنة يعتبر أمراً جوهرياً لأنه يمثل خطوة مهمة باتجاه انتظام المالية العامة. لكن يجدر إلقاء الضوء على بعض الملاحظات في مشروع الموازنة الذي ينشر نصه “لبنان الكبير”:

  • يفتقر مشروع الموازنة الى تصور اقتصادي يشرح سياسة الحكومة وتوجهاتها الاستراتيجية على المدى المتوسط. فالموازنة تتألف من قسمين؛ الأول هو النصوص القانونية والثاني جدول النفقات والواردات. ويجب أن يلحق به تقرير مفصل يعرف بفذلكة الموازنة أو خطاب الموازنة يتناول الحالة الاقتصادية والمالية في البلاد والمبادئ التي اعتمدتها الحكومة في مشروع الموازنة.أي لم يصر الى تحديد التوقعات لنسب النمو والتضخم، وسعر الصرف، والناتج المحلي الاجمالي ومسار الدين العام. وبالتالي، فان مشروع موازنة العام 2022 يفتقر الى الإطار الماكرو اقتصادي العام الذي يجب أن يبيّن تصور الحكومة للفترة المقبلة وتوقعاتها بالنسبة الى المؤشرات الاقتصادية.

  • تم تقليص عدد المواد من 139 مادة في مشروع الحكومة الى 121 مادة.

  • خفّضت لجنة المال والموازنة أرقام النفقات والواردات عما كانت عليه في مشروع الحكومة. اذ باتت النفقات تقدر بحوالي 37.8 ألف مليار ليرة مقابل 49.4 ألف مليار في مشروع الحكومة. في المقابل، خفضت أرقام الايرادات المرتقبة الى 24.3 ألف مليار ليرة (من39.1 ألف مليار ليرة). وبات العجز يقدر بحوالي 13.5 ألف مليار ليرة. فعلى أي أساس جرى هذا الخفض، وما هي المعادلة التي اعتمدت؟ وكيف سيموّل هذا العجز لاسيما في ظل الركود الاقتصادي الحاصل ونسب النمو السلبية وعدم قدرة الحكومة على اللجوء الى الأسواق العالمية بعد تخلف لبنان عن سداد استحقاقاته، وعزوف المصارف عن الاكتتاب في سندات الخزينة، وفي ظل عدم قدرة المكلفين على سداد الضرائب والرسوم بعد فقدان قدرتهم الشرائية. علماً أن المادتين المرتبطتين بالنفقات والواردات علقت الى حين البت بها في الهيئة العامة. اذ لم يرد في المشروع سعر الصرف الذي اعتمد لتحديد هذه الأرقام.

  • الانفاق الاستثماري شبه غائب في مشروع موازنة العام 2022، علماً أن زيادته أصلاً هي أمر ضروري للبدء في مسار النمو.

  • تم تعديل المادة الخامسة المتعلقة بالاقتراض والتي حذفت منها عبارة “لتغطية سلف الخزينة المعطاة لمؤسسة كهرباء لبنان وفق ما ورد في المادة 13 من هذا القانون”، والتي باتت كالتالي: “يجاز للحكومة في اطار تمويل استحقاقات أصل الديون، وضمن حدود العجز المقدر في تنفيذ الموازنة وفي إنفاق الاعتمادات المدورة الى العام 2022 والاعتمادات الاضافية، إصدار سندات خزينة بالعملة اللبنانية لآجال قصيرة ومتوسطة وطويلة بقرارات تصدر عن وزير المالية”.

  • ألغيت المادة 13 التي كانت متعلقة باعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة طويلة الأجل بحد أقصى 5250 مليار ليرة لسداد شراء المحروقات وسداد فائدة وأقساط القروض لصالح مؤسسة كهرباء لبنان. علماً أن مشروع الموازنة لم يشر الى خطوات اصلاحية من شأنها أن تعيد اطلاق هذا القطاع المتهالك الذي استنزف الخزينة ويعتبر المسؤول عن أكثر من نصف الدين العام.

  • تم تعليق المادة المتعلقة باعطاء مساعدة اجتماعية للعاملين في القطاع العام والمتقاعدين والتي تنص على استفادتهم بـ100 في المئة من الراتب، تحتسب على أساس الراتب أو أساس الأجر أو أساس المعاش التقاعدي من دون أي زيادة مهما كان نوعها أو تسميتها على ألا تقل قيمة هذه المساعدة عن مليوني ليرة شهرياً للذين لا يزالون في الخدمة، و700 ألف للمتقاعدين وألا تزيد عن 6 ملايين ليرة لمن هم في الخدمة و5 ملايين و100 ألف للمتقاعدين.

  • بقيت المادة المتعلقة باستيفاء الرسوم والضرائب معلقة الى حين البت بها من قبل الهيئة، علماً أنه تم تعديل الصيغة السابقة مع إبقاء إعطاء سلطة استنسابية لوزير المالية ليحدد سعر الصرف من أجل استيفاء الضرائب والرسوم.

  • إخضاع للضريبة بمعدل 10 في المئة كل من فوائد وعائدات الودائع وسائر الالتزامات المصرفية بأي عملة كانت، بما فيها تلك العائدة لغير المقيمين، باستثناء الودائع بين المصارف. كما فوائد وايرادات وعائدات حسابات الائتمان وادارة الأموال، وعائدات وفوائد شهادات الايداع التي تصدرها جميع المصارف وسندات الدين التي تصدرها الشركات المغفلة. بالاضافة الى فوائد وايرادات سندات الخزينة بالعملة اللبنانية. على أن يطبق معدل الـ10 في المئة لغاية 31/12/2022، ويعاد تطبيق معدل الـ7 في المئة اعتباراً من 1/1/2023. مع الإشارة إلى أن هذه المادة تطال بصورة أساسية عائدات المصارف من شهادات الإيداع وتوظيفاتها لدى مصرف لبنان واكتتابات مصرف لبنان. والسؤال هنا كيف سيصار الى احتساب هذه الضريبة بعدما شارف العام المالي على نهايته؟

  • تم الغاء المادة التي تسمح بقوننة تليير الودائع بصورة غير مباشرة عبر خلق نوعين من الودائع من خلال إلزام المصارف بتسديد الودائع بالعملة الأجنبية التي يتم إيداعها نقداً أو من خلال تحويلات مصرفية خارجية بالطريقة عينها التي أودعت لديها من تاريخ نشر هذا القانون.

  • رفع المبلغ المقترح لقاء الحصول على جواز سفر لمدة عشر سنوات الى مليون و200 ألف ليرة بدلاً من مليون ليرة.

شارك المقال