كلفة المعيشة ارتفعت… حتى بالدولار!

محمد شمس الدين

الدولار “ضرب” بالستين ألفاً، في انهيار تاريخي لليرة اللبنانية، في ظل وضع سياسي متأزم عنوانه الشلل في مؤسسات الدولة، من رأسها في الاستحقاق الرئاسي، وسلطتها التنفيذية التي كلما أرادت الاجتماع تجابه بسيف “الشراكة”، وحتى المجلس النيابي الذي لم يعقد جلسة تشريعية منذ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية في تشرين الأول الماضي. تبعات شلل الدولة هزت أحد أهم مؤسساتها القضاء، بحيث أصبح متشرذماً بعد الخلاف الأخير بين مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات والمحقق العدلي القاضي طارق البيطار، كل ذلك يحصل بالتزامن مع تخوف من انفجار الشارع الذي يغلي على جمر تحت الرماد، بينما المواطن يكافح ليستطيع تمضية يومه مؤمناً قوت يومه له ولعائلته، في ضوء الدراسات التي تشير الى أن هناك نسبة كبيرة من المواطنين تحصل على “الفريش دولار” إما عبر أعمال أو تحويلات أقربائها في الخارج، ولكن هناك سؤال يطرح نفسه، كم يحتاج المواطن من الدولارات لكي يستطيع تمضية الشهر ولو بأدنى مقومات الحياة؟

قبل الأزمة كان الحد الأدنى للأجور 675 ألف ليرة، أي 450 دولاراً، وبدل النقل 8 آلاف ليرة في اليوم أي 5 دولارات تقريباً، أي أن المواطن كان يصل مردوده الشهري بالدولار إلى 588، فهل هذا المبلغ يكفي اليوم؟

إذا اعتبرنا أن المواطن يدفع أجرة طريق فقط إلى عمله وبيته، بمتوسط أجرة 70 ألف ليرة فهو يحتاج إلى 3 ملايين و640 ألفاً شهرياً بدل نقل فقط، أي 60 دولاراً في حال كان مكان عمله قريباً وليس بعيداً ويحتاج الى أكثر من أجرة راكب واحد، أضف إلى ذلك ايجار المنزل شهرياً، فلنفترض أنه 150 دولاراً فقط، وزيادة عليها تكاليف الشهر الأولية بين كهرباء مولد وناطور ومياه حوالي 100 دولار، فيصبح المجموع 310 دولارات، ويبقى للمواطن 278 دولاراً، يجب أن تكفيه للمأكل والمشرب والتعليم وبقية مقومات الحياة طيلة الشهر، وربما كان يمكن أن يكفيه هذا المبلغ سابقاً عندما كانت مؤسسات الدولة تعمل بصورة طبيعية، ولكن اليوم، القطاع التربوي يعاني من شلل، ولا يمكن ضمان العام الدراسي بسبب إضرابات الأساتذة للمطالبة بحقوقهم، وهذا يعني أن المدرسة الرسمية شبه مشلولة، أي في حال أراد المواطن تعليم أطفاله عليه أن يضعهم في مدرسة خاصة، وأقل قسط لمدرسة متوسطة المستوى يكلف 100 دولار شهرياً، أضف إلى ذلك أن الطبابة سابقاً كان يوفرها المواطن عبر الضمان الاجتماعي الذي كان يغطي غالبية الكلفة، أما اليوم فلا يصل إلى 10% من الكلفة، عدا عن أن قطاع الأدوية مأزوم، وفي كثير من الأحيان يضطر المواطن إلى البحث عن الدواء بأسعار السوق السوداء. وبما أن غالبية المواد رفع عنها الدعم فالمواطن يصرف وفق سعر الدولار، وبالتالي أصبحت الكلفة عليه أعلى من قبل في كل جوانب الحياة.

قد يكون المواطن يسيّر أموره اليوم، ولكن هذا لا يعني أنه يعيش فعلياً، فكلفة منزل مكون من 4 أفراد، أصبحت تحتاج إلى أكثر من 800 دولار للعيش حياة أقل من متوسطة، وبالتالي أصبح مبلغ الـ 450 دولاراً الذي كان الحد الأدنى للأجور، لا يكفي اليوم أي مواطن ليعيش حياة كريمة، وبالتالي حتى لو حصل على الحد الأدنى السابق للأزمة بالدولار فانه ينجو ولكن فعلياً لا يعيش.

شارك المقال