لبنان على لائحة مخاطر الرشوة

هدى علاء الدين

تدخل الرشوة في لبنان في إطار الفساد الاداري الذي لا يزال قائماً بسبب عدم اتخاذ الاجراءات اللازمة التي تحد من انتشارها. وعلى الرغم من أن الرشوة بحد ذاتها تُعد جرماً لا بد من المعاقبة عليه، إلا أن القانون اللبناني فشل حتى اليوم في ردعها أو محاربتها، حتى باتت جزءاً لا يتجزأ من أي نشاط اقتصادي أو مالي أو اجتماعي ويصعب التخلص منها بسهولة.

وفي أحدث التقارير الصادرة عن Trace International، احتل لبنان المرتبة الخامسة إقليمياً والـ 130 عالمياً من أصل 194 دولة بحصوله على 58 نقطة. وفي التفاصيل، فقد حصل لبنان على 57 نقطة في مجال التعامل مع الحكومة و79 نقطة في مجال ردع الرشوة، و68 في مجال الشفافيّة في المؤسّسات الحكوميّة ومجلس الخدمة المدنيّة. كما حصل على 36 نقطة في معيار القدرة على الرقابة، في حين قوّمت Trace International حريّة الصحافة ونوعيّتها ومشاركة المجتمع المدني بدرجة متوسط. أما عالمياً، فقد احتلت النروج المركز الأول، تلتها نيوزيلاند والسويد وسويسرا والدنمارك وبريطانيا وأستراليا وفنلندا واليابان في المركز العاشر، بينما أتت كوريا الشمالية في المركز الأخير (194 عالمياً). من جهة أخرى، تصدرت الأردن قائمة الدول إقليمياً والـ 65 عالمياً، تلتها تونس (76 عالمياً) والكويت (111 عالمياً) وعمان (128 عالمياً)، في حين حصدت ليبيا المرتبة 180 عالمياً وسوريا المرتبة 191.

تجدر الإشارة إلى أن TRACE Bribery Risk Matrix تقيس الرشوة التجارية في 194 دولة بهدف إعلام الشركات التي تعتزم العمل على صعيد دولي، بإمكان أن يطلب منها مسؤولون حكوميون دفع رشاوى. وتتكوّن النتيجة الإجمالية من مجموع نقاط مرجحة لأربعة مجالات تشمل التعامل مع الحكومة، ردع الرشوة وممافحتها، شفافية الحكومة ومجلس الخدمة المدنية، والقدرة على رقابة المجتمع المدني، بما في ذلك دور وسائل الاعلام.

تحتاج مكافحة الرشوة في لبنان تطبيقاً حازماً في ظل انفلات القيود والضوابط واستمرار تفشي ظاهرة الفساد بشتى أنواعه، ليكون بذلك تطبيق قانون العقوبات اليوم من أكثر الأمور إلحاحاً أبرزها المواد 350، 351، 352، 353، 354، و355 المتعلقة بالإخلال الوظيفي، فضلاً عن المادة 357 المتعلقة بصرف النفوذ والمادة 361 المتعلقة بالاختلاس واستثمار الوظيفة. ومع اشتداد الأزمات في السنوات الثلاث الأخيرة، وتدني نسبة الحصول على الخدمات التي يحتاج إليها اللبنانيون بالطرق السليمة، عادت ظاهرة الرشوة إلى السيطرة على المرافق كافة مقابل تسيير معاملاتهم. في المقابل، لا بدّ من التشديد على أهمية أن تترافق مكافحة الرشوة على صعيد الأفراد مع امتناع الحكومة عن الإقدام عليها أيضاً في صفقاتها وسمسراتها ومحاسبتها تماماً كالأفراد، بالتزامن مع تنفيذ شامل لسياسة محاربة الفساد وترسيخ مبدأ الحوكمة الذي يعالج الخلل في الحكومة أولاً لتكون مثالاً يُحتذى به في المرافق والادارات العامة.

شارك المقال