بعد وقف دعم البنزين… “رح نصير نعبّي بالقطّارة”

جنى غلاييني

رفع البنك المركزي ما تبقى من دعم عن البنزين يوم أمس، بعدما كان اعتمد التخفيض التدريجي في الفترة الماضية، منهياً عملية استمرت عاماً لتقليص البرنامج المكلف. وأعلن مصرف لبنان لـ “رويترز” أنه توقف تماماً عن توفير الدولار لواردات البنزين، في خطوة ستؤدي على الأرجح إلى ارتفاع أسعار الوقود وتقلبها بصورة كبيرة وزيادة الضغط على العملة المحلية التي تفقد قيمتها على نحو مطرد.

وكان أعلن قبل أكثر من عام أنه سيرفع تدريجاً الدعم عن البنزين لإبطاء استنزاف احتياطاته من النقد الأجنبي. اذ كان هذا الدعم في السابق يكلف الدولة التي تعاني من ضائقة مالية حوالي 3 مليارات دولار سَنَوِياً، في ضوء الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أوقعت ثلاثة أرباع سكانه في براثن الفقر ووصفها البنك الدولي بأنها من الأسوأ في العالم خلال الأعوام الـ 150 الماضية.

وأعلن متحدث باسم البنك المركزي أنه سيتعين على المستوردين الآن الحصول على الدولار من السوق السوداء حيث تم تداول الليرة اللبنانية بنحو 35400 ألفاً مقابل الدولار امس الاثنين. وكان السعر عند “صيرفة” الأسبوع الماضي نحو 28 ألفاً.

وبدءاً من اليوم، سيقوم أصحاب المحطات بتسعير البنزين وفق سعر السوق السوداء بحسب ما قال عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس، مؤكداً أن “المصرف المركزي سيتوقف عن تأمين 20 في المئة من أسعار البنزين عبر منصة صيرفة، لتصبح على عاتق الشركات المستوردة للنفط بالكامل”.

وأشار إلى أن “ارتفاع سعر صفيحتي البنزين لن يكون كبيراً، وسيسجّل حوالي 10 آلاف ليرة لأن أسعار النفط تراجعت عالمياً”، موضحاً أن “كل ذلك يبقى مبدئياً حتى صدور جدول رسمي”.

اما عضو تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس فقال لـ “رويترز”: “إذا زادت التقلبات في سعر الصرف، فستزيد التقلبات في سعر الوقود”.

أضاف: “ان المستوردين قادرون حتى الآن على الحصول على كل احتياجاتهم من الدولار من السوق السوداء، وأن القائمين على ضخ البنزين سيواصلون القبول بالدفع بالليرة وفقاً للسعر اليومي للسوق السوداء”.

“رح نصير نعبّي بالقطّارة” يقول محمد عباس، وهو يملك سيارة ودراجة نارية يضطّر الى تعبئة كل منهما عند الاستعمال، ويتابع: “هل هناك أسوأ من الوضع الذي نمر به؟ أضطر الى تعبئة دراجتي كل يومين لأذهب الى العمل، وفي أيام العطل أستخدم سيارتي لكي أتنزّه مع عائلتي، ولكن حتّى المشاوير والنزهات سنحرم منها بعد الآن، فمن يدري كم سيصبح سعر تنكة البنزين، أفلا تكفينا الفواتير التي ندفعها للحصول على أبسط مقوماتنا؟ من فاتورة مياه مقطوعة إلى فاتورة اشتراك كهرباء كمْ ساعة نشحدها شحادة من صاحب المولد، عدا عن أي أمر طارئ قد يصيبنا من عطل في السيارة أو حادث أو ضرورة دخول مستشفى، وفي النهاية تأتينا هذه الصفعة الجديدة لتهلك المواطن وجيبه”.

أمّا الحاج محمود حموي وهو صاحب باص يخصّصه لنقل التلاميذ الى المدرسة صباحاً فيقول: “بعد رفع الدعم عن البنزين ما عادت تكفيني التنكة لنقل الأولاد الى مدارسهم صباحاً وإعادتهم الى بيوتهم ظهراً خصوصاً مع الازدحام الشديد على الطرقات. وإذا تلاعب سعر تنكة البنزين في الأسبوع مرّات عدة فكيف سأحدّد للأهل سعر الأوتوكار شهريّاً؟ للأسف لم يعد أي عمل في لبنان مربحاً، ونحن نعيش كل يوم خائفين من اليوم الذي يليه”.

منذ اليوم بات سعر صفيحة البنزين التي تعادل 20 ليتراً يحتسب كلياً على سعر صرف الدولار في السوق السوداء، في حين أن طريقة التسعير السابقة كانت تعتمد على سعر الدولار على منصة “صيرفة”. وقفز امس سعر الـ 20 ليتراً بواقع 20 ألف ليرة.

شارك المقال