قطاع المفروشات… الأجنبي ليس أفضل من الوطني

حسين زياد منصور

على مدى سنوات عديدة، حظيت صناعة المفروشات في لبنان بـ “العز”، وشكلت إحدى دعائم الصناعة الوطنيّة وتشغيلها لليد العاملة المحليّة، وعرفت طرابلس خلال تلك الفترة بـ “عاصمة المفروشات في لبنان والعالم العربي”، اذ تركز عصب هذه الصناعة في شمال لبنان، وبقيت مستمرة منذ ما قبل تأسيس لبنان الكبير حتى خلال الحرب الأهلية وأوائل التسعينيات، وشهدت ازدهاراً واسعاً وكانت تعتاش منها آلاف العائلات الطرابلسية والشمالية، فضلاً عن تصدير كميات كبيرة من المفروشات الى الخارج، لكنها واجهت مشكلات عدة خلال فترة التسعينيات نتيجة قرارات أدت الى إغراق السوق اللبنانية بالمفروشات الأجنبية من كل بلدان العالم.

فبعد أن كان قطاع المفروشات يشكل ما يقارب 60٪ من مجمل اقتصاد الشمال وطرابلس، انخفضت هذه النسبة، ولم يبقَ من 5 آلاف مؤسسة تعمل في هذا القطاع سوى نسبة لا تتخطى الـ 3٪، اذ يجمع العاملون في هذا القطاع على أن معارض كثيرة أغلقت أبوابها نهائياً، ولا يزال عدد قليل صامداً وقد يقفل في أي لحظة، خصوصاً أن نسبة المبيعات تراجعت وتجاوزت 80٪، على الرغم من وجود تفاوت بين مؤسسة وأخرى في نقاط عدة أبرزها الزبائن وقدراتهم المادية، وامتلاك المؤسسات والمعارض عدداً من الفروع انطلاقاً من إمكاناتها.

ومنذ 3 سنوات والأزمة التي عصفت بلبنان، تلعب دوراً أساسياً في تدهور اقتصاده، وحرم دولار السوق السوداء الذي يواصل ارتفاعه من دون رادع، الكثير من اللبنانيين من شراء بضائع مستوردة، فكثر الحديث عن أهمية دعم الصناعة المحليّة وتنشيط الانتاج لتلبية احتياجات السوق اللبنانية وتصدير الفائض أملاً في الحد من عجز الميزان التجاري.

وأدى تراجع القدرة الشرائية وغلاء الأسعار وفقدان الرواتب والأجور قيمتها في ظل انهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي، الى امتناع الكثير من اللبنانيين عن تغيير أثاث منازلهم ومفروشاتهم، خصوصاً تلك المستوردة، فكان عليهم التأقلم مع هذا الواقع، أو اللجوء الى الإنتاج الوطني.

وبعد الكلام عن منع وزير الصناعة إستيراد المفروشات والأجهزة المكتبية من الخارج بحجة تشجيع الصناعة المحلية، والحد من تحويلات الدولار إلى الخارج، ما أدى إلى توقف العمل في أكثر من مئة مؤسسة تجارية وتسريح موظفيها وعمالها، استدعى ذلك توضيحاً من نقابة مخلّصي البضائع المرخّصين في لبنان، بأن القرار 1/53، الذي وضع بعض الشروط التي تعلقت بالمصانع الأجنبية المؤهلة لتصدير منتجاتها إلى لبنان، أصدره وزير الصناعة آنذاك وائل أبو فاعور بتاريخ 9 أيار 2019، وأن القرار المذكور لم يمنع إستيراد المفروشات من أي نوع كان، بل وضع بعض الشروط، كتسجيل المعامل التي تصدّر منتجاتها إلى لبنان، وتقديم المستوردين بعض المستندات التي تثبت أن هذه المصانع تطبّق نظام رقابة على الجودة، وأن هدف القرار حماية الصناعات المحلية والحدّ من إدخال المنتجات التي لا تحوز على المواصفات المطلوبة التي تشكل عنصر مضاربة على الصناعات المحلية.

وفي حديث لـ “لبنان الكبير” يقول عبود الجراح مالك أحد معارض المفروشات: “ربما تكون هذه فرصة لإنعاش الإنتاج الوطني، فعلى سبيل المثال، الانتاج التركي قد يكون سعره 2000 دولار أميركي، أما بالنسبة لي كمصنع لبناني فيمكنني أن أقدم لك المنتج نفسه بـ 200 دولار، ولكن هناك زبائن لا يقتنعون بأن الانتاج اللبناني مشابه للأجنبي أو أفضل منه، وفي هذه الحالة يعتاد المواطن على المنتج الوطني، ويتطور الانتاج أكثر فأكثر”.

اما علي فيملك معرضاً ومشغلاً للأثاث، ويرى أن القطاع تعرض للكثير من المشكلات منذ تسعينيات القرن الماضي وتم تهميشه بصورة كبيرة، وسيحتاج الى الكثير من المساعدة كي يتمكن من استعادة مكانته والقدرة على التصدير.

ويشير الى “مشكلات عدة نواجهها أبرزها فقدان اليد العاملة اللبنانية الفنية في هذا المجال، الى جانب البضائع التي تكون مهربة، على غرار المواد الأساسية التي نستخدمها، فمعظمها مستورد، من خشب ومسامير وغري…”.

وعن البيع خلال الفترة الماضية، يؤكد أن “هناك تراجعاً كبيراً في نسب البيع، ليس عندي فقط، بل لدى مختلف المؤسسات، بسبب ارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء، ولكن هناك فئة قليلة بقيت تطلب وتشتري، خصوصاً من يمتلكون الدولار ويتقاضون رواتبهم بالعملة الصعبة، ولجذب الزبائن عمدنا الى تقديم بعض العروض كالحسومات على الطلبيات الكبيرة لا سيما أن غالبية الطلبيات خلال الفترة الماضية كانت بسيطة”.

شارك المقال