لبنان خارج التصنيف والسعودية والامارات ضمن الأسرع نمواً

هدى علاء الدين

على وقع أزمة اقتصادية عالمية يُتخوف من آثارها السلبية على المديين المتوسط والبعيد، ومع الأعباء الثقيلة التي حطّت رحالها في الدول كافة، تزامناً مع الغزو الروسي لأوكرانيا، واستمرار جائحة كوفيد-19، أصدر صندوق النقد الدولي تقريره الذي حمل عنوان “آفاق الاقتصاد العالمي”، وأشار فيه إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي بوتيرة واسعة فاقت حدته التوقعات السابقة، مع تجاوز معدلات التضخم المستويات المسجلة خلال عقود عدة سابقة. وهذا ما أكّد عليه كبير الاقتصاديين في الصندوق بيير أوليفيه غورينشاس، الذي أعلن أن الأسوأ لم يأت بعد.

وبحسب أرقام الصندوق، سيتباطأ النمو العالمي من 6.0 في المئة عام 2021 إلى 3.2 في المئة عام 2022 ثم 2.7 في المئة عام 2023. أما معدّلات التضخم العالمي فسترتفع من 4.7 في المئة عام 2021 إلى 8.8 في المئة 2022 لتتراجع لاحقاً إلى 6.5 في المئة عام 2023 و 4.4 في المئة في العام 2024، إذ سيكون للإصلاحات الهيكلية دور إضافي في دعم الكفاح ضد التضخم من خلال تحسين الانتاجية والحد من نقص الامدادات.

محلياً، لم يتضمن التقرير أي توقعات لمعدّل النمو الاقتصادي في لبنان بسبب عدم توافر البيانات الخاصة به، وبالتالي لم يحجز موقعه في قائمة الدول العشر الأوائل. أما عربياً، فكشف التقرير أن العراق سيكون الاقتصاد العربي الأسرع نمواً هذا العام، بحيث سيصل معدّل النمو فيه إلى 9.3 في المئة مسجلاً ارتفاعاً بنصف نقطة مئوية عن توقعات نيسان الماضي، في حين تتجه الكويت الى تسجيل معدل نمو سيصل إلى 8.7 في المئة محتلة بذلك المرتبة الثانية عربياً، ومن ثمّ المملكة العربية السعودية في المرتبة الثالثة بـ 7.6 في المئة، ومصر رابعة بمعدل نمو سيبلغ 6،6 في المئة. وجاءت الامارات العربية المتحدة في المرتبة الخامسة بنمو 5.1 في المئة، وتلتها كل من الجزائر بنسبة 4.7 في المئة، سلطنة عمان بنسبة 4.4 في المئة، فلسطين بنسبة 4 في المئة، قطر بنسبة 3.4 في المئة، والبحرين في المرتبة العاشرة مع تحقيق نسبة نمو 3.4 في المئة. حجم الخط

التوقعات بشأن السعودية والتي تأتي بعد شهر من إصدار وكالة “ستاندرد آند بورز” تصنيفها لتقويم المملكة الائتماني السيادي طويل وقصير الأجل بالعملة المحلية والأجنبية والذي جاء عند A-/A-2 مع نظرة مستقبلية إيجابية، يعكس بصورة مباشرة قوة نمو الناتج المحلي الاجمالي مع توقعات بنموه الى أعلى مستوى له منذ عشرة أعوام ليصل إلى حوالي 7.5 في المئة مع فائض مالي في الميزانية العامة بنسبة 6.3 في المئة، فضلاً عن انتعاش القطاع غير النفطي وتنفيذ برامج إصلاحية هيكلية واقتصادية واجتماعية ضمن رؤية 2030 أسهمت في تقوية بنية الاقتصاد السعودي، بالتزامن مع إجراءات ناجعة نجحت من خلالها في التغلب على تداعيات جائحة كورونا، ما دفع صندوق النقد الى الاشادة بقدرة المملكة على احتواء التضخم الذي من المتوقع أن تبلغ معدلاته 2.8 في المئة خلال العام الجاري و2.2 في المئة العام المقبل، وعلى التزامها بالانضباط المالي وبسقوف الميزانية للعام 2022 على الرغم من ارتفاع أسعار النفط، إذ من المتوقع أن يبلغ الفائض في ميزانيتها للعام 2022 حوالي 5.5 في المئة.

في المقابل، ستكون الامارات بمنأى عن التضخم الذي تشهده معظم الأسواق العالمية، بحسب ما ذكر صندوق النقد الدولي، إذ لن تتعدى معدلاته الـ 3.6 في المئة، علماً أنها ستكون النسبة الأعلى خليجياً. ووفقاً للأرقام، فمن المتوقع أن يرتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بنسبة 1.7 في المئة في العام الجاري و2.1 في المئة العام المقبل، وأن يرتفع رصيد حساب المعاملات الجارية إلى 11.2 في المئة عام 2022، و11.9 في المئة عام 2023، صعوداً من 10.5 في المئة في 2021، فضلاً عن تحسن أرصدة المالية العامة لتحقق فائضاً مالياً بنسبة 5 في المئة في العام 2023 ونمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.2 في المئة خلال العام 2023. الامارات التي حققت المركز الأول على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤشر البنية التحتية للجودة للتطور المستدام INet QI للعام 2022، تُسهم منظومتها المتقدمة للبنية التحتية للجودة في تحقيق نمو اقتصادي مستدام قائم على المعرفة والابتكار والاعتماد على أنظمة داعمة لأعلى معايير جودة الانتاج والمنافسة.

وفي ما يتعلق بلبنان الذي يشارك في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي في واشنطن، فلا يزال بعيداً عن تحقيق أي معدل إيجابي لجهة النمو الاقتصادي، بسبب حالة عدم اليقين التي يعيشها ومعدلاته الاستثنائية للتضخم بالتزامن مع الارتفاع الصارخ في سعر صرف الدولار، فضلاً عن مستويات المديونية إلى إجمالي الناتج المحلي وعبء خدمة الدين العام، وعدم قدرته الحالية على النفاذ إلى الأسواق المالية الدولية، وغياب المساحات الواسعة للاصلاحات الهيكلية القادرة على دفع النمو وتحسين الناتج المحلي الاجمالي. وحتى تحقيق هذه المتطلبات، يبقى التفاؤل في تحقيق نمو اقتصادي حقيقي أمراً متقدماً للغاية من المبكر الوصول إليه أو الحديث عنه.

شارك المقال