“كوب 27”: هل سيستفيد لبنان من التمويل المناخي؟

المحرر الاقتصادي

يُعقد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ في دورته السابعة والعشرين (كوب 27) هذا العام في شرم الشيخ، على خلفية الأحداث المناخية القاسية التي شهدها العالم، وأزمة الطاقة التي أثارتها الحرب في أوكرانيا، والبيانات العلمية التي تؤكد أن العالم لا يفعل ما يكفي للتصدي لانبعاثات الكربون وحماية مستقبل كوكبنا.

والآمال معلقة على هذه الدورة التي تنعقد تحت شعار “معاً نحو التنفيذ لتحقيق نتائج عادلة وطموحة”، في تقديم خطوات حاسمة بشأن التغيرات المناخية، والانتقال الى مرحلة التنفيذ، وسد الفجوات في التخفيف والتكيف والخسارة والأضرار والتمويل المتعلق بالمناخ، مع البناء على ما تم التوصل اليه في الدورة السابقة (في غلاسكو كوب 26).

وكانت الدول في دورة غلاسكو اعتمدت ميثاق غلاسكو الذي يدعو إلى مضاعفة التمويل لدعم الدول النامية في التكيف مع آثار تغير المناخ وبناء المرونة.

وقرر المندوبون إلى “كوب 27″، في بادرة يأمل كثير من الناشطين ألا تكون رمزية فقط، للمرة الأولى إدراج مسألة تمويل الأضرار الناجمة من الاحترار على جدول الأعمال الرسمي للمؤتمر.

وتعني عبارة “الخسائر والأضرار” ما إذا كانت البلدان الصناعية التي تتسبب بارتفاع نسبة الاحتباس الحراري، يجب أن تدفع للبلدان الفقيرة التي تعاني بصورة مباشرة من آثاره السلبية.

وكانت الدول الصناعية عجزت عن الإيفاء بوعد سابق برفع مساعداتها للدول النامية لتخفيف التداعيات والتكيّف مع التّبدل المناخي إلى مئة مليار سنوياً في 2020.

ويشير تقرير الأمم المتحدة الى أن الاقتصاديات الكبرى الـ17 تتسبب بنحو 80 في المئة من انبعاثات غازات الكربون في العالم، بينما الضرر الأكبر يقع على البلدان النامية التي تدفع الفاتورة الباهظة.

فيما ذكرت لجنة تحولات الطاقة في تقرير الأسبوع الماضي، أنَّ فرص الحد من الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية تتلاشى بسرعة.

ويأتي هذا التحذير بعد أسبوع واحد فقط من إعلان اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ أنَّ خطط الحكومات لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ليست كافية لتجنب الاحتباس الحراري الكارثي، إذ يتجه الكوكب نحو ارتفاع درجة الحرارة بين 2.1 و2.9 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، مقارنة بأزمنة ما قبل عصر الصناعة.

وتوقعت “ديلويت” مؤخراً أن يتكبد الاقتصاد العالمي خسائر بقيمة 178 تريليون دولار بحلول العام 2070، نتيجة تقاعسه في الحدّ من التغير المناخي.

أين لبنان من مسألة مكافحة تغير المناخ؟

لبنان ليس في منأى عن ظاهرة التغير المناخي التي تطاول كل الدول بلا استثناء، ودخل في قلب المعادلة المناخية العالمية بعد مشاركته في مؤتمر المناخ الذي عقد في باريس في العام 2015.

وفي نيسان من العام 2016، وقع لبنان اتفاق باريس في نيويورك، وصادق عليه في 29 آذار 2019 (القانون 115/2019) وأودع وثيقة التصديق في شباط 2020 لدى الأمم المتحدة.

ويشارك رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في القمة على رأس وفد يضم وزيري البيئة ناصر ياسين، والطاقة وليد فياض، فضلاً عن ممثلين عن رئاسة الحكومة والوزارات المعنية والناشطين البيئين المدنيين.

وقال ياسين قبيل توجهه الى شرم الشيخ: “إن قمة المناخ هي قمّة مصيرية خصوصاً بالنسبة الى الدول الصغيرة مثل لبنان التي تتأثر بالتغير المناخي وبارتفاع درجات الحرارة”. وأوضح أن لبنان سيسعى الى الافادة من التمويل المناخي من خلال المشاريع التي يقدمها.

وكانت وزارة البيئة قدّرت أنّ يسبب تغيّر المناخ انخفاضاً بنسبة 14 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي للبنان بحلول العام 2040، لينخفض بعدها إلى 32 في المئة بحلول العام 2080.

لقد “أكل” لبنان نصيبه من تغير المناخ، فحرائق الغابات التي اندلعت في مناطق مختلفة منه أحرقت مساحات شاسعة من الأشجار. فيما سجلت الأمم المتحدة أن شهر تموز من العام الماضي كان الأكثر حرارةً على الإطلاق.

وارتفاعٍ درجات الحرارة يتسبب بشحّ موارد المياه، ممّا يؤثّر سلباً على الإنتاج الزراعي وعلى سُبل عيش العديد من المجتمعات. كما يؤدي هذا الارتفاع في الحرارة إلى زيادة الطلب على الطاقة، ممّا سيشكّل ضغطاً على الشركات والخدمات التي تكافح من أجل تلبية احتياجاتها من الطاقة.

في إشارة لها الى الخطوات التي أنجزها لبنان على هذا الصعيد، ذكرت الأمم المتحدة أن الحكومة اللبنانية قامت بخطوات ملحوظة في استجابتها لتغيّر المناخ وقدّمت في العام 2021، مساهمتها الوطنية المحددة لتقليل الانبعاثات (NDC)، وهو ما يشكّل عنصراً رئيساً لالتزام الدول عالمياً باتفاق باريس للمناخ. أضافت: “يمكن أن يساهم العمل المناخي المخطّط له ضمن إطار المساهمات المحددة وطنياً حتى العام 2030، وبصورة ملحوظة، في تعافي لبنان المستدام من كوفيد-19، وفي معالجة التحديات الهيكلية التي تواجهه على صعيد الطاقة والنفايات والمياه، بالإضافة إلى خلق فرص العمل وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية”.

ورأت أنه يتعين على الحكومة إعطاء الأولوية للتخطيط المناخي وإدارة مخاطر الكوارث وادراجها في جميع الإصلاحات المستقبليّة، لأن من شأن هذا الأمر تسريع مسار لبنان نحو تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز حماية الاقتصاد وسبل العيش والنظم البيئية.

ولفتت في المستقبل إلى “وجوب عمل الحكومة مع مواطنيها وتمكينهم من القيام بدورهم كي يتبعوا سلوكيات جديدة أكثر استدامة. فعلى سبيل المثال، إنّ خفض استهلاك الطاقة – والذي يتمّ من خلال اللجوء إلى خيارات سهلة وذات تكلفة منخفضة مثل استخدام الأجهزة التي توفّر الطاقة واعتماد المشي وركوب الدراجات واستخدام السيارات – يمكنه أن يساهم في تقليل الانبعاثات بصورةٍ ملحوظة. والأهمّ من ذلك، وفي ظلّ أزمة الوقود الراهنة التي تمرّ بها البلاد، لا بدّ من أن يشكّل الاستثمار في نظام نقل عام آمن وموثوق، مبادرة اجتماعية وبيئية تحويلية”.

شارك المقال