هل نقول وداعاً لصندوق النقد الدولي؟

المحرر الاقتصادي

يوماً بعد آخر، تتعثر الطريق نحو ولوج باب المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي بعد أكثر من ستة أشهر على توقيع الاتفاق المبدئي على مستوى الموظفين في نيسان الماضي.

قانون الموازنة العامة لعام 2022 لم ينشر بعد؛ التعديلات على قانون السرية المصرفية معلقة بعدما ردَّ رئيس الجمهورية ميشال عون القانون الذي أقره المجلس النيابي في 26 تموز الماضي بفعل الملاحظات التي وضعها الصندوق على التعديلات والتي جاءت مغايرة لما كان اتُفق عليه مع اللجنة الحكومية المكلفة التفاوض معه. وتناقش الهيئة العامة للمجلس اليوم الثلاثاء الصيغة الجديدة التي عدلتها الأسبوع الماضي لجنة المال والموازنة، التي لم ترشح من اجتماعها معلومات عما اذا أخذ بجميع ملاحظات صندوق النقد الدولي أم ستتعرض الصيغة المنقحة لانتقاد جديد منه.

نهاية الأسبوع الماضي، كانت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا واضحة جداً في تحديد المتاريس التي تعوق التوصل الى اتفاق نهائي يُمنح لبنان بموجبه 3 مليارات دولار. فقالت في ردها على أسئلة الصحافيين على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، بما حرفيته: “لدينا اتفاق على مستوى الموظفين. لا يمكننا التحرك. لماذا؟ لأن الاجراءات السابقة التي حددناها والتي تعود بالنفع على اللبنانيين لم تتحقق بعد. لا يزال هناك هذا الشلل. لا يمكن حلها إلا من خلال الزعماء السياسيين في لبنان وتنحية ما يفرقهم جانباً والوصول إلى نقطة خدمة أهل لبنان الذين لا يستحقون أقل من ذلك”.

بعدها بساعات قليلة، صدر انتقاد مماثل من مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور، الذي أعلن في مؤتمر صحافي أن الاجراءات التي حققها لبنان قليلة في وقت يحتاج الى إحراز تقدم في أخرى.

وقال أزعور خلال حديثه عن التطورات الحاصلة في المنطقة، ورداً على سؤال حول المستوى الذي بلغته عملية التفاوض بين الصندوق ولبنان: “لقد توصلنا إلى اتفاق على مستوى الموظفين بعد فترة طويلة من المناقشات ومفاوضات البرنامج مع السلطات من أجل مساعدة لبنان على معالجة واحدة من أكثر الأزمات حدة وشدة في لبنان منذ قرن، وواحدة من أكثر الأزمات تعقيداً حالياً في العالم. بناءً على اتفاقية مستوى الموظفين هذه، هناك عدد معين من الاجراءات اللازمة ليس لجعل البرنامج فعالاً وحسب، ولكن أيضاً لبدء إصلاحات الاقتصاد اللبناني”.

فما هي تلك الاجراءات؟

أولى هذه الاجراءات، بحسب أزعور، تمرير الموازنة، وثانيها معالجة القضايا المتعلقة باستعادة الثقة.

“هذا هو السبب وراء عدد معين من الاجراءات مثل قانون السرية المصرفية، وكذلك بعض الاصلاحات اللازمة لتعزيز الشفافية ومحاربة الفساد. هذه مهمة للغاية لاستعادة الثقة. معالجة موضوع خسائر القطاع المالي المتراكمة لدينا والتي تمنع لبنان من التعافي، وتشكل أيضاً المسؤولية الرئيسة في الموازنة العمومية للدولة”، أضاف.

وشدد أزعور على أن هذه الخطوات مهمة لبلوغ برنامج تمويلي مع لبنان، و”للسماح للبنان البدء بالتعافي وتعزيز دعم المجتمع الدولي”، لافتاً إلى “إحراز تقدم، لكن التقدم كان بطيئاً. لم ينفذ سوى عدد قليل من الاجراءات حتى الآن ولا تزال هناك حاجة الى تقدم في أخرى”.

كما أكد أزعور أن الصندوق لا يزال ملتزماً بدعم لبنان، “لكنني أعتقد أن من المهم جداً تنفيذ هذه الاجراءات الأساسية وتنفيذها في الوقت المحدد، لا سيما أن لبنان يتعرض أيضاً لنوع آخر من الصدمات. إن قضية الأمن الغذائي هي قضية يواجهها لبنان بصورة حادة للغاية”.

وكانت بعثة من صندوق النقد الدولي برئاسة أرنستو راميريز ريغا زارت لبنان بين 19 أيلول و21 منه واجتمعت بالمسؤولين المعنيين، منتقدة التباطؤ في تمرير الاصلاحات المطلوبة من الجانب اللبناني.

مصادر متابعة لهذا الملف، استبعدت في تصريح لـ”لبنان الكبير” أن يتوصل لبنان الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في ظل الفتور الذي بات يبديه البعض حيال هذا التطور. ورأت في جلسة اليوم الثلاثاء اختباراً لمدى جدية لبنان في الاستعانة بصندوق النقد.

ورجحت أن تكون حماسة حاكم مصرف لبنان رياض سلامه قد خفتت، لاسيما وأن حجم المبالغ التي أنفقت من الاحتياطيات بالعملات الأجنبية تفوق منذ نهاية العام الماضي الى اليوم ما ينوي لبنان الحصول عليه من الصندوق. كما أن جمعية مصارف لبنان تبدي تخوفها من أن يؤدي الاتفاق مع الصندوق الى تحميلها المسؤولية كاملة، وهو أصلاً ما عبّرت عنه في بيانات سابقة.

فهل نقول وداعاً للصندوق؟

شارك المقال