“كريدي سويس”… هل يستعيد العالم كابوس سقوط “ليمان”؟

المحرر الاقتصادي

هل تذكرون السقوط الكبير لمصرف “ليمان براذرز” الاستثماري، الذي كان انهياره بداية أزمة مالية عالمية في 2008؟

تتردد هذه الواقعة كثيراً في هذه الأيام على “تويتر” في وقت تتحدث شائعات جادة عن قرب انهيار مصرف كبير. ويبدو أن مصرف “كريدي سويس” – ثاني أكبر المصارف السويسرية – يعاني أزمة كبيرة، قد تؤدي الى انهياره فتكر معه سبحة التعسرات لمصارف كبيرة وتتحول الأزمة العالمية الحالية من أزمة تضخم وطاقة الى أزمة مالية كبيرة.

فمصرف “كريدي سويس” هو مصرف عالمي، له أهمية نظامية، وأكبر من أن يفشل، ومترابط بصورة كبيرة في جميع أنحاء النظام المالي العالمي، وبالتالي، ستكون لفشله تداعيات واسعة النطاق عالمياً.

ويرسم الخبراء صورة قاتمة لمصير “كريدي سويس” لاسيما بعدما اقتربت مقايضة مخاطر الائتمان الخاصة بالمصرف (أي تكلفة تأمين سندات المصرف من التخلف عن السداد والمعروفة بـCDS ) من المستوى نفسه الذي كانت عليه خلال الأزمة المالية التي ضربت العالم في عام 2008 مع انهيار مصرف “ليمان براذرز”.

ومقايضة التخلف عن السداد هي من المشتقات المالية أو عقد يسمح للمستثمر بمبادلة أو تعويض مخاطر الائتمان الخاصة به مع مخاطر مستثمر آخر.

وفي الوقت نفسه، انخفضت أسهم “كريدي سويس” أكثر مما كانت عليه خلال الأزمة المالية الأخيرة تحت ضغط مخاوف بشأن قدرته على إعادة هيكلة أعماله من دون طلب المزيد من الأموال، من 14.90 دولاراً في شباط 2021 إلى 3.90 دولارات حالياً. وهو ما يراه المحللون مصدر قلق من احتمال تعسر المصرف وانهياره.

وهذا ما دفع الرئيس التنفيذي للمجموعة أولريش كورنر إلى كتابة مذكرة الى الموظفين تمت صياغتها بعناية كبيرة (المذكرة هي الثانية في غضون أسابيع عدة) طمأنهم فيها الى الوضعية السليمة والقوية للمصرف، ودعاهم الى ألا يخلطوا بين أداء سعر السهم “اليومي” و”قاعدة رأس المال القوية ومركز السيولة” للمصرف السويسري، وفق “بلومبرغ”.

وأمام هذا الوضع المتفاقم، يرى محللون أن المصرف يحتاج الى ضخ مبالغ بين 4 و6 مليارات فرنك سويسري في اطار عملية اعادة الهيكلة.

مع الاشارة إلى أن أخطاء المصرف الاستثماري تسببت بإغراق “كريدي سويس” في العديد من الفضائح المتتالية في السنوات الأخيرة.

ففي العام 2021، وقعت فضيحتان وتسببت بخسائر تقدر بمليارات عدة من الدولارات للمصرف. الأولى، إفلاس “غرينسيل” وهي شركة بريطانية تأسست في العام 2011، وكانت متخصصة في إقراض الأموال للشركات حتى تتمكن من الدفع لمورديها. ثم تقوم بتجميع ديون هذه الشركات في أوراق مالية تعيد بيعها للمستثمرين. وكان “كريدي سويس” استثمر مبلغ 10 مليارات دولار من عملائه في منتجات “غرينسيل”.

والثانية وقعت في ربيع العام 2021 وشملت شركة إدارة الثروات العائلية “أركيغوس كابيتال مانجمنت” للمستثمر الكوري الجنوبي المقيم في نيويورك بيل هوانغ، الذي استطاع إقناع عدد من المصارف، ومن بينها “كريدي سويس” بإقراضه 30 مليار دولار لاستثمار المزيد من الأموال في شركة خاسرة.

وفي وقت كانت بقية المصارف في وول ستريت تسجل أرباحاً، كان “كريدي سويس” يتكبد الخسائر المتتالية. ولم يكن “كريدي سويس” وحده مَن أقرض “أركيغوس كابيتال مانجمنت”، لكنه خسر 5.5 مليارات دولار لعدم قدرته على التخارج من المراكز المالية عندما انهارت شركة إدارة الثروات العائلية، بسرعة منافسيه نفسها، بما في ذلك “غولدمان ساكس” و”مورغان ستانلي”.

“كريدي سويس” وودائع لبنانية

في شباط الماضي، كشف النقاب عن فضيحة “كريدي سويس”، بحيث بينت الوثائق المسربة أن عدداً من اللبنانيين احتفظ بمليارات الدولارات في المصرف السويسري. وبحسب ما سرّب، فان هذه المبالغ تقدر بـ4.8 مليارات دولار أميركي.

هذه المبالغ وضعت في مصرف واحد فقط، في حين كانت معلومات سابقة في العام 2020 تحدثت عن أن حجم التحويلات المالية التي قيل إنها نقلت إلى مصارف سويسرية تابعة لست شخصيات سياسية لبنانية، هي في حدود 6.5 مليارات دولار. فهل سيصار يوماً الى إعادة هذه الأموال الى الداخل؟

شارك المقال