اقتحام المصارف روتين يومي… وبالعشرات قريباً

جنى غلاييني

شرقاً، شمالاً وجنوباً، عادت اقتحامات المصارف إلى الواجهة من جديد أمس، بعدما طفح الكيل بلبنانيين غاضبين بسبب قيود السحب المفروضة على ودائعهم.

أربعة مصارف في كل من طرابلس وشتورة وصور والحازمية، تعرضت لسلسلة اقتحامات ما أدى الى حالات فوضى فيها.

أولى العمليات بدأت في طرابلس، حيث اقتحم عدد من موظفي شركة كهرباء قاديشا مصرف FNB في ساحة النور بعدما لجأ المصرف الى اقتطاع 3% من معاشاتهم، أي حوالي 300 أو 400 ألف ليرة، مما أدى الى حالة من الهرج والمرج داخل المصرف، استدعت تدخل عناصر الجيش اللبناني سريعاً. ولكن ما لبثت أن حُلّت المشكلة بعدما عقد إجتماع مع عدد من الموظفين ورئيس الفرع، واتضحت الصورة بأنّ المصرف يلجأ دائماً الى اقتطاع مبلغ من رواتب الموظفين مما أثار غضبهم. وبعد اجتماع مع مدير الفرع دفع المعاشات كاملة وانتهت القضية.

وفي شتورة، اقتحم المودع علي ديب الساحلي مصرف BLC حاملاً مسدساً وقنبلة يدوية مطالباً بوديعته البالغة 24,502 دولار، ولكن القوى الأمنية أخرجته بمواكبة أمنية وعسكرية من دون حصوله على الأموال. ووجه الساحلي رسالة الى رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة لإعطاء المودعين حقوقهم. وأُفادت المعلومات أن مفاوضات جرت بينه وبين إدارة المصرف للوصول الى تسوية، بعدما طالبها مرات عدة بتحويل مبلغ 4500 دولار لابنه الذي يدرس في إحدى جامعات أوكرانيا، ولم تستجب الادارة لطلبه وفصل ابنه من الجامعة بسبب عدم سداد القسط اضافة الى طرده من مسكنه. وبحسب جمعية المودعين حاول الساحلي سابقاً بيع كليته.

وفي صور، تعرض بنك “بيبلوس” لعملية اقتحام وحجز رهائن من المواطن علي حسن حدرج الذي طالب بالحصول على وديعته التي تبلغ قيمتها 44 ألف دولار بقوة المسدس، إلاّ أنّ ادارة البنك إتفقت معه على إعطائه مبلغ 352 مليون ليرة لبنانية أي ما يقارب 9 آلاف دولار على سعر صرف 8000 ليرة، تسلّمها رئيس جمعية المودعين حسن مغنية من حدرج بعد إنتهاء المفاوضات وتسليم نفسه إلى القوى الأمنية.

أمّا في الحازمية، فقد اعتصم المودع جورج سيام داخل مصرف “انتركونتيننتال” مطالباً بالحصول على وديعته، وهو القنصل العام الفخري لايرلندا في لبنان وكان مدير البروتوكول في وزارة الخارجية.

بعد هذه الاقتحامات هل ستعاود المصارف إقفال أبوابها كما حصل منذ أسبوعين؟ رئيس اتحاد نقابة موظفي المصارف جورج الحاج أكد في تصريحات صحافية “أننا لن نذهب الى الاضراب الآن”.

وأشار رئيس جمعية المودعين حسن مغنية، في حديث لـ”لبنان الكبير” الى أن “الجمعية أصبحت غير قادرة في ظل الوضع المالي المنهار في البلد على منع المودع الغاضب من استعادة أمواله التي هي من حقه. كنّا نقول لهم ألا يتهوّروا وأنّه لا بد من أن تظهر في القريب العاجل خطة تعافي عاجلة وسريعة، ولكن بعد ثلاث سنوات من التجاهل أصبحنا غير قادرين على ضبط المودعين الذين أصبحوا يتصرّفون من تلقاء أنفسهم، فمع وجود جمعية المودعين أو عدم وجودها الناس تريد الحصول على حقّها”.

وذكر بـ “أننا كنا قد حذرنا مراراً وتكراراً من عمليات اقتحام المصارف التي تحدث اليوم”، محئراً من أنها “لن تكون الأخيرة بل سيصبح هذا الأمر روتينياً مع الأيام، وسنشهد اقتحامات بالعشرات يومياً”.

وعن احتمال اقفال المصارف أبوابها في وجه المودعين، قال مغنية: “إذا أقفلت أبوابها فهم يعتقدون أنّ الإضراب هو الحل، وإن عاودوا فتح المصارف فبالتأكيد ستعود عمليات الاقتحام، اذ أن جمعية المصارف لا تقدم على أي خطوة صحيحة تجاه المودع، وأنا أحمّل مسؤولية ما يحصل في المصارف اليوم لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالدرجة الأولى”.

أضاف: “مع وجود مشكلة بين المودع والمصرف يجب على الدولة أن تكون الحكم وأن ترضي المودعين، فماذا فعل نجيب ميقاتي كل هذا الوقت؟ عمليات اقتحام المصارف لن تتوقف إلّا مع تراجع الدولة اللبنانية عن خطة التعافي التي وضعتها بقيودها، إضافة الى وضع قانون يحمي حقوق المودعين”.

ووصف بيان جمعية المصارف بأنه “عبارة عن كلام شعبوي لا يفيد”، مشدداً على “أننا نريد حلّاً تقنياً، لا بياناً يخيف الناس من أنّ العملة الى مزيد من الانهيار، فثلثا الأزمة الحاصلة اليوم من وراء سياسات المصارف وتصرفاتها تجاه المودعين”.

وكانت جمعية المصارف دعت في بيان، “الدولة إلى تحمّل مسؤولياتها فوراً والإصغاء الى الأطراف المعنية كافة وخصوصاً جمعية المصارف والمودعين، من أجل إيجاد الحلول المناسبة والممكنة للتعامل مع الأزمة النظامية المتمادية في البلاد، ومع انعكاساتها الخطرة التي طاولت الجميع”.

وأكدت أن “المصارف لا تتحمل مسؤولية الهدر، بل تتحملها سلطات الدولة التي أنفقت من أموالكم وتأخرت في إقرار خطة التعافي والتشريعات الضرورية لتأمين العدالة لجميع المودعين. ونجحت الدولة في وضع المصارف في مواجهة المودعين بينما هي المسؤولة الأولى عن الهدر والتأخير. كما أن معظم أموال كبار المساهمين في المصارف ليست ودائع نقدية، بل هي توظيفات في رساميل المصارف التي كانت عند بدء الأزمة تتجاوز قيمتها عشرين مليار دولار أميركي، فماذا تبقى منها الآن؟ علماً أنه على الرغم من كل ذلك قامت المصارف بزيادة رأسمالها خلال الأزمة”.

وفي وقت لاحق، كتبت “جمعية المودعين” على حسابها عبر “تويتر”: “رداً على التحفة التي أصدرتها جمعية المصارف المنقسمة والمحلولة منذ قليل، تستشهدون بالبنك الدولي وهو من قال في احدى تقاريره انكم نفذتم أكبر عملية احتيال خدمة لمصالح السياسيين. تريدون الآن خطة التعافي وكنتم قد هاجمتموها مراراً وتكراراً من كبيركم الى صغيركم. باختصار: قرروا شو بدكن”.

شارك المقال