ماذا لو انقطع الإنترنت؟

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

الصرخة التحذيرية من انقطاع خدمات الإنترنت في لبنان التي أطلقها المدير العام لهيئة “أوجيرو” المهندس عماد كريدية، شغلت اللبنانيين في كل المرافق والقطاعات الحيوية الضرورية، من المستشفى إلى المصرف إلى الجامعة إلى الشركات التجارية ووسائل الاعلام ومرتادي مواقع التواصل الاجتماعي والاتصالات وحتى الترفيه. كما حركت المياه الراكدة في ملف الكهرباء، وبينت مخاطر عدم حل أزمة انقطاع التيار الكهربائي والتقنين الذي سيضرب المواطن في عمله وصحته وعيشه اليومي، وجعلت الوزراء المعنيين يتابعون الموضوع، اذ أرسل وزير المال في حكومة تصريف الأعمال كتاباً إلى رئاسة مجلس الوزراء، لطلب استصدار الموافقة الاستثنائية لتغطية سلفة الخزينة للكهرباء بالعملة الأجنبية لشراء المحروقات لزوم مؤسسة كهرباء لبنان. وبعد تواصل الأخير مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

وقد وقع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الكتاب الذي أرسله وزير المال ولاحقاً، وافق رئيس الجمهورية على استصدار الموافقة الاستثنائية، وبالتالي تفاءل الناس بانفراج أزمة الكهرباء. وفي وقت طمأن فيه وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال طلال حواط أن “أن قطاع الاتصالات لن ينقطع طالما أن مصرف لبنان يؤمن الاعتمادات اللازمة لشراء الفيول”.

كريدية: الموضوع حساس وخطير

“لبنان الكبير” تواصل مع مدير عام مؤسسة “أوجيرو” الذي أكد أن الهدف من التغريدة التي تسببت بقلق للبنانيين حول انقطاع خدمة الإنترنت في لبنان نتيجة أزمة الكهرباء، “هو تبيان مخاطر انقطاع الكهرباء على أداء خدمات الاتصالات في أوجيرو وفي جميع القطاعات الحيوية والمؤسسات المختلفة وهي مخاطر واقعية مع انخفاض ساعات التغذية بالكهرباء أو انقطاعها كلياً، فاحتمال انقطاع الإنترنت ليس وهمياً في هذا الوضع وإنما احتمال موجود وإن كان حالياً نسبته ضيئلة إلا أنه في حال لم تحل مشكلة الكهرباء فسنواجة أزمة في الاتصالات”، موضحاً أن الأزمة تتأتى من عدم القدرة على تشغيل مولدات الكهرباء أكثر من 8 ساعات وليس 24 ساعة، وحالياً يعمل أحد المولدات حوالي 20 ساعة بسبب أزمة الكهرباء، هذا عدا مشكلة الأعطال التي يمكن أن تطرأ وأوجيرو تعمل على وضع مولدات إضافية احتياطية لتأمين خدمات الاتصال حتى الآن”.

وعما إذا كانت القرارات التي اتخذت لتأمين سلفة خزينة لكهرباء لبنان ستحل المشكلة أجاب كريدية: “لا بد من هكذا قرار لتلافي مشكلة انقطاع الإنترنت فموضوع انقطاع الإنترنت حساس جداً ولا يمكن إيجاد حل له من دون إعطاء مؤسسة الكهرباء سلفة لزيادة ساعات التغذية”.

وأشار إلى أن “أوجيرو على تواصل مع وزير الاتصالات بشكل دائم لمتابعة الموضوع والتطورات التي تحصل على الأرض ولكن لا يوجد تواصل وزارات أخرى، وأنا استغرب عدم وجود ردات فعل لدى وزارات معنية بمعالجة المشكلة وعلى أي حال تبين أن هناك توجهاً لإيجاد حل وكل ما أتمناه الجدية في العمل حتى تستمر أوجيرو في تقديم خدماتها”.

موزع كيبل: الكهرباء أولا

ماذا لو انقطع الإنترنت وما هي تأثيرات ذلك على حياة الناس، يقول مصطفى زهير وهو موزع خطوط إنترنت كيبل: “حتى الآن نحن نؤمن الإنترنت عبر تأمين اشتراكات كهرباء وكهرباء الدولة، ويو بي اس والطاقة الشمسية، ورغم ذلك نعاني لأن البطاريات تفرغ من طاقتها ولا يعود لدينا إمكانية لتأمين خدمة الإنترنت بشكل متواصل، وعندما تنقطع أوجيرو عن تقديم خدماتها بسبب انقطاع الكهرباء تنعدم إمكانية تأمين الخدمة اللازمة بسبب الحاجة إلى صيانه البطاريات وارتفاع كلفة الصيانة، فالدولة تحاسب الشركات على أساس أن الدولار 1500 يعني ثمن اليو بي إس والبطاريات يحسب الدولار على1500 في حين أن الشركة المستوردة تدفع بالدولار”.

ويوضح: “محطاتي مؤمنة وعندي مولد كهرباء يمكنني من تشريج البطاريات عليه ولكن في بعض الأوقات لا أستطيع أن أفعل شيئاً لأن البطاريات ما بتلحق تتشرج، أنا لا آخذ نت من أوجيرو مباشرة وإنما من شركة والشركة التي آخذ منها لديها نفس المشكلة لتأمين الطاقة، وإذا لم يتم تأمين الكهرباء لشركة أوجيرو فالكل سيطفئ”، مشيراً إلى “تأثير أزمة محروقات فالبنزين والمازوت غير مؤمن للمولدات وعرضة للانقطاع بشكل دائم والمحطات تمنع التعبئة بالغالون”.

عودة للحمام الزاجل

ويقول محمد حمود مدير موقع “المدار” الإلكتروني أن “الحديث عن توقف وتعطل “الإنترنت” في البلد ليس أمرًا مستغربًا، مع تواصل أزمة الوقود، وبالتالي، انقطاع التيار الكهربائي المتواصل منذ سنوات.. الذي يشكل شرياناً رئيسياً في حياة اللبنانيين، لا سيما اليوم. فالإنترنت بات اليوم جزءًا لا يتجزأ من الضرورات اليومية، وغالبية المؤسسات والشركات الاقتصادية والإعلامية وسواها في لبنان تستخدم “الإنترنت” يومياً، وانقطاع هذه الخدمة الحيوية سيؤثر سلباً على دورة الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ويؤدي إلى فرملتها، بل تدهورها، وهي متعثرة من الأساس، فكيف مع تعطل الإنترنت، الذي تعتمد عليه الكثير من الشركات؛ ولا سيما منها وسائل الإعلام الرقمية، فهو بوابة الناس ومدخلهم الرئيسي إلى متابعة الأخبار والتحليلات السياسية في لبنان والعالم.”

ويعتبر أن “تعطل الإنترنت كارثة حقيقية على اللبنانيين، لم ولن يدرك المسؤولون عنه حجم جريمتهم بحق الناس إلا عند وقوعها، بصراحة، لا اعتقد أن هناك بديلًا لهذه الخدمة العلمية المتطورة، التي جعلت العالم مختلفاً، وجعلته قرية صغيرة، لذا، نتمنى ألّا نعود إلى عصر الحمام الزاجل”.

خسارة الروح

بدورها، تقول الصحفية نهاد طوباليان، “كل الأعمال في العالم اليوم مرتبطة بالإنترنت، قبل حصول جائحة كورونا وبعدها فالإنترنت الوسيلة الوحيدة لوصل العالم ببعضه في أرجاء الكرة الأرضية، ولو انقطع النت في لبنان سيكون تأثيره سلبياً على العمل ونمط حياة اللبنانيين، ونحن نعلم أن لبنان قبل كورونا كان لديه توجه للتحول إلى حكومة إلكترونية وأدت ظروف كورونا إلى تأجيل ذلك، ولكن الإنترنت يعتمد في كل القطاعات الإنتاجية في لبنان وانقطاع الكهرباء والإنترنت سيؤثر على حياة اللبنانيين وحياتهم وأعمالهم لأنها مرتبطة بالإنترنت”.

وتوضح: “أنا كإعلامية أراسل اليوم موقعاً إلكترونياً في واشنطن ولدي خوف كبير من انقطاع الإنترنت نهائياً، فهو شريان اساسي حتى استطيع الحصول على راتب أستطيع العيش منه في ظل عدم وجود فرص عمل في لبنان نهائياً وحتى اكثر من ذلك، فالإنترنت وسيلة يؤمن لنا التواصل مع أهلنا المغتربين ومع أخوتنا وأولادهم، فانقطاعه يعني انقطاع النفس والروح الاجتماعية التي نعيش فيها على أمل رؤية وجوه أحبتنا”.

وتشير إلى أن “الإنترنت هو الشريان الحيوي للتجارة أونلاين وللصحافة أونلاين وحتى لعمل الشركات ولكل شيء، عندما يتوقف الإنترنت يتوقف ما يمكن أن يتبقى من حياة في بلد مفلس واقتصاده منهار ومسؤولوه منحطون أخلاقياً وليس لديهم أي حس وطني إلا إذا كانت كل الأشياء التي تحصل مقصودة حتى يقضوا على ما تبقى من روح مواطنية أو حياة فيه لينفسوا المشاريع اللي فيه بالمحاصصة ويقضوا على البلد.

إطلاق رصاصة بوجه الشركات

ويعلق الاختصاصي في التحول الرقمي محمد حوحو بالقول إن “الاقتصاد اللبناني مبني بالأساس على تقديم الخدمات في مجالات عدة. ومن أهم هذه المجالات الخدمات الإلكترونية والمعلوماتية أو ما بات اليوم يعرف باقتصاد المعرفة. هذه الخدمات التي تعتبر اليوم في ظل الأزمة الاقتصادية من أهم موارد العملات الأجنبية التي تضخ من الدولة الاجنبية إلى لبنان لقاء هذه الخدمات المعلوماتية”.

ويضيف: “أن الكلام اليوم عن انقطاع الإنترنت هو بمثابة إطلاق رصاصة بوجه الشركات التي تقدم هذا النوع من الخدمات لأنها تكون قد فقدت كامل اتصالاتها بالعالم الخارجي وحتى خدماتها التي هي بالأصل على مواقع حسابية. أما على المستوى الداخلي فانقطاع الإنترنت سيشل حركة تحويل الأموال داخليا أو من وإلى لبنان وحتى انقطاع التواصل ما بين أفراد المجتمع من عائلات وأعمال وشركات”.

ملجأ التعليم

اما الطالبة الجامعية سناء الكعكي فترى انه “بسبب الكورونا اضطرت الجامعات في السنتين الأخيرتين إلى التعليم عن بعد وهذا ما يتطلب الاستخدام الدائم للإنترنت، لذلك من الصعب استكمال دراستنا من دونه. هو الملجأ الوحيد لنا لمتابعة الدراسة واستكمال سنواتنا الأخيرة في الاختصاص”.

ونختم بتعليق طبيبة تلخص ما يمكن توقعه في المجال الصحي اذا انقطع الإنترنت فتصف الوضع بالقول: “القطاع الاستشفائي سيشهد الكارثة”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً