التسعير بالدولار لصالح المستهلك إلا إذا…

هدى علاء الدين

بين الأول من شباط والسادس منه أسبوع حافل بالقرارات الدولارية لا سيما مع دخول لبنان مرحلة جديدة من مراحل الدولرة الشاملة، بحيث يبدأ اليوم رسمياً تسعير السلع الغذائية والاستهلاكية بالدولار بعد قرار واضح لوزير الاقتصاد باعتماد هذه الآلية كحل لمشكلة التلاعب بالأسعار التي دفع المواطن اللبناني ثمنها باهظاً خلال سنوات الأزمة ولا يزال حتى الآن في ظل غياب المراقبة والمساءلة والمحاسبة.

رئيس الاتحاد العمالي العام بشاره الأسمر أعلن رفضه قرار تسعير المواد الغذائية في السوبرماركت بالدولار الأميركي، داعياً إلى العودة عنه فوراً لأنه قرار غير دستوري وغير قانوني ولم يشارك فيه الاتحاد العمالي العام أو أيّ من المستهلكين أو الجمعيات التي تمثلهم. وأشار إلى أن الفقرة الثامنة من قانون حماية المستهلك تنص على أنه يجب تحديد الثمن بالليرة اللبنانية ويجوز بالاضافة الى ذلك، ذكر ما يعادله بالدولار أو بأي عملة أجنبية أخرى، ليكون المقصود بهذه الاضافة السائح أو الزائر الأجنبي الذي يحمل عملة أخرى وليس المستهلك اللبناني.

وفي هذا الاطار، أوضح الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن التسعير وإن سيكون بالدولار لكن الدفع سيبقى بالليرة اللبنانية، ما يعني أن الدفع لن يكون إلزامياً بالدولار ولا حصراً به، مشيراً إلى أن أصحاب السوبرماركات والمتاجر الغذائية غالباً ما كانوا يُسعّرون بضائعهم بزيادة تبلغ حوالي 5000 ليرة، أما اليوم ومع ضبط آلية التسعير وتحديدها بالدولار، فإن ذلك سيُلزم المتلاعبين بالأسعار الالتزام بسعر الصرف في السوق السوداء، وعليه، لن يكون هناك أي تسعيرة تفوق هذا السعر. على سبيل المثال، إذا كان سعر الصرف في السوق السوداء 63 ألفاً فسيضطر صاحب السوبرماركت إلى الالتزام بهذا السعر وعدم تجاوزه، ولن يكون المواطن مضطراً إلى الدفع بالليرة اللبنانية على سعر الـ 68 أو أي سعر يفوق السعر في السوق الموازية (أي 63) كما كان سائداً.

ووفقاً لأبو سليمان، فإن التسعير بالدولار هو حماية للمستهلك الذي لن يكون ضحية التاجر الجشع، لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا بتوافر رقابة صارمة تعمل على قمع التجاوزات والمخالفات في حال حدوثها. وعلى الرغم من تأكيد أبو سليمان أن اقتصاد لبنان هو اقتصاد حرّ، لكنه يُشدد على وجود هامش محدد للربح لا بد من الالتزام به وعدم تخطيه خصوصاً إذا ما كان على حساب المستهلك. أما بالنسبة الى موظفي القطاع العام، الفئة الأكبر التي لا تزال تتقاضى رواتبها بالليرة اللبنانية، فإن الافادة من منصة “صيرفة” ومن سعر الصرف الجديد لسحب الدولار سيساعدهم في تحمّل تغطية هذه النفقات.

في الظاهر تأتي تسعيرة الدولار كخطوة ضرورية لتثبيت أسعار السلع والبضائع على سعر العملة الأجنبية للتخلص من الاحتكار والتلاعب الفاضح بالأسعار نتيجة التقلبات الدائمة في سعر الصرف، لا سيما وأن الأسعار بمعظمها لم تشهد يوماً أي انخفاض على الرغم من انخفاض الدولار مراراً وتكراراً. أما على أرض الواقع الذي لا يوجد فيه أي رادع لمنع المخالفات، فإن الخوف من عدم الالتزام بسعر الصرف المحدد يومياً، ومن عدم اكتفاء التجار بهامش ربح معقول عبر رفع الأسعار بالدولار، في حين أن الخوف الأكبر يبقى من مطالبة بعض أصحاب السوبرماركات بالدفع بالدولار حصراً (لا سيما في حال انخفض سعر الصرف) من أجل حماية هامش ربحهم. عندها، تكون حصرية الدفع بالدولار من أخطر تداعيات هذه الخطوة على المستهلك وأصحاب الرواتب بالعملة اللبنانية مع ما سيرافق ذلك من ارتفاع في الطلب على الدولار وسعر صرفه.

شارك المقال