10 ملايين ليرة… و”الحبل ع الجرار” بهمة الدولار

حسين زياد منصور

تواصل الليرة اللبنانية سباق الانهيار أمام الدولار الأميركي، وهذا ما يؤثر بصورة مباشرة وأساسية على الاقتصاد اللبناني وتكلفة المعيشة لدى اللبنانيين، وتتأثر بفعل ذلك الرواتب والأجور.

وفي القطاع الخاص، يسجل الحد الأدنى لبعض الرواتب مليوني ليرة لبنانية شهرياً، في حين أن هناك شركات ومؤسسات تدفع رواتبها بالليرة والدولار وأخرى تدفع كاملاً بالدولار.

وها هي لجنة المؤشر ومنذ بدء الأزمة التي تفاقمت في البلاد، تقر الزيادة الثالثة على الأجور في القطاع الخاص، ورفع بدل النقل للمرة الرابعة، منذ تحرير أسعار المحروقات، وتقر زيادة مليون و900 ألف ليرة واعتماد 125 ألف ليرة بدل النقل، ومضاعفة المنح المدرسية.

ما يؤكده الخبراء والمحللون الاقتصاديون أن هذه الزيادة لن تكون الأخيرة في ظل الانهيار الذي يضرب الاقتصاد اللبناني في مختلف قطاعاته، بالتوازي مع الارتفاع المتواصل لدولار السوق السوداء وتفلته من دون ضوابط وقيود.

تراجعت القدرة الشرائية لدى عدد كبير من اللبنانيين، في الوقت الذي انخفضت فيه قيمة رواتبهم بفعل لعبة الدولار، وأصبح اعتمادهم الأكبر على تحويلات المغتربين، اذ لم يعد يكفي الراتب لتأمين أبسط الاحتياجات.

وسبق لرئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر أن كشف عن الاتفاق مع الهيئات الاقتصادية على رفع الحد الأدنى للأجور وبدل النقل في القطاع الخاص مع سلّة من التقديمات الاجتماعية، وبموجب ذلك يصبح الحدّ الأدنى في القطاع الخاص 4 ملايين ونصف المليون ليرة، ورفع بدل النقل من 95 ألفاً الى 125 ألفاً، وزيادة في المنح المدرسية والتعويضات العائلية تصل الى ثلاثة أضعاف. وبمحصلة هذه التقديمات جميعها، تصبح قيمة سلّة الاجور بحدود الـ 10 ملايين ليرة، مع العلم أن الاتحاد العمالي كان قد طالب بسلّة قيمتها 20 مليوناً.

وفي حديث لـ “لبنان الكبير” أوضح الأسمر أن “الدراسة التي أعددناها استناداً الى دولار يساوي 36 ألف ليرة، كانت تستهدف الحصول على 20 مليون ليرة، لكن التوافق مع الهيئات الاقتصادية أوصلنا الى 10 ملايين ليرة، بين غلاء المعيشة وبدل النقل والتعويضات العائلية، أي نصف المبلغ الذي تم طرحه”.

وأشار الى “أننا استندنا الى واقع مهم جداً، ألا وهو وجود بعض المؤسسات المفلسة وأخرى تعاني من وضع اقتصادي صعب، ومنها صغيرة الحجم، ومؤسسات تدفع الرواتب بالدولار أو جزء منه بالدولار أو وفق سعر صيرفة”، مؤكداً أنه “في حال استمر الدولار صعوداً، نحن بصدد إيجاد حلول جديدة وبديلة مع بداية شباط، فمع استمرار هذا التراوح في سعر صرف الدولار، لا توجد حلول دائمة، بل تواكب هذا الصعود”.

ولفت المحلل الاقتصادي والسياسي شادي نشابة في حديث لـ “لبنان الكبير” الى أن “لبنان أصبح من أدنى الدول عالمياً لناحية الرواتب والأجور بسبب سعر صرف الليرة، وإن لم تكن هناك حلول سياسية واقتصادية جذرية فسيؤدي ذلك الى ارتفاع أكبر في سعر الصرف في السوق السوداء”.

وقال: “في القطاع الخاص هناك العديد من الشركات والمؤسسات التي لم تلتزم بالحد الأدنى للأجور، ويمكن تنصيفها الى أقسام عدة، اذ أن هناك شركات رفعت الرواتب، وأخرى لا تملك القدرة على اعطاء الموظف راتباً أعلى، وفي هذه الحالة الشركات التي تمتلك القدرة على اعطاء الزيادة، ولم تصرفها من قبل، سيستفيد منها بعض الموظفين، والشركات التي سبق ورفعت الحد الأدنى للأجور لن تتأثر بذلك”.

أضاف: “أما الشركات التي تعطي راتباً أقل من هذا الحد، فاما تستغل الموظف، أو لا تملك القدرة على ذلك، وفي حال إعطاء هذا المبلغ فهي معرضة للإفلاس، بالتالي إن لم يكن هناك تحريك للدورة الاقتصادية، ورفع الحد الأدنى للأجور بطريقة تواكبها حلول اقتصادية واستثمارات واصلاحات، وخطة اقتصادية لجلب المستثمرين وحل مشكلة المودعين وغيرها، ولم تحصل هذه السلة فنحن بحاجة الى حل سياسي واقتصادي سريع جداً، وهذه الخطوة قد تؤدي الى مزيد من البطالة ان لم تواكب بسلسلة حلول أساسية”.

شارك المقال